اقتصاد

المياه لم تعد إلى مجاريها! … بعد الوكلاء والسورية للتجارة الآن المياه بيد غرف السياحة.. و«حماية المستهلك» تطالب بزيادة منافذ التسويق

| جلنار العلي

يبدو أن قضية المياه المعدنية ستتجدد في كل عام، وسيبقى المواطن ضحية استغلال البائعين الذين يستجرّون عبوات المياه بطرق غير شرعية ويبيعونها في متاجرهم أو أكشاكهم بأسعار تفوق التسعيرة الرسمية من دون وجود أدنى رقابة، ويبدو أن هذا الأمر دفع رئاسة مجلس الوزراء في جلستها المنعقدة يوم أمس إلى تجديد التأكيد على التوسع بإنتاج المياه المعبأة لتأمين حاجة السوق المحلية وتشديد الرقابة واتخاذ أقصى الإجراءات القانونية بحق المتاجرين بشكل غير قانوني بالمياه المعبأة.

تشير إحصائيات وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك إلى وجود أرباح هائلة من جرّاء الاتجار بالمياه المعدنية، فلولا ذلك لما ضبطت دورياتها 11500 عبوة في محافظتي دمشق وريفها خلال الأيام الماضية، وذلك حسبما كشفه مصدر في الوزارة بتصريح لـ«الوطن»، لافتاً إلى أنها قررت تكثيف جولاتها بالأسواق بعد ورود العديد من الشكاوى حول الاتجار بالمياه، وخاصة خلال الفترة الحالية حيث ترتفع درجات الحرارة وتزداد حاجة المواطنين للمياه، وهذا قد يدفع أشخاصاً كثيرين لاستغلال تلك الحاجة.

المصدر بيّن أن كل العبوات المضبوطة هي تلك المخصصة للفعاليات السياحية، متهماً بوجود منشآت تستجر المياه ومن ثم تقوم ببيعها في السوق السوداء، كما تفعل بمخصصاتها من مادة المحروقات، فمن الواضح أن إنتاج معامل تعبئة المياه في سورية لا يكفي السوق المحلية، مضيفاً: «إن 70 بالمئة من الإنتاج يذهب للمنشآت السياحية و15 بالمئة للمؤسسة الاجتماعية العسكرية، و15 بالمئة لمؤسسة السورية للتجارة، ولم تعد وزارة حماية المستهلك هي المتحكم الوحيد في المياه بعد أن كانت عمليات التوزيع محصورة بشكل رئيس في مؤسسة السورية للتجارة».

ولأن الأمر يتعلق بالمنشآت السياحية، سارعت وزارة السياحة بإصدار كتاب – حصلت «الوطن» على نسخة منه، موجه إلى اتحاد غرف السياحة للتعميم على كل المنشآت السياحية بمنع تداول وبيع عبوات المياه المعدنية المخصصة لها- التي تحتوي على الشعار الخاص بذلك- خارج المنشأة، كما يحظر استخدام العبوات العادية التي لا تحمل الشعار في المنشآت السياحية، وأكد الكتاب أن وزارة السياحة ستشدد الرقابة وتتخذ الإجراءات القانونية وفق أحكام القانون رقم 22 لعام 2022 «مخالفة تعليمات الوزارة»، وهذه المخالفة قد تندرج أيضاً تحت نطاق عمل وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وفق أحكام المرسوم رقم 8 الخاص بحماية المستهلك.

ولدفع تلك الاتهامات، أكد مدير الجودة والرقابة السياحية في وزارة السياحة زياد البلخي، في تصريح لـ«الوطن» أن وزارة السياحة لم تضبط أي منشأة سياحية تستجر عبوات وتتاجر بها في السوق السوداء حتى الآن، وليس بإمكانها مخالفة التاجر الذي يبيع تلك العبوات، إذ يجب تتبع المنشآت المصدرة لها لمخالفتها وفرض عقوبات شديدة عليها، لافتاً إلى أن اتحاد غرف السياحة تعاقد سابقاً مع الشركة العامة للصناعات الغذائية لتوفير عبوات المياه المعبأة لدى المعامل المرتبطة بها، لتأمين كل احتياج المنشآت السياحية من تلك المادة، وهذه العبوات توضع عليها لصاقة توضح أنها مخصصة لتقديمها في تلك المنشآت فقط، وذلك حتى لا يتم الاتجار بها خارجها.

ونوه البلخي إلى أن المنشآت السياحية أصبحت بحالة أفضل بعد هذا الاتفاق لكونها صارت قادرة على الحصول على كامل احتياجها من المياه من خلال العقود مع الوكلاء، وأن وزارة السياحة كلّفت لجان الضابطة العدلية والمشتركة في مديريات السياحة تدقيق كميات المياه المستجرة، وفيما إذا كانت تباع بالمنشآت السياحية.

«الوطن» تواصلت مع مدير الشركة العامة لتعبئة المياه في طرطوس علي يوسف، الذي أكد أنه لا يوجد أي تراجع بإنتاج معامل الشركة بل توجد زيادة مقارنة بالعام الماضي، وهذا الإنتاج يكفي احتياجات قنوات التسويق التي تتولى بدورها مهام التسويق للقنوات والمنشآت الخاصة بها، لافتاً إلى أنه لم يرد للشركة أي شكوى من قنوات التسويق بوجود نقص بالإنتاج.

وفي السياق، بيّن أن الشركة تسعى إلى توسيع خطوط إنتاجها، فهي قيد التوريد لخط إنتاج جديد لمعمل مياه السن بطاقة إنتاج 6000 عبوة في الساعة، وسيتم تركيبه في شهر أيلول القادم، كما تم إجراء دراسة فنية لوحدة بقين بطاقة 6000 عبوة في الساعة وسيتم التعاقد عليه، وتتم دراسة 5 و10 ليترات بوحدة السن، وخط آخر لإنتاج كاسات في الوحدة نفسها، وبصدد الإعلان عن مشروعات في القنيطرة بنبع الفوار.

وأكد يوسف أنه لم يطرأ أي تغيير على تسعيرة عبوات المياه، فالتسعيرة ما زالت تلك المعتمدة من تاريخ 6 حزيران الماضي، حيث يصل سعر عبوة النصف ليتر للمستهلك إلى 2535 ليرة، وعبوة الليتر ونصف ليتر إلى 3835 ليرة، فيما بلغ سعر العبوة سعة 5 ليترات إلى 10742 ليرة، وسعة 10 ليترات إلى 13456 ليرة، والكولر (المرتجع) سعة 18.9 ليتراً إلى 13704 ليرات، أما سعر الكاسة فقد بلغ 1155 ليرة، أما سعر الجعبة التي تتضمن 6 عبوات سعة ليتر ونصف الليتر فقد وصل إلى 23 ألف ليرة للمستهلك، وجعبة النصف ليتر التي تتضمن 12 عبوة فقد بلغ سعرها 30.4 ألف ليرة.

أما جمعية حماية المستهلك فكان لها رأي آخر، حيث رأى نائب رئيسها ماهر الأزعط أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أخطأت عندما حصرت بيع المياه المعدنية عن طريق البطاقة الذكية، إذ يجب السماح ببيع المياه في كل المنافذ والأكشاك وخاصة أنه توجد وفرة بالمياه، واصفاً ما يجري بأنه سوء بالإدارة لأن هذه الضوابط أدت إلى احتكار المادة ووجود فساد في بيعها، فمن غير المعقول أن تباع عبوة النصف ليتر بالأسواق بـ6 آلاف ليرة على حين تسعيرتها الرسمية لا تتجاوز 2535 ليرة، مشيراً إلى أن الجمعية رفعت كتاباً لوزارة الصناعة منذ عامين لتوسيع قنوات تسويقها ولكن لم يلق ذلك آذاناً مصغية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن