ما مستقبل حلف الناتو؟
| دينا دخل الله
على الرغم من أن عمر منظمة حلف شمال الأطلسي «ناتو» قد تخطى خمسة وسبعين عاماً، إلا أنه قد لا يكتب لها البقاء على قيد الحياة أكثر من خمس سنوات قادمة بغض النظر من سيكون ساكن البيت الأبيض الجديد.
يواجه حلف شمال الأطلسي أزمات وجودية منذ سقوط جدار برلين عام 1989 إلى يومنا هذا، ولعل هذا مرتبط كل الارتباط بالهدف من إنشاء هذه المنظمة، فما هدف هذا التحالف العسكري الدفاعي القديم الذي أنشئ في حقبة الحرب الباردة، بعد انتهاء هذه الحرب؟
استمر حلف شمال الأطلسي في التحرك لتجنب الموت، حيث تدخل الحلف في حروب البلقان في التسعينيات، وقد استقبل عشرات الأعضاء الجدد من الكتلة السوفييتية السابقة، حتى إنه ذهب أبعد من منطقة نفوذه التقليدية إلى خارج أوروبا عندما شارك في أحداث أفغانستان والعراق بعد أحداث 11 أيلول عام 2001.
يرى مراقبون أن أزمة حلف الناتو الحالية مختلفة عن كل ما سبق.
أثناء اجتماعه الأخير في واشنطن للاحتفال بعيد ميلاده الخامس والسبعين، لم يكن الناتو أكثر وضوحاً وإلحاحاً بشأن مهمته من أي وقت مضى، المدافعون عن الحلف يرون أنه لا ينبغي أن تكون هناك أي شكوك وجودية، فالحلف مجموعة مكونة من 32 دولة موجودة للدفاع عن الجناح الغربي للديمقراطيات ضد روسيا «العدوانية» وحليفتها الصين.
قد تكون مهمة الحلف الأطلسي واضحة في نظر البعض إلا أن البعض الآخر يرى أن الهدف من وجود الحلف قد انتهى، فموسكو اليوم لم تعد هذا العدو الأيديولوجي الذي كان يهدد الأيديولوجية الغربية، وروسيا الآن أصبحت دولة لا تختلف في نمط حياتها واقتصادها عن باقي دول الحلف، بل ربما أصبحت رأسمالية أكثر من بعض دول أوروبا كالنمسا والسويد.
يحاول البيت الأبيض بقيادة الديمقراطيين الذين يؤمنون بالتحرك العسكري ضد روسيا والصين، بدعم استمرار الناتو وتوسعه حتى يصل إلى أبواب موسكو، وما يحدث في أوكرانيا خير دليل على ذلك، في حين يعمل الفريق الآخر وهو فريق الرئيس السابق والمرشح للانتخابات دونالد ترامب على وضع خطط من شأنها أن تقلب التحالف رأساً على عقب كما أوضح الصحفي مايكل هيرش، وفي أوروبا، كان أداء السياسيين الموالين لروسيا والمشككين والمعادين لحلف شمال الأطلسي «ناتو» جيداً، لذلك يضع الحلف والحكومات خططاً لمواجهة إدارة مختلفة في واشنطن.
إن التحدي الأكبر الذي يواجه حلف شمال الأطلسي يتجاوز من يتولى السلطة في البيت الأبيض أو أي عاصمة أخرى. وبالنظر إلى المستقبل، فمن المرجح أن تكون الولايات المتحدة، في ظل أي إدارة، قد بلغت حدود ما يمكنها أن تفعله من أجل أوكرانيا، وسوف ترغب في أن تكثف أوروبا جهودها وتستفيد بشكل أفضل من ميزانياتها الدفاعية، ولقد عاد اهتمام أميركا إلى الشرق الأوسط والصين، وسيتعين على حلف شمال الأطلسي أن ينسجم مع تلك الخطط بطريقة أو بأخرى وإلا فقد أهميته في واشنطن.
يرى محللون أن الحل الأمثل لاستمرار حلف الناتو قد يكون في تحويله إلى حلف دولي يجمع بين مناطق نفوذ أميركا في شتى أنحاء العالم، ولعل المثال الأفضل لتوسع الحلف في منطقة المحيط الهادي هو مجموعة «أوكوس» التي تضم أميركا وبريطانيا وأستراليا لمواجهة تمدد الصين، وفي الشرق الأوسط تحدث المسؤولون الأميركيون مؤخراً عن إمكانية إنشاء حلف ناتو عربي.
فهل ستكون نهاية الناتو قريبة كما يتوقع البعض أم إن الحلف لن ينتهي بل سيتطور إلى نسخة جديدة تناسب الحالة السياسية العالمية الجديدة؟
كاتبة سورية مقيمة في الولايات المتحدة الأميركية