سورية

مواجهات بين جيش الاحتلال التركي ومتظاهرين بريف حلب على خلفية أحداث «قيصري» … قصارجيان لـ«الوطن»: الاعتداءات على السوريين لم تتوقف وملف اللاجئين يشكل ثقلاً على الحكومة التركية

| دمشق – منذر عيد – حلب- خالد زنكلو

أكد رئيس الإدارة التركية رجب طيب أردوغان أمس أن أحد أسباب الأحداث المحزنة في مدينة قيصري، هو «الخطاب المسموم للمعارضة التركية»، في حين أوضح الكاتب والباحث المختص بالشؤون التركية سركيس قصارجيان أن الاعتداءات على السوريين هي ضمن سلسلة مستمرة لم تتوقف، حيث تتصاعد حسب المعطيات والأحداث الداخلية في تركيا.

الاحتقان الذي ساد في مناطق هيمنة جيش الاحتلال التركي، على خلفية إحراق وتكسير الأتراك لمحال السوريين في ولاية قيصري التركية، تحول إلى ردود فعل طالت قواعد عسكرية غير شرعية لجيش الاحتلال التركي في مناطق هيمنته بأرياف حلب، وعاش السوريون في مدينة قيصري التركية، أول أمس، ليلة مرعبة بعد اندلاع أعمال شغب وسلسلة اعتداءات وتدمير وإحراق جماعية استهدفت ممتلكاتهم، في أكبر اعتداء جماعي ضد اللاجئين السوريين، وذلك على خلفية انتشار شائعة تتعلق باتهام شاب سوري بالتحرش بطفلة تركية.

وكالة «الأناضول» نقلت عن أردوغان أمس في الكلمة التي ألقاها خلال الاجتماع التشاوري والتقييمي مع الإدارات المحلية لحزب العدالة والتنمية توضيحه أنه من العجز اللجوء للكراهية لتحقيق مكاسب سياسية.

وقال: «لا يمكن تحقيق أي هدف من خلال تأجيج معاداة الأجانب وكراهية اللاجئين في المجتمع (…) الخطاب المسموم للمعارضة أحد أسباب الأحداث المحزنة التي تسببت بها مجموعة صغيرة في قيصري».

من جهته طالب نائب زعيم حزب الحركة القومية التركية إسماعيل أوزدمير بترحيل السوريين، بعد أن أثارت ادعاءات تحرش شاب سوري بطفلة، قيل إنها تركية، حسب ما ذكرت مواقع إلكترونية معارضة.

وأشار أوزدمير في تغريدة على موقع «إكس»، إلى توقعات الحزب بأن يتم تأمين عودة «كريمة لضيوفنا السوريين» إلى بلادهم، وهو ما يضمن سلامة وأمن تركيا.

وفي هذا السياق أكد الكاتب والباحث المختص بالشؤون التركية سركيس قصارجيان لـ«الوطن» أن الاعتداءات على السوريين هي ضمن سلسلة مستمرة لم تتوقف، حيث تتصاعد حسب المعطيات والأحداث الداخلية في تركيا.

وقال: «لا يمكن ربط هذه الاعتداءات بأي حدث طارئ بشكل مفاجئ إلا من باب أن يشكل هذا الحدث الشرارة التي تشعلها أو تُخرج النار من تحت الرماد، ورأينا سابقاً اعتداءات على السوريين في منطقة ألتن داغ بالعاصمة أنقرة».

وأوضح قصارجيان أن الضغوط على اللاجئين السوريين وعمليات الترحيل تسير على قدم وساق بغض النظر عن التطورات السياسية الأخيرة، في إشارة إلى التصريحات الصادرة من دمشق وأنقرة بشأن التقارب التركي- السوري، أو الأحداث التي تقع داخل تركيا، منوهاً بأن السبب هو أن ملف اللاجئين أصبح يشكل ثقلاً على الحكومة التركية التي باتت عاجزة عن الخروج من تحت وطأة هذا الملف، خاصة في ظل الضغوط المستمرة من خصوم أردوغان في المعارضة، وحتى من شريكه في السلطة دولت بهتشلي، بضرورة حل هذه المشكلة التي ظهرت بشكل أكبر بعد الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعصف بتركيا.

وأوضح أن أردوغان استغل سابقاً ملف اللاجئين بخطابات أكدت هذه الفرضية التي تقول إن أحد أسباب انهيار الاقتصاد في تركيا هو بسبب الأموال التي صرفت على اللاجئين السوريين، لأن أردوغان سابقاً تحدث عن عشرات مليارات الدولارات التي صرفها على اللاجئين، من دون أن يسمي أو يذكر أن هذه الأموال أتته من جهات دولية ومنظمات ودول، وبالتالي هو يدفع فاتورة هذه الخطابات أو هذه التصريحات التي لم تكن تستند إلى أرقام ومعطيات ومؤشرات حقيقية.

وتابع قصارجيان: «بتقديري هذه الضغوط ستستمر وسيحاول أردوغان قدر الإمكان تهدئة الشارع التركي وخاصة قاعدته الشعبية التي أيضاً باتت تعارض بشدة وجود اللاجئين السوريين في السنوات الأخيرة، والتهدئة ستكون من خلال تشديد القيود وتصعيد الإجراءات بحق اللاجئين السوريين، عبر إجراءات الترحيل أو القيود التي وضعت على إمكانية تنقلهم واستئجارهم سكناً أو محال تجارية، وإمكانية قبولهم في المشافي والجامعات، وكل الخطوات التي تغيرت خلال السنوات الأخيرة هي إرضاء للرأي العام التركي، ومحاولة لنزع ورقة اللاجئين كورقة ضغط على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحكومته».

وفي ردود الفعل التركية على الاعتداء على السوريين وأملاكهم في قيصري، أفادت مصادر محلية في بلدة الراعي الحدودية بمنطقة جرابلس شمال شرق حلب بأن مجموعة من الأهالي هاجمت شاحنات تركية ومنعتها من الدخول إلى الأراضي السورية، وهو ما حدث أيضا في مدينة الباب في الريف ذاته.

وذكرت المصادر لـ«الوطن» أن الأهالي، وبدعم من الميليشيات التي تسمى «الجيش الوطني» التابع لجيش الاحتلال التركي، أنزلوا العلم التركي من نقاط عسكرية لجيش الاحتلال التركي ومن معبري الراعي وباب السلامة قرب إعزاز بريف حلب الشمالي، وكذلك أزالوا العلم التركي من مؤسسات عديدة ضمن مدن إعزاز والباب وجرابلس وعفرين، حيث تصدت لهم في الأخيرة ما تسمى “الشرطة العسكرية” التابعة لـ«الحكومة المؤقتة» المعارضة والممولة من الإدارة التركية، ما أدى إلى مواجهات سقط خلالها جرحى من الأهالي.

وبينت المصادر أن جنود جيش الاحتلال التركي أطلقوا النار على متظاهرين حاولوا مهاجمة القاعدة العسكرية لجيش الاحتلال في مدينة الأتارب ونقطة عسكرية أخرى في بلدة الأبزمو بريف حلب الغربي، وذلك بعد إنزال العلم التركي من معبر الغزاوية في الريف نفسه، والذي يفصل مناطق سيطرة تنظيم «جبهة النصرة» بواجهته الحالية التي تدعى «هيئة تحرير الشام»، عن عفرين بريف حلب الشمالي الغربي.

إلى ذلك أعلن وزير الداخلية التركي علي يرلي قايا أمس توقيف 67 شخصاً يشتبه باعتدائهم على أملاك للسوريين بولاية قيصري، حسبما ذكرت وكالة «الأناضول».

ووصف قايا في منشور على «إكس» الأحداث التي تم خلالها إلحاق الضرر بمنازل ومحال وسيارات لسوريين بأنها لا تنسجم مع القيم الإنسانية للشعب التركي.

وشدّد على أن تركيا دولة قانون، وأنّ قوات الأمن ستواصل بكل حزم مكافحة الجريمة والمجرمين بكل صنوفهم، قائلاً: «لا يمكننا أن نسمح بكراهية الأجانب التي ليست من قيمنا الحضارية وغير موجودة في معتقدنا ولا في سجل تاريخنا».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن