فرنسا دخلت الشوط الأخير من سباق الانتخابات التشريعية المبكرة … أحزاب تبحث عن تحالفات في وجه أقصى اليمين قبل الدورة الثانية
| وكالات
دخلت فرنسا، أمس الأربعاء، الشوط الأخير من سباق الانتخابات التشريعية المُبكرة، مع إغلاق باب الترشيحات للدورة الثانية المقررة الأحد المقبل، فيما لا تزال الجبهة الجمهورية هشّة في صعود لافت لأقصى اليمين.
وانسحب 214 مرشحاً من خوض الدورة الثانية حسب وكالة «فرانس برس»، ومن المتوقع أن تشهد 109 دوائر فقط، منافسة بين ثلاثة أو أربعة مرشحين من أصل 311 دائرة كانت متوقعة بعد الدورة الأولى، وحاولت أحزاب من اليسار واليمين الجمهوري ويمين الوسط تخطي تحفظاتها وتناقضاتها، للتوصل إلى تفاهماتٍ تقطع الطريق على حزب «التجمّع الوطني» وحلفائه من أقصى اليمين.
وفي حال كانت عمليات تجيير الأصوات غير كافية ووصل «التجمع الوطني» فعلاً إلى السلطة، فسيشكل حزب مارين لوبان وجوردان بارديلا أول حكومة من أقصى اليمين في فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية، وأحدث الرئيس إيمانويل ماكرون صدمة بإعلانه حل «الجمعية الوطنية» في التاسع من حزيران الماضي، وعرف المشهد السياسي في البلد انقلاباً فعلياً مع تصدّر «التجمع الوطني» نتائج الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية، متقدماً على تحالف «الجبهة الشعبية الجديدة» اليساري.
وتُشير معظم التوقعات حول توزيع المقاعد التي صدرت في الأيام الأخيرة إلى أن «التجمع الوطني»، سيجد صعوبة في تحقيق الأغلبية المطلقة المقدرة بـ289 نائباً، وتتعزز فرضية قيام جمعية وطنية بثلاث كتل من أقصى اليمين واليسار و«الماكرونيين»، ما قد يجعل من فرنسا بلداً يتعذّر حكمه في وقتٍ يستعد فيه لاستقبال دورة الألعاب الأولمبية.
وندّد بارديلا بـ«تحالفات العار»، داعياً الناخبين إلى منحه مفاتيح السلطة «في وجه التهديد الوجودي للأمة الفرنسية» الصادر بحسبه عن اليسار، وتطرح زعيمة أقصى اليمين مارين لوبان حتى احتمال تشكيل حكومة بأغلبية نسبية من 270 نائباً، تُستكمل بدعم نواب من خارج التجمّع «على سبيل المثال من بعض اليمين وبعض اليسار وعدد من الجمهوريين».
وفي وجه هذه الموجة اليمينية المتطرفة، يسود التشتت بين قوى ذات توجهات مختلفة، تقوم بينها خصومات شديدة غير أنها باتت ملزمة بالتوصل إلى تفاهمات، وإن تمكّنت هذه القوى من تحقيق ذلك، فسوف يتحمل «الماكرونيون» وقسم من اليسار وبعض أعضاء حزب الجمهوريين مهمة بناء «ائتلاف كبير»، وفق ممارسة سارية في بلدان أوروبية أخرى، غير أنها غريبة عن التقاليد السياسية الفرنسية.
وأقرّت مارين توندولييه زعيمة حزب الخضر الفرنسي بأنه سيتعين «بالتأكيد القيام بأمور لم يفعلها أحد من قبل» في فرنسا، مؤكدة أنه «لن يكون هناك رئيس وزراء ماكروني»، وصدر الخطاب نفسه عن مسؤولين في اليمين وفي صفوف الماكرونيين، وفي طليعتهم رئيس الوزراء غابرييل آتال نفسه الذي تحدث عن «جمعية (وطنية) متعددة»، ورئيس حزب الجمهوريين كزافييه برتران الذي دعا إلى «حكومة انتفاضة وطنية»، غير أن هذا التقارب يبدو هشاً، إذ يخفي ريبةً عميقة مُتبادلة بين جميع هذه الأطراف.
فالحزب الاشتراكي، يخشى أن يُقدم مرشحو الجمهوريين الذين رفضوا الانسحاب، على «التحالف» مع «التجمع الوطني»، وقال الأمين العام للحزب بيار جوفيه: إن «الجمهوريين ملتبسون»، أما حزب «فرنسا الأبية» اليساري الراديكالي، أكبر أحزاب اليسار والأكثر جدلية، فاستبعد المشاركة في مثل هذا الائتلاف، وأكد أحد ممثليه مانويل بومبار أن الحزب «لن يحكم إلا لتطبيق برنامجه، البرنامج فقط، ويكون البرنامج كاملاً».
في الأثناء، يبقى ماكرون ملتزماً الصمت حتى لا يضعف معسكره أكثر، في وقتٍ يُواجه نقمة في صفوفه بعد اتخاذه القرار الذي أدخل فرنسا والأغلبية الرئاسية في المجهول، وحلّ حزبه الذي يحظى بأغلبية نسبية في الجمعية الوطنية المنتهية ولايتها، في المرتبة الثالثة في نتائج الدورة الأولى من الانتخابات بحصوله على 20 بالمئة فقط من الأصوات، وهو يستعدّ لهزيمة الأحد.