اقتصاد

736 شركة لسوريين أنشئت في دبي.. و45 بالمئة تراجع عدد الشركات الجديدة محلياً في الربع الأول … وزارة التجارة الداخلية لـ«الوطن»: عدد الشركات التراكمي 490 ألفاً.. يدل على المناخ الاستثماري الجيد في سورية

| راما العلاف

كشفت بيانات غرفة تجارة دبي للربع الأول من العام 2024 عن وجود 736 شركة يملكها سوريون أنشئت في دبي متفوقة على بريطانيا والصين من حيث عدد الشركات.

صحيح أنه من غير المنطقي أن يتم إجراء مقارنة في ظل الظروف التي تمر بها سورية حالياً من حصار وعقوبات اقتصادية أثرت بشكل كبير على واقع الاقتصاد، لكن يمكن لهذه الأرقام أن تؤكد قدرات السوريين المتميزة في مجال التجارة كما غيرها من الاختصاصات، الأمر الذي يؤكد بشكل غير مباشر أن تراجع عدد الشركات الجديدة المسجلة محلياً إلى 2398 شركة بالمقارنة مع الشركات المسجلة في الربع الأول من العام الفائت، والتي بلغت  4320 وفقاً لبيانات مديرية الشركات في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، أي بتراجع بلغ نحو 44 بالمئة، يعود إلى عدد من العوامل، برره مصدر في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حديثه لـ«الوطن» قائلاً: إن ازدياد عدد الشركات التي تأسست بين عامي 2017 و2018 عن الشركات المؤسسة فيما بعد يرجع إلى عدة أسباب منها، استقرار الأوضاع السياسية والأمنية في سورية في بعض المحافظات، ما أدى إلى إقبال كبير على تأسيس الشركات وتسجيلها خلال هذه الفترة، لافتاً إلى أن نسبة الشركات في عامي 2021 و2022 أكبر بكثير من الآن، مشيراً إلى أن إجمالي عدد الشركات التراكمي البالغ أكثر من 490 ألفاً شركة يؤكد وجود مناخ استثماري جيد جداً في سورية ناجم عن استقرار الأوضاع.

وفيما يخص تراجع عدد السجلات التجارية الفردية أكد المصدر أن القرار الصادر عام 2021 الذي ألزم كل من يمارس مهنة أن يصدر سجلاً تجارياً، بالتالي شهدت تلك الفترة إقبال جميع المحال على إصدار سجلات تجارية لذلك تركزت الأرقام الكبيرة قبل عام 2023.

هجرة رؤوس الأموال

من جانبه رأى الأستاذ في كلية الاقتصاد جامعة حلب الدكتور حسن حزوري في حديثه لـ«الوطن» وجود أسباب عديدة ومتشابكة لهجرة رؤوس الأموال وأصحاب الشركات وأصحاب الخبرات الفنية من سورية وأهمها الحرب والحصار الاقتصادي والعقوبات من جهة، وسوء إدارة الموارد الاقتصادية المتاحة من جهة أخرى، ولفت إلى أنه رغم توقف الحرب وتحرير قسم كبير من الأراضي والمدن والمناطق التي كانت خارج السيطرة إلا أن رؤوس الأموال المهاجرة لم تعد إلى الوطن نتيجة عدم شعورها بالأمان الاقتصادي.

وأشار حزوري إلى ازدياد الوضع الاقتصادي سوءاً خلال فترة الحرب الاقتصادية على سورية والوصول إلى مرحلة التضخم الركودي، ما أدى إلى هجرة المزيد من رجال الأعمال مع رؤوس أموالهم إلى دول عديدة، وخاصة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة وإلى مصر.

ورأى أنه رغم كل القوانين التحفيزية والمشجعة كقانون الاستثمار والقرارات التي رافقته كانت النتائج متواضعة وحجم رأس المال المهاجر أكبر بكثير من حجم رأس المال المستثمر داخلياً، وذلك نتيجة استمرار بيئة الأعمال الطاردة للاستثمار وسوء إدارة الموارد الاقتصادية المتاحة من الجهات الوصائية المختلفة التي ترافقت مع سياسة اقتصادية عززت الاحتكار بدل المنافسة، ما أدى إلى هجرة رأس المال الأهم من الموارد المالية وهو رأس المال البشري بما يمثله من قوى عاملة فنية واختصاصية، حيث هيمن الفساد على معظم المرافق الإدارية والاقتصادية والاجتماعية ما جعل من الاقتصاد السوري اقتصاد سوق مشوهاً.

ورأى الحزوري أن بيئة الأعمال الطاردة تمثلت بأسباب كثيرة من أهمها عدم توافر مقومات نجاح الصناعة رافعة الاقتصاد والمتمثلة بحوامل الطاقة من كهرباء وغاز وفيول ومازوت، وتسعيرهما بأسعار أعلى من الأسعار العالمية كتسعيرة الكهرباء مثلاً، وباقي الحوامل المتوافرة بالسوق السوداء أسعارها عالية، ما يجعل من تكلفة المنتج السوري كبيرة ويفقد قدرته في المنافسة الخارجية إن سمح بالتصدير وغير قادر على تصريف الإنتاج داخلياً نتيجة ضعف القدرة الشرائية للمواطن وانخفاض الدخل ما يجعل المنشآت الإنتاجية تعمل بطاقة منخفضة ما يزيد من التكاليف.

ولفت إلى عدم استقرار البيئة القانونية والقرارات التنفيذية وتناقضها أحياناً حيث نجد أن رجل الأعمال السوري، وخاصة الصناعي لا يستطيع التنبؤ بالقرارات الحكومية القادمة من جهة إصدار القوانين الاقتصادية أو تعديلها وإعادة إصدارها مرّة أخرى، ضارباً مثلاً تذبذب في قرارات الاستيراد، إذ يصدر قرار يسمح باستيراد مادة معينة ليتم منعها بعد مدة قصيرة، ويترافق ذلك مع تعقيد إجراءات الاستيراد التي تمنع وصول مستلزمات الإنتاج في الوقت المناسب.

وأشار الحزوري إلى تضارب وتناقض السياستين المالية والنقدية، وتقييد حركة تنقل الأموال بين المدن وتقييد السحب اليومي والتمويل عبر المنصة ورفض تسليم الحوالات بالعملة التي وردت فيها.

وفيما يخص واقع الاستثمار في سورية أكد حزوري أن الاستثمار ما يزال خجولاً ومتواضعاً حيث أن عشرات المشاريع التي أعيد ترميمها أو بناؤها تعاني صعوبات جمة بسبب عدم كفاية البنية التحتية وحوامل الطاقة ووجود تشريعات معيقة للاستثمار، رغم أن قانون الاستثمار رقم 18 لعام 2021 والقانون رقم 2 لعام 2023، مساهم في التمهيد لتأسيس مشاريع صناعية وزراعية وسياحية وتجارية بما يتضمن من محفزات وميزات وإعفاءات وتسهيلات لمن يريد الاستثمار في سورية، وتعهده بإيجاد بيئة استثمارية تنافسية والاستفادة من الخبرات التخصصية والعمل على توسيع قاعدة الإنتاج وفرص العمل ورفع معدلات النمو الاقتصادي، في المقابل هناك قوانين وقرارات وسياسات تخلق بيئة غير مناسبة للاستثمار، وعلى رأسها البيروقراطية والروتين وقوانين تجريم التعامل بغير الليرة السورية.

ونوه حزوري بفرص الاستثمار الواعدة في سورية والكبيرة جداً وهي متاحة في كل القطاعات الزراعية والصناعية، ولاسيما التحويلية بمختلف أنشطتها والسياحية والتجارية والخدمية، وخاصة في ظل التكامل بين الزراعة والصناعة فيما لو تم التخطيط لها بشكل جيد ومتكامل عبر تخطيط إقليمي وتنموي، ونجاح هذه الفرص يتوقف على تجاوز التحديات المعيقة للاستثمار من بنية تحتية وحوامل طاقة وعلى رأسها تأمين الكهرباء وشبكة اتصالات حديثة وإنترنت، تساعد على تحقيق النمو الاقتصادي وعلى التحول تدريجياً نحو الاقتصاد الرقمي.

وأكد أن خلق الفرص الاستثمارية والنهوض بواقع الاقتصاد السوري يتطلب إيجاد حلول ومعالجات، تتلخص في توفير حوامل الطاقة وخاصة الكهرباء، فلا زراعة ولا صناعة ولا اقتصاد نام من دون كهرباء، مع التشجيع على الاستثمار في الطاقات المتجددة ولاسيما الشمسية، وهذا يستدعي صدور صك تشريعي يفرض رسماً جمركياً منخفضاً على مكونات منظومة الطاقة الشمسية، مطالباً في إعادة النظر بالضميمة التي فرضت مؤخراً على ألواح الطاقة الشمسية التي تعادل 25 دولاراً على كل لوح من دون تمييز، ما أدى لزيادة التكاليف بشكل كبير، حيث أصبحت التكلفة في سورية تعادل ضعفي تكلفة دول الجوار، وهذا لا يتناسب مع أهداف الحكومة بتشجيع الاعتماد على الطاقات البديلة وتخفيف الضغط على حوامل الطاقة التقليدية.

وشدد على ضرورة إيجاد بيئة تشريعية وقوانين واضحة متكاملة وغير متناقضة يستند عليها الاقتصاد ضمن رؤية اقتصادية واضحة وأهداف قابلة للتنفيذ، واقتصاد تسوده منافسة حقيقية شريفة، بعيدة عن الاحتكار بكل أشكاله.

وفي تفاصيل بيانات مديرية الشركات فقد كشفت عن تسجيل 2124 شركة أفراد مقارنة بـ 3894 شركة في الربع الأول من العام 2023، و123 شركة تضامن مقابل 179 شركة في 2023، و35 شركة توصية مقابل 77 شركة في 2023، و4 شركات مساهمة مقابل 5 في 2023، إضافة إلى تسجيل 3 شركات مشتركة في حين لم تسجل أي شركة مشتركة في الربع الأول من العام 2023.

كما تشير البيانات إلى تسجيل شركة واحدة مدنية وأخرى خارجية في الربع الأول من العام 2023 في حين لم تسجل أي شركة من هذا النوع في 2024.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن