قضايا وآراء

الكيان وانتهاء مفعول شعار «معاداة السامية»

| تحسين حلبي

لا يتوقف قادة الكيان الإسرائيلي والحركة الصهيونية العالمية عن رصد ومتابعة أي هزائم أو انتكاسات يتعرض لها الكيان في سمعته وسردياته المختلقة ومبرراته المزعومة على الساحة الدولية وساحة الرأي العام العالمي فنراه يعد الخطط لحماية احتلاله ولاستمرار المذابح التي يرتكبها جيش الاحتلال في الأراضي المحتلة، وتبين لقادة الحركة الصهيونية العالمية أن الرد الوحشي العسكري الذي قام به الكيان بعد عملية طوفان الأقصى في تشرين الأول الماضي ولد رأياً عاماً عالمياً توحدت مواقفه المنددة بالاحتلال وعملياته الوحشية ضد أطفال ونساء فلسطين، واتسعت دوائر نشاطاته على مستوى الجامعات ومنظمات الرأي العام العامة والثقافية والإبداعية في جميع القارات بعد أن هزت وحشية المذابح ضد الفلسطينيين بوتيرة متسارعة الضمير العالمي وأصبحت جرائم إبادة شعب التي يرتكبها الكيان أهم موضوع انشغل به الرأي العام في هذا القرن.

وبهذا الشكل تحول إلى جدول عمل لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين ونزع الشرعية الدولية عن هذا الكيان لمصلحة الشعب الفلسطيني ضحية قرن من الاستعمار والاستيطان، ولذلك بدأ المحللون والمفكرون في الكيان بالتحذير من المضاعفات التي ستحملها حملات الرأي العام العالمي على شرعية الشعارات التي تستخدمها الحركة الصهيونية على الساحة العالمية لردع ومنع كل من يؤيد حقوق الشعب الفلسطيني وكل من يندد بالتنكر لحقوقه في الساحة السياسية والثقافية وساحة حقوق الإنسان وتقرير المصير، ومن بين هذه الشعارات أو السرديات المستخدمة لهذه الغاية شعار ما يسمى بـ«معاداة السامية» الذي فرضته الحركة الصهيونية والاستعمار البريطاني والغربي على دول العالم بعد الحرب العالمية الثانية وحددت له قانون عقوبات لكل من تتهمه بمعاداة السامية حين يندد بإسرائيل واحتلالها أو حين يعرب عن تأييده لحقوق الشعب الفلسطيني، وكانت الإدارة الأميركية قد أنشأت دائرة رسمية تابعة لوزارة الخارجية الأميركية يرأسها مبعوث أميركي من اليهود الأميركيين مهمتها رصد وملاحقة كل فرد أو ثقافة أو منظمة حكومية أو غير حكومية في العالم تتهمها بمعاداة السامية وتطلب من حكومات دولها منع وجود أو نشر ما تعده إسرائيل معادياً للسامية تحت طائلة فرض عقوبات أميركية وأوروبية عليها إذا لم تفعل ذلك، ويشير الموقع الإلكتروني لوزارة الخارجية الأميركية إلى وجود ما يزيد على 600 ممثل وموظف ممن يعمل في هذه الدائرة ولها مقرات في عدد من دول العالم مهمتها تقديم التقارير عمن يمكن اتهامه بمعاداة السامية، وكانت جرائم الاحتلال قد فجرت منذ تشرين الأول الماضي حركة رأي عام عالمية ثقافية وسياسية وفنية عالمية تدين الكيان وكل ما يمثله وفرضت على منظمات ومؤسسات شعار «معاداة السامية» في أوروبا والغرب العجز عن الوقوف أمام هذا المد العالمي المندد بإسرائيل برغم اتهامها لهذا المد بمعاداة السامية وهي التي رأت أن يهوداً من المواطنين في أميركا وأوروبا ودول العالم شاركوا في حملات الرأي العام المنددة بإسرائيل فأصبحوا بصفتهم يهوداً متهمين من الحركة الصهيونية بمعاداة السامية؟! أي معاداة أنفسهم، وبسبب هذه الهزيمة على الساحة العالمية نشرت صحيفة «معاريف» العبرية في الثاني من شهر تموز الجاري تحليلاً بقلم سفيرة إسرائيل الأولى في دول البلطيق بعد انهيار الاتحاد السوفييتي لورا هرتزيل بعنوان: «إسرائيل أصبحت عاجزة عن قيادة جبهة الدفاع عن شعار معاداة السامية» تطالب فيه يهود العالم بحماية هذا الشعار لأن إسرائيل تواجه حملة شديدة الصعوبة في صراعها ضد المنددين بها واتهامهم بمعاداة السامية، ولن يكون بمقدورها لوحدها النجاح في هذه المهمة، وتعترف هرتزيل بأن الساحة العالمية أصبحت في معظم جهاتها تندد بإسرائيل التي لم تستطع فرض شعار «معاداة السامية» بعد كل هذه الأشهر على أحداث قطاع غزة وانعكاساتها السيئة على إسرائيل في العالم، وتدعو هرتزيل إلى العمل على إيجاد حلفاء لإسرائيل لمواجهة الاستفراد بها وعزلها بعد تآكل مفعول شعار معاداة السامية الذي لم تكترث بوجوده طوال أشهر كثيرة دول الغرب التي تدافع بواسطته عن إسرائيل، ولذلك تطالب لورا هرتزيل بتنظيم حملات إعلامية وثقافية وإعداد ندوات سياسية وثقافية لصد هذا الهجوم الكاسح غير المسبوق على إسرائيل في تاريخ الحركة الصهيونية لأن انتهاء مفعول هذا الشعار سيجعل إسرائيل تفقد عامل ردع سياسي ثقافي ضد كل من يحاول نزع الشرعية عن وجودها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن