«مرآة الروح» معرض يصور آلام المرأة الفلسطينية … أتاسي لـ«الوطن»: تناولت قضايا بلداننا التي شبعت من الموت والحروب
| مايا سلامي- ت: طارق السعدوني
افتتحت الفنانة التشكيلية سنا أتاسي معرضها الفردي «مرآة الروح» في غاليري «جوليا آرت» بدمشق.
وتضمن المعرض لوحات جسدت الواقع المؤلم بما هو أبعد من التصوير المباشر فحملتها رموزاً ومفاتيح مميزة بحضور أنثاها التي لطالما كانت سيدة أعمالها، لكن في هذه المرة أخذتها لمكان جديد حضرت فيه القضية الفلسطينية بآلامها وأحزانها التي صورتها بكل عذوبة وأناقة لتؤكد بصمتها الأنثوية الساحرة التي لا تمحوها قسوة المشهد الحالي، كما ضجت أعمالها بألوان زاهية كسرت تباين الأبيض والأسود ومررت رسائلها الموجعة بكل لطافة للحاضرين.
روح الإنسان والمرأة
وفي تصريح خاص لـ«الوطن» بينت الفنانة التشكيلية سنا أتاسي أن فكرة المعرض تدور حول روح المرأة والإنسان الذي يعيش في حالة ضياع وخاصة في منطقتنا، ففي لوحة «بحر الدم» رسمت شجرة الزيتون الغارقة بالدماء للإشارة إلى قضايا بلداننا التي شبعت من الموت والحروب وأصبحنا بحاجة إلى حياة جديدة، منوهة بأنها رمزت في لوحاتها إلى فلسطين ونسائها مثل لوحة «النساء في ليلة قمرية» اللواتي هربن من حي التفاح ولا يعرفن أين يذهبن؟
وعن سر مشروعها المتعلق بالروح الأنثوية، قالت: «أنا متعلقة بروح شقيقتي ووالدتي بعد وفاتهما وأشعر دائماً أنهما ما زالتا تعيشان معي وتراقبان أعمالي، وحتى العيون التي أرسمها فيها شيء من ملامح عينيهما».
وفيما يتعلق بالألوان الجديدة التي تضمنتها لوحاتها، أوضحت: «من الممكن أنني خرجت قليلاً من حالة السوداوية المطلقة التي كنت أعيشها مع أنني أحب الرسم بلوني الأبيض والأسود كثيراً، لكن ربما نشأت عندي حالة تمرد جديدة، واللون عندي يتعلق كثيراً بحالتي النفسية».
أفكار قوية
وقال مدير مديرية الفنون الجميلة وسيم عبد الحميد: «معجب كثيراً بهذا الاهتمام في إخراج العمل وبجميع تفاصيله، فعندما يحب الفنان عمله يخرج بلوحة جميلة بفكرتها وتكنيكها، والأعمال في هذا المعرض تحمل أفكاراً قوية مؤلمة قليلاً استطاعت الفنانة سنا أن توصلها للمشاهد بأسلوب لطيف قريب من القلب».
بوابة التأمل
وأشار الناقد الفني سعد القاسم إلى أن الفنانة سنا استطاعت أن تثبت حضورها خلال وقت قصير بسبب شخصيتها الواضحة في العمل وأسلوبها المتماسك والواضح، ولوحاتها دائماً ما تكون مفعمة بالأناقة، منوهاً بأن العيون أكثر ما يلفت الأنظار في لوحاتها، وهذا فن أصيل وقديم منذ أيام السومريين الذين أخذت العيون في لوحاتهم ومنحوتاتهم مساحة أكبر من حجمها الطبيعي، والفنانة سنا ترى أن العين هي بوابة التأمل.
وأكد أن الجديد في هذا المعرض هو الموضوع الفلسطيني الذي صورته بلطف وبحالة أنثوية ناعمة ومن خلال الأثواب والمطرزات الفلسطينية التي هي جزء مهم من ثقافة الشعب الفلسطيني وإبداعاته، وهي اختارت مجموعة من الأزياء التي تتناسب مع لوحاتها وخاصة في موضوع الصفاء.
أسلوب خاص
وقال المخرج باسل الخطيب: «أنا متابع لأعمال الفنانة سنا منذ سنوات طويلة وتعاونا معاً في أكثر من مجال بعيداً عن الفن التشكيلي وأعرف أنها مرت بالكثير من الظروف الصعبة، وكان إتمام هذا المعرض إنجازاً يستحق التقدير والتحية».
وأضاف: «سنا تمتلك أسلوبها الخاص وفي جميع اللوحات يجد المشاهد عالماً واحداً يشبه عالمها لكن عند التأمل في تفاصيل كل لوحة على حدة سيجد أنها تختلف عن بقية أعمال المعرض، أتمنى لها التوفيق والنجاح لأنها من الفنانات التشكيليات السوريات اللواتي نعتز بهن».
أناقة فنية
ولفت الفنان التشكيلي والناقد عمار حسن إلى أن الفنانة سنا تركز في هذا المعرض على الأزياء الفلسطينية بمقاربة ما للزخرفة، وعلى الرموز منها الزيتون والليمون والتفاح، كل هذه إشارات تأخذنا باتجاه فلسطين، منوهاً بأنها في هذا المعرض تتجاوز ذاتها والأنا وتتشارك النحن مع العالم العربي الذي يعاني النزف الدموي على مر العقود، وهذا ما تلخصه في شجرة الزيتون التي نراها كأنها تتشرب الدم يومياً وهذا الوجع نحن نتشارك به جميعاً.
إضافة مهمة
وقالت مديرة صالة «جوليا آرت» حنان إبراهيم: «استضافة معرض للفنانة سنا أتاسي هو إضافة مهمة لغاليري «جوليا آرت» ونحن دائماً انتقائيون في اختيار المعارض، وتجربة الفنانة سنا مميزة جداً ولديها حالاتها الخاصة وكل لوحة تلامس المشاهد بطريقة أو بأخرى».