ثقافة وفن

عشر سنوات على رحيل أدهم الملا.. عاصر حقبات مهمة من تاريخ الشام وأسس أسرة فنية متميزة

| وائل العدس

يتذكره جمهور مسلسل «باب الحارة» جيداً وهو يصرخ بشخصية «أبو محمود» قائلاً: «قرّبت»، لتكون هذه الأخيرة التي أدّاها قبل وفاته.

إنه الممثل الراحل أدهم الملا الذي غادر دنيانا قبل عشرة أعوام عن عمر 82 عاماً، وهو أحد الوجوه الشهيرة في مسلسلات البيئة الشامية، وهو الممثل الذي حضر في الأعمال الشامية، كنوع من التقليد التراثي، بعد أن عاصر حقبات مهمة من تاريخ الشام، وعايش المراحل التي غاص فيها ولداه الأخوان بسام ومؤمن في مسلسلاتهما التي لن تمحى من الذاكرة.

لم يختر مكاناً يرتاح فيه وله، إلا على الشاشة، حيث واظب على العمل ممثلاً عصامياً وملتزماً المواعيد، وعاش حياته عاشقاً لعبق الياسمين الدمشقي، والأصالة المستوطنة في قلب الحارة الدمشقية القديمة. لم يعرف في حياته سوى العمل مقروناً بالحب والتضحية، وأسس أسرة فنية مع أولاده (المخرجين بسام ومؤمن وبشار، والممثل والمونتير مؤيد).

يُعرف بأنه كان رجلاً مثقفاً وقارئاً من الدرجة الأولى بعد أن تأثر بوالده وأخذ عنه كتابة الشعر وامتاز بها جداً لدرجة أنه كان يكتب الشعر وكان مقلاً في ذلك لكنه كان يكتب النفيس والجميل والرائع في الوصف.

آل الملا الفنية

بدأ الملا مشواره الفني عام 1970 عندما اكتشفه المخرج غسان جبري، فمنحه أول أدواره في مسلسل «الدولاب» عام 1972، لتتتالى بعده أعماله ويصبح أبرز الوجوه في الدراما السورية.

وكان موظفاً في قسم المالية والمحاسبة بالهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون قبل أن يقتحم عالم التمثيل، ومنها انطلق في عالم التمثيل فشارك في أداء أدوار الشخصيات الطيبة والودودة، المعتمدة على الظرافة وخفة الظل، قبل أن تتجسد أعماله مع معظم المخرجين الكبار.

في تلك الفترة كان ولداه يشاهدانه عبر الشاشة، فالتمسا منه إيعازاً بالانطلاق متى يشاءان إلى عالم الدراما، فتفجر ذلك البيت عن أكثر من مبدع يعود الفضل لأدهم الكبير بصنعهم.

نجح في ضخ أفكار بيئية وعادات متأصلة بأولاده، فنتج عنها بيئة شامية في دراما عربية لم تكن تعير أعمالاً كهذه تلك القيمة من قبل.

ففي مطلع التسعينات، فاجأ نجله بسام الجمهورين السوري والعربي بمسلسل خارج عن الزمن، كان ذلك مسلسل «أيام شامية».

وجاء في تصريح لأدهم الملا بعد ذلك بسنتين، بأن ولده بسام قادر على إحياء التراث السوري والدمشقي، من خلال أعمال تحاكي عادات وقيماً ليست مستحيلة عودتها.

تلقف الولد إطراء الأب، واصطبر لعشر سنوات فقط حتى فجر كل طاقاته، فأبدع في مسلسل «ليالي الصالحية» ما يشبه أيام شامية، لكن بصورة مختلفة وأبعاد مغايرة وبأدوات أكثر حداثة، وكان الأب شريكاً للابن في تحقيق ذلك.

لتنطلق العجلة الملاوية في مسلسلات البيئة الشامية، بعد نجاح سابق لمسلسل «الخوالي» الذي تجسدت فيه البيئة الشامية بأبهى صورها من خلال بطولة الشاب الشعبي نصار «ابن عريبي»، الأمر الذي يؤمن به أدهم فأورثه لولده.

وتصل عقارب الساعة إلى زمن مختلف وأدوات وجهات إنتاجية مختلفة، ففي عام 2006 تفتقت قريحة آل الملا عن عمل عربي سوري تمت مشاهدته في وسط الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، إنه مسلسل «باب الحارة» الذي لم يبق طفل أو رجل أو امرأة أو مسن، إلا وحفظ عن ظهر قلب أبطاله وتفاصيله.

بعدها في عام 2014 قام ولده مؤمن بفتح سوري شامي في سماء الخليج العربي، وحمل بيئة الشام معه ووضعها في طائرة وحط رحاله بها في قلب أبو ظبي ليصور مسلسلاً بيئياً شامياً هناك بعنوان «حمّام شامي».

بين الجزأين الخامس والسادس من «باب الحارة» أنجز مؤمن عام 2011 مسلسل «الزعيم».

كل ذلك والملا الأكبر مشاركاً، وينتظر بفارغ الصبر عودة «باب الحارة» بجزء سادس بعد توقفه لمدة أربع سنوات، فشاهد الأب حلقتين فقط من هذا الجزء، ثم أغمض عينيه وسلّم روحه إلى بارئها راحلاً عن حياة أعطاها الكثير، فناً وإبداعاً وأولاداً مبدعين.

أعماله

يحمل رصيد أدهم الملا ما يقارب ستين عملاً درامياً، نذكر منها «المفسدون في الأرض» عام 1973 و«انتقام الزباء» عام 1974 و«فوزية» عام 1977 و«حارة الملح» و«أبو الخيل» عام 1980 و«تلفزيون المرح» عام 1981 و«مرايا» عام 1984 و«عودة عصويد» عام 1985 و«نساء بلا أجنحة» عام 1987 و«حارة نسيها الزمن» عام 1988 و«شجرة النارنج» عام 1989 و«الزاحفون» عام 1990 و«هجرة القلوب إلى القلوب» و«الخشخاش» عام 1991 و«أيام شامية» و«طرابيش» و«الأخوة» عام 1992 و«ابتسامة على شفاه جافة» و«طرائف أبي دلامة» و«الجذور لا تموت» عام 1993 و«حمام القيشاني» عام 1994 و«نهارات الدفلي» و«الثعبان» و«خلف الجدران» عام 1995 و«القيد» و«المحكوم» و«قانون الغاب» و«ياسين تورز» عام 1996 و«بنت الضرة» و«العبابيد» عام 1997 و«عيلة أكابر» و«مذكرات عائلة» عام 1998 و«عودة غوار» و«حي المزار» و«رقصة الحبارى» عام 1999 و«الخوالي» عام 2000 و«صلاح الدين الأيوبي» عام 2001 و«الرحيل إلى الوجه الآخر» عام 2002 و«حكايا من ظرفاء ولكن» عام 2003 و«ليالي الصالحية» عام 2004 و«باب الحارة» عبر خمسة أجزاء من عام 2006 وحتى عام 2010 و«الزعيم» عام 2011.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن