قضايا وآراء

بين فلسطين والكيان مقاومة لا تتوقف لاستعادة الحقوق

| تحسين حلبي

يزعم الرئيس الأميركي جو بايدن في مقابلة أجراها مع عدد من قنوات التلفزيون يوم الإثنين الماضي 15 تموز الجاري أن «ما قدمه وعمله للجالية الفلسطينية (في الولايات المتحدة) كان أكثر وأكبر حجماً مما قام به أي رئيس أميركي سابق لهذه الجالية»، وهو في الحقيقة قدم أخطر وأكبر دعم تلقاه الكيان طوال تاريخه خلال تسعة أشهر كان فيها بايدن يرسل كل ذخائر القتل الجماعي والأسلحة الحديثة لإبادة شعب فلسطين، فلم يسبق أن قام رئيس أميركي بزيارة لتل أبيب أثناء حرب تشنها في المنطقة أو على الشعب الفلسطيني وتستنفر لها كل قواتها الاحتياطية ويشارك خلالها مع خبرائه العسكريين علناً وأمام كل وسائل الإعلام في اجتماعات القيادة العسكرية الإسرائيلية ويعطي توجيهاته خلال عملياتها الوحشية، وزعم بايدن في المقابلة أنه «هو الذي جعل مصر تفتح حدودها مع القطاع لإدخال الدواء والغذاء» في حين يعرف العالم كله أن إسرائيل رفضت دخول هذه المساعدات لأنها هي التي تسيطر على حدود القطاع مع مصر، ثم قام بايدن بتأييد خطة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لاحتلال رفح، فجرى إغلاق ذلك الممر الحيوي منذ ذلك الوقت، وأضاف بايدن متبجحاً وكرر ما كان يردده قائلاً: «هل تعرفون ماذا تعني عبارة صهيوني؟ هي أنه لو لم تنشأ إسرائيل، فإن كل يهودي في العالم سيكون في خطر، ومع ذلك على إسرائيل أن تكون قوية وتجمع قدرات اليهود كلهم في المكان الذي يملكونه (أي فلسطين) ولا يشترط أن تكون يهودياً لكي تصبح صهيونياً».

ومن منطقه الاستعماري الاستيطاني يريد بايدن من قوله هذا الدفاع عن آخر كيان استيطاني أحضرت إليه بريطانيا بعد احتلالها لفلسطين عام 1920، أوروبيين يهوداً بلغاتهم وأعراقهم الأوروبية لإبادة الشعب الفلسطيني وتهجيره القسري واستيطان وطنه على غرار ما فعلته في الفترة نفسها حين أرسلت أوروبيين إلى إفريقيا وأنشأت لهم كيانات استيطانية في أراضي شعب آخر أطلقت عليها اسم «روديسيا» نسبة لرودس قائد الاستيطان فيها لمحو هويتها التاريخية وهو ما فعلته في فلسطين حين أطلقت عليها اسم «إسرائيل» وهو ما فعلته نفسه مع شعوب دول جنوب إفريقيا وناميبيا وزامبيا، فهذه جميعها تحررت وخرج المستوطنون منها إلى أوطانهم، ولم يبقَ طوال قرن من الزمان سوى فلسطين التي احتلها الجيش البريطاني الذي كان يحتل معظم العالم العربي من مصر والسودان إلى العراق واليمن الجنوبي وبقي المرتزقة الأوروبيون منذ عام 1948 يحافظون على وجودهم بفضل الدعم الهائل للولايات المتحدة والغرب والمشاركة في حروب هذا الكيان ضد حركة التحرر العربية في المنطقة، وعلى الرغم من مرور قرن على جريمة احتلال فلسطين وإنشاء الكيان الصهيوني- الأوروبي فيها لم تزل أربعة أجيال عربية وإسلامية في المنطقة المحيطة بفلسطين وفي مقدمها أربعة أجيال من الشعب الفلسطيني الصامد يقاومون الكيان ويرفضون التسليم باحتلاله، ولذلك كان قادة الاحتلال يدركون أن وجودهم لا يمكن أن يستمر في مواجهة هذه الأجيال من دون دعم مباشر عسكري وسياسي واقتصادي بل وبقوات بشرية إذا فرضت الظروف، وهذا الدعم يشكل لهم قاعدة الاستمرار في حروبهم ومجازرهم، لكن هذه الوقائع لم تثنِ الشعب الفلسطيني ومعه كل الشعوب العربية والإسلامية والثورية عن الايمان بالانتصار على هذا الكيان، وهذا ما تحقق في مراحل سابقة بل إن هذا الإيمان يستند إلى استمرار دعم كل الشعوب العربية والإسلامية لشعب فلسطين وتحقيق أهدافه، وبالمقابل يعترف عدد من المفكرين الإسرائيليين وفي مقدمتهم عاموس عوز أن سكان إسرائيل المستوطنين وحكوماتهم معاً يعدون الولايات المتحدة الدولة التي يحبون قادتها وحكامها أكثر من أي دولة أخرى، في حين أن كل الشعوب في المنطقة يعدون الولايات المتحدة عدواً بسبب إسرائيل حتى لو خالفوا في رؤيتهم هذه بعض الحكام وما يحيط بهم من ظروف سياسية، ولو جرى استطلاع رأي لكل العرب والمسلمين لوجدت أغلبية تزيد على 90 بالمئة تكره الإدارات الأميركية وتناهض سياساتها في حين يرى أكثر من 90 بالمئة من المستوطنين في الكيان أنهم يحبون كل ما تمثله الولايات المتحدة وإداراتها ورؤسائها، وفي ظل نتائج كهذه يظل ميزان القوى بين الأمة العربية وبين الكيان لمصلحة استعادة فلسطين وهزيمة المشروع الصهيوني الغاصب لفلسطين ومقدساتها ولن يسلم بوجوده أي عربي ومسلم حر في المنطقة والعالم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن