رياضة

البدلاء يقولون كلمتهم في نهائي برلين ورودري ويامال الأفضل … القارة العجوز تزف لاروخا فوريا زعيماً لها وأسود إنكلترا بلا زئير … لاوتارو يهدي ميسي كوبا أميركا والتانغو ينفردون بالزعامة

| خالد عرنوس

رقمان قياسيان جديدان وانفراد لزعيمين جديدين في أهم بطولتين قاريتين على مستوى العالم فقد نجح منتخبا إسبانيا والأرجنتين بالتتويج بلقبي يورو 2024 وكوبا أميركا 2024 ليتسيدا قارة أوروبا وأميركا بعد ليلة كروية صاخبة امتدت أحداثها حتى صباح أمس.

ففي ملعب برلين الأولمبي لم يفوت المنتخب الإسباني الفرصة التاريخية لاعتلاء زعامة كأس الأمم الأوروبية فتغلب على نظيره الإنكليزي بهدفين لهدف بعد نهائي ممتع ومثير أثبت من خلاله اللاروخا فوريا أنه على قدر الظفر باللقب الرابع متفوقاً على ممثل أم الكرة منتخب الأسود الثلاثة الذي قدم بدوره عرضاَ جيداً لم تنقصه الجرأة ولا الجودة إلا أنه لم يقو بالنهاية على صد الفريق الأفضل بكل المقاييس، وبذلك انفرد اللاروخا بمقعد زعامة البطولة القارية متقدماً على المانشافت الألماني.

وفي هارد روك في فلوريدا الأميركية خطف منتخب التانغو الأرجنتيني الفوز بعد 120 دقيقة من اللعب اللاتيني القاسي من نظيره الكولومبي بهدف كان كافياً لإضافة لقب جديد لكتيبة الألبيسيليستي بقيادة الأسطورة ليونيل ميسي الذي ضحك ملء شدقيه بعدم أن ذرف دموعاً كثيرة لاضطراره إكمال النهائي من مقعد البدلاء.

شوط سلبي

نتيجة التعادل بلا أهداف ساد الشوط الأول الذي لم يكن كذلك جاء سريعاً ومثيراً حاول كلا الطرفين خلاله فرض أفضليته فكانت البداية إسبانية قبل أن يعود الإنكليز ليقدموا أفضل دقائقهم في البطولة وسنحت للفريقين عدداً من الفرص وبدا رفاق كين أسرع وصولاً إلى مرمى أوناي سيمون وداهموا دفاعات اللاروخا بهجمات سريعة افتقدت للنهايات السليمة وحاول بيلنغهام وساكا تقديم العون للهداف كين إلا أن كل هذا لم يفلح بفك شيفرة المرمى الأحمر مع ملاحظة استبسال الدفاع في إبعاد الخطورة الإنكليزية خارج مربع العمليات، وبالمقابل أظهر الإسبان ثقة كبيرة في نقل اللعب عبر الخطوط الثلاثة ومحاولة الاختراق من الوسط أحياناً ومن الجناحين معظم الأوقات لكنهم بدورهم لم يترجموا أفضليتهم النسبية إلى أرقام مفيدة.

توقع الخبراء إن يتأثر وسط الإسبان بخروج رودري بين الشوطين للإصابة إلا أن البداية الصارخة هجومياً أسفرت عن هدف التقدم الذي زاد رفاقه ثقة وقد جاء من نيكولاس ويليامز بتسديدة منحرفة من دخل الجزاء بتمريرة لامين يامال في الدقيقة 47، وحاول الإنكليز الرد بسرعة ولم يتأخر المدرب ساوثغيت بإشراك واتكينز تميمة الفوز على هولندا في نصف النهائي لكن لم ينفع ثم أشرك كول بالمر الذي استطاع من أول لمسة بعد أقل من دقيقتين على دخوله إدارك التعادل من تسديدة أرضية بعيدة سكنت الزاوية اليمنى لمرمى سيمون (73) ليستعيد الإنكليز رباطة جأشهم فيما تبقى من وقت فحاولوا خطف الفوز على غرار ما فعلوا في نصف النهائي.

بالطبع لم يكن الإسبان أقل شغفاً بل كانوا الأوضح خطورة ويمكن القول إن الحارس بيكفورد أجّل سقوط الإنكليز الذي جاء بعد اعتماد الفريقين الكرات السريعة والتمريرات القليلة للوصول إلى المرمى المنافس وذلك للحفاظ على التوازن الدفاعي، ومن إحدى هذه الهجمات مرر البديل أوريازابال كرة ناحية ويليامز الذي أعادها إليه مقشرة داخل منطقة الجزاء لم يجد هداف سوسيداد صعوبة في تحويلها هدفاً ثانياً كان حاسماً مهدياً الكأس للإسبان الذين شكروا كثيراً حارس مرماهم بتصديه لرأسية إنكليزية، وشكل أكبر داني أولمو الذي أنقذ الكرة مرة أخرى قبل تجاوزها الخط وكل ذلك في الوقت بدل الضائع لتذهب أحلام الإنكليز أدراج الرياح.

بطل مثالي

عندما سئل إيكر كاسياس بطل أوروبا 2008 و2012 عن مواجهة ذاك الجيل مع الجيل الحالي فضل جيله ورشحه للفوز، وقد يكون ما قاله كاسياس صحيحاً فاللاروخا بطل تلك الأيام أثقل من ناحية الأسماء والنجوم لكن هذا لا يمنع أنه تعثر غير مرة خلال مسيرته إلى اللقبين، ولم يخسر أيامها إلا أنه تعادل 3 مرات في البطولتين واحتاج لركلات الترجيح مرتين، بينما المنتخب الحالي حقق رقماً قياسياً غير مسبوق بعدما سجل 7 انتصارات كاملة في طريقه على منصة التتويج وهذا الرقم لا يتعلق باللاروخا فحسب بل على مستوى تاريخ البطولة، وهذا الأمر يحسب للاعبين والمدرب، فقدم الفريق أداءً ثابتاً في كل المباريات ولم تأت انتصاراته بالسهولة المنتظرة لكنه بالمقابل لم يعان سوى مرات قليلة طوال مسيرته في البطولة.

اللافت أن المنتخب الإسباني خرج من الدور الأول بشباك نظيفة قبل أن يتلقى الهدف الأول في المباراة الرابعة واعتاد على تلقي هدف في كل مواجهة بعده وقد سجل في المباريات الثلاث الأخيرة 6 أهداف بواقع هدفين كل مرة، وعدا فوزه التدريبي على ألبانيا وفوزه الكبير على جورجيا نجد أن فريق لويس ديلا فوينتي فاز على كرواتيا وإيطاليا وألمانيا وفرنسا وإنكلترا وكلها من المنتخبات الكبيرة أو بشكل أدق كانت مرشحة للمنافسة على اللقب، وبالمقابل خسر المنتخب الإنكليزي للمرة الأولى في البطولة وللمرة الأولى في نهائيات يورو بعد 13 مباراة مؤكداً عقدته مع هذه البطولة فقد أصبح أول منتخب يخسر النهائي مرتين متتاليتين.

أرقام وجوائز

– باختصار شهدت البطولة بمبارياتها الـ51 تسجيل 117 هدفاً بمعدل (2.29) في المباراة الواحدة، وجاء 6 أهداف في نصف النهائي و8 أهداف فقط في ربع النهائي و19 هدفاً في دور الـ16 و81 هدفاً بالدور الأول، وسجل الفريق البطل منها 15 هدفاً كأقوى هجوم بينما تلقى المنتخب الفرنسي 3 أهداف كأفضل دفاع مقابل 4 أهداف بمرمى الإسباني.

– وتابع البطولة من المدرجات 2681288 متفرجاً أي بمعدل 52574 متفرجاً في المباراة الواحدة، والمباراة الأعلى حضوراً تلك التي جمعت هولندا وتركيا (70019 متفرجاً).

– اختير لاعب خط وسط إسبانيا رودريغو هيرنانديز المعروف بـ (رودري) كأفضل لاعب في البطولة، فقد قدم كعادته مع ناديه مانشستر سيتي بطولة مثالية على الرغم من خروجه بين شوطي النهائي، وكان رودري احتفل بعيد ميلاده الثامن والعشرين قبل نهاية الدور الأول من البطولة (22/6).

– ولم يأت تتويج زميله الفتى لامين يامال بجائزة أفضل لاعب شاب خارج نطاق التوقعات وقد أبلى في البطولة بلاءً كبيراً فكان أصغر من يسجل في تاريخها وصنع أربعة أهداف أخرى ومنها الهدف الأول في مباراة التتويج، وجاء تتويجه باللقب الفردي والجماعي كهدية أكثر من رائعة بعد يوم واحد من احتفاله بعيد ميلاده السابع عشر.

– ولأن الاتحاد الأوروبي لن يفاضل بين الهدافين في حال تعادل أكثر من لاعب بعدد الأهداف فيمكننا القول إن جائزة الهداف توزعت بين ستة لاعبين سجل كل منهم 6 أهداف وهم: جيورجي ميكوتادرزي (جورجيا) وجمال موسيالا (ألمانيا) وهاري كين (إنكلترا) وداني أولمو (إسبانيا) وإيفان سكرانز (سلوفاكيا) وكودي كاغبو (هولندا).

ليلة عصيبة

لم تكن ليلة عادية في مدينة ميامي، ففي الليلة الختامية للعرس الكروي في القارة الأميركية كانت البداية من الهرج الجماهيري الذي أخّر انطلاق النهائي لأكثر من ساعة أربكت الفريقين وأكدت الفشل التنظيمي للدولة العظمى لمثل هذا الحدث القاري المنتظر، وبعد طول انتظار انطلقت الموقعة التي أرادها الكولومبيون لإفساد خطط الأرجنتينيين لتزعم البطولة والاحتفاظ بلقبها وعلى غرار ما فعل خاميس ورودريغيز ورفاقه بتألقهم خلال مباريات النسخة الحالية واصلوا أفضليتهم أمام الأبطال وكانوا طوال تسعين دقيقة الأحسن والأكثر وصولاً إلى المرمى وخطورة مع بعض الهبات الساخنة التي قادها ليونيل ميسي وتأكد الأمر عقب خروج (البرغوث) متأثراً بإصابة كاحله.

كرمى لدموع ليو

وبقي فريق القهوجية أميز من فريق التانغو إلا أن لاعبي الأخير حاولوا إنهاء الأمر قبل نهاية الوقت الأصلي فأظهروا معدنهم كأبطال للعالم وبدا أنهم يحاولون رسم البسمة على وجه القائد ميسي الذي بقي يبكي لدقائق، ويمكن القول إن ربع الساعة الإضافي الأول أعاد للاعبي سكالوني الهيبة تماماً فكانوا قريبين من الحسم الذي جاء في الربع الأخير عبر هجمة منظمة ختمها هداف البطولة لاوتارو مارتينيز على الوجه الأمثل بالشباك معلناً تتويج منتخب بلاده باللقب مرة أخرى.

ومضت الدقائق المتبقية وازداد مدافعو الأرجنتين فيها قتالاً للذود عن عرينه الذي حماه ببسالته المعتادة إيميليانو مارتينيز وارتفعت وتيرة اللعب الخشن وزادت القسوة لكن الثابت أن منتخب الأرجنتين قلد منتخب إسبانيا الذي توج بلقبين أوروبيين وبينهما لقب عالمي فقد توج بطلاً لكوبا أميركا 2021 و2024 وبطلاً للعالم 2022.

فلاشات

– تضمنت البطولة 32 مباراة سجل فيها 71 هدفاً أي بمعدل 2.19 في المباراة الواحدة، وجاء 6 أهداف من علامة الجزاء وهدف وحيد بطريقة عكسية.

– حضر المباريات في المدرجات 1506578 متفرجاً أي بمعدل 47081 متفرجاً في المباراة الواحدة.

– توج الأرجنتيني لاوتارو مارتينيز هدافاً للبطولة برصيد 5 أهداف وبفارق هدفين عن الفنزويلي سالمون روندون وسجل 11 لاعباً هدفين، علماً أن رصيد لاوتارو أصبح 10 أهداف في البطولة سحلها خلال 16 مباراة لعب الدقائق الكاملة في ثلاث منها فقط.

– اختير الكولومبي خاميس رودريغيز كأفضل لاعب في البطولة والأرجنتيني إيميليانو مارتينيز كأفضل حارس مرمى ومنحت جائزة اللعب النظيف لمنتخب كولومبيا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن