ثقافة وفن

قلت في معرضي: قادم من سورية إلى ألمانيا وعائدٌ إليها … محمد غنوم لـ«الوطن»: نعيش اليوم القبيح منذ خمس سنوات لكنه عابر فغداً هو الأجمل

| عامر فؤاد عامر

«أخاف من الوقت؛ وأعدّه عدويّ الشخصي، فالحياة جميلة، ومن الجدير أن نستمتع ونجتهد في عيشها لحظة بلحظة» كانت هذه إحدى العبارات التي أطلقها الفنان «محمد غنّوم» أثناء زيارته لنا في مكاتب صحيفة «الوطن»، وجاءت بعد عودته من السفر وإقامة معرضه الفردي «عزف منفرد على الخط العربي» في ألمانيا، والذي حقق من خلاله حضوراً لافتاً، ومنه كانت بداية ومطلع حوارنا، فالفنان «محمد غنوم» صاحب التجربة الفنيّة التشكيليّة والتجربة التدريسيّة، في رصيده العديد من المعارض المحليّة والدوليّة والعالميّة، وقد أحرز مجموعة كبيرة من الجوائز عن أعمال شارك فيها ضمن أهمّ ملتقيات الفنّ العالميّة، ونال الكثير من شهادات التقدير، وهو الموجّه الأول في مادة التربية الفنيّة في دمشق بين عامي 1983 -1987، وله منهجه الخاص في الخط العربي ونال دكتوراه فلسفة في علوم الفن من جامعة «طشقند» 1992، ولديه رسالة يسعى لتقديمها اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى، فالسوري المبدع برأيه يمتلك روحاً عمرها الزمنيّ يقدّر بآلاف الأعوام، ويقول لنا بأنّه يسير على جملة كبيرة من القواعد من بينها: «احترم كل الآراء، فليس هناك خطأ مطلق، وليس هناك صواب مطلق».

الموسيقا جوهر الحرف
انطلق حديثنا حول معرضه الفردي الأخير الذي أقامه في منتصف شهر تشرين الثاني من العام الفائت 2015 في ألمانيا «عزف منفرد على الخط العربي» والذي يعدّ خلاصة تجربته في الخط العربي كمنهج واختصاص، ومنه تمحور الحديث لنفهم الغاية من زيارته إلى ألمانيا، وما أهدافها؟ وما النشاطات التي كانت على شرف المعرض تمهيداً لنشاطات فنيّة أخرى في ألمانيا، وجوارها؟ فكان الحديث التالي: «في جوهر الحرف العربي شيء مختلف من الموسيقا المتميّزة بين خطوط العالم، فهناك حركيّة، وديناميكيّة، وموسيقا حروفيّة عذبة، وقد كتب ناقدون بأنها سمفونيّات متكاملة حقيقيّة، وبالعودة لعنوان معرضي الأخير في ألمانيا «عزف منفرد على الخط العربي» فأردت للمشاهد الألماني التأكيد أن الخط العربي هو معزوفة حركيّة ولونيّة خاصّة، وهو معرضي الـ66 من بين معارضي الفرديّة، وهو الـ8 في ألمانيا، وقد كان المعرض الأول في عام 1996 هناك، في «منهايم» ثم توالت المعارض من «برلين» و«بون» و«ديلبرغ» عدّة مرّات و«كولن»، وبعضها حضرتها وبعضها كان في غيابي، فالجمهور الألماني يعرفني مسبّقاً، لكن معرضي الأخير هو الأهمّ، الذي أقيم في صالة «أرابيسك» في «هايلبيرغ»، لأسبابٍ عدّة، وأوّلها هو: عيشنا الظروف الصعبة، والأمر الآخر: أن لوحات المعرض الـ26 كلّها رُسمت في ألمانيا، ولم أرسمها في دمشق، وثالثاً لأوّل مرّة أتناول عناوين لوحات جديدة في تجربتي مثل «معلولا»، و«إيبلا»، و«تدمر»… إلخ، فمعبد «بيل» الأثري؛ قد دُمّر منذ شهور على يدّ الإرهاب، والتخلف، وأيضاً هناك محاولة لطمس حضارتنا، فأحببت الإشارة من خلال عناوين جديدة لهذه الكوارث الحاصلة لدينا مؤخراً، وأيضاً الأمر الآخر الذي أردته من المعرض هو أن كلّ اللوحات كانت على القماش وليس على الورق وبألوان الأكريليك، فحمل خلاصة تجربتي مع الخط العربي، وهذا المعرض أردت به إيصال رسالة لها علاقة باللجوء الكبير من وطننا إلى أوروبا، فبعض هذه الحالات مبرر، والكثير منه غير مبرر للأسف، فأردت القول للجمهور الألماني إنني قادم من دمشق التي فيها الحرب والأزمة، التي امتدت لأكثر من 5 سنوات، لأرسم وأريهم ما نختزنه، فقلت لهم في حفل الافتتاح وبالعربيّة: أنا, رغم القذائف، والحرب، والتوتر، والدمار، واستطعت إنجاز 26 لوحة تحمل عناوين، ومضامين جديدة، وقديمة، فكيف بنا لو لم يكن هناك حرب في سورية؟! فكم نحن مشاركون في صنع الجمال ونصدره أبد الدهر!، وقلت في نهاية الافتتاح بأنني أشكر الشعب الألماني والأوروبي بشكلٍ عام على أنه يحتضن المهاجر ويساعده، فمعرضي هو كلمة شكر لكلّ من استقبل لاجئاً أو مهاجراً واهتم به».

الجمال من ينتصر أخيراً
يتابع الفنان «محمد غنوم» في وصفه عن أجواء معرضه قائلاً: «… ما أردّته أيضاً في الافتتاح هو أن الجمال من ينتصر في النهاية. وقد كان الافتتاح مؤثراً جداً، وقدّم المعرض فنيّاً وجماليّاً الفنان والناقد الجمالي «عصمت أميرالاي» المقيم في ألمانيا منذ سنين عديدة، وعزف أيضاً في حفل الافتتاح الفنان «علي موره لي» الذي يدرس في ألمانيا كذلك، والافتتاح نُقل وكُتب عنه في الصحافة الألمانية (DIEWELT) و(RHEIN – NECKAR) و(HEIDELBERG) وقلت لهم إنني قادم من دمشق، وعائد إليها، ولن أقيم في ألمانيا أبداً فما جعلني أسافر إليكم هو المعرض فقط، وقد طلب مني ورشات عمل فقدمت ورشتي عمل في الخط العربي وكانتا كاملتي العدد من الألمان والخطوة كانت جيدة جداً، والأمر الآخر هو أن الغاليري وضعت المعرض ضمن خطّة عرض في ألمانيا يتجول في خلالها المعرض في أكثر من مدينة ألمانية. لم اكتف بزيارة ألمانيا فزرت لوكسمبورغ تمهيداً لمعرض فني فيها وذهبت لهولندا تحضيراً لنشاط فني وهذه الرحلة كانت في مدّة 5 أشهر وما أزعجني فيها هو الحالة المرضية التي ألمّت بي فقط».

صوت اللوحة
الحروفيّة بين الرسم والمقدرة على إيصال الصوت من اللوحة التي يرسمها الفنان «محمد غنّوم» لها مدى واستطاعة يحددها لنا من خلال الإجابة: «باستمرار أقول إن عملي تجربة فنيّة، فأحياناً أنجح في إيصال الصوت والصورة معاً، وأحياناً تصل الصورة، وأحياناً الصوت فقط، وهذه المسألة لها علاقة بالمتلقي وثقافته السمعيّة والبصريّة، فلا درجات واضحة يمكن القياس عليها، أو مقياس ثابت. وفي معرضي الأخير إحدى الزائرات كانت تجهش بالبكاء، وأخرى حاولت تقبيل يدي، فالإنسان يتأثر بدرجات، وأقول باختصار أحياناً أنجح، وأحياناً لا، وقد يكون النجاح اليوم، ولا يكون غداً».

رسالة الوقت الراهن
عدد كبير من المعارض على أنواعها من فرديّة، وجماعيّة، ومحليّة، ودوليّة، جعلت الفنان «محمد غنّوم» أحد رموز الحركة التشكيليّة في سورية للعالم، فما هي رسالة «محمد غنوم» للتعبير عن السوري الأقدم بين البشر عالميّاً، ولاسيما في هذا الوقت الراهن، مع التشويه الكبيرالحاصل للصورة التي نراها اليوم، وفي هذه الأفكار يجيب: «أوّل معرض خارج سورية كان عام 1980 في أوروبا، وقد وجدت بعد التجربة في هذا المعرض الذي أقمته في روما بلد الفنّ، والجمال، أنّه من المهمّ جداً للإنسان العربي والسوري خاصّة ألا يبقى في إطار بلده، فالفنّ التشكيلي ثقافة بصريّة لا تحتاج للغةٍ في التعبير عنها، كما الموسيقا إمّا أن يتذوقها المرء أو لا، فوجدت منذ معرضي الأول أن أنقل رسالة لغير العربي، بل التجوال مطلوب، وقد سررت من نجاحه ضمن تلك الفترة، فقررت على إثر ذلك أن أضيف في برنامج حياتي فكرة إقامة المعارض في سورية وخارجها، والسير بخطين متوازيين، وهذا الأمر ليس بالسهل، فهو مرهق ومكلف ومجهد، وكنت بصراحة أتعب من كلّ معرض، وأنسى تعبي بعد نهايته، فيزداد إصراري على المتابعة، والمعرض بالعموم يمنحني قوّة وطاقة كما أمنح المعرض، فليست التجربة ابنة سنوات فهي تحمل عمر آلاف السنين تتكاثف لتكوّن معرضاً، وهذه الفكرة تزيدني قوّة ومتابعة وهذا الشعور لامسني بكثافة في معرضي الأخير في هايدنبيرغ في ألمانيا، ففي دواخلي مخزون مذهل مرتبط بكينونتي القادم منها وبعراقة بلدي، ولذلك تنقلت في معارضي منذ 1980 إلى اليوم في مدن وعواصم العالم، وسلسلة من المعارض، وفي فترة الحرب التي ألمّت بنا كان الواجب مضاعفاً عليّ، فغاية الحرب إبعادنا خارج التاريخ وأقول وأكرر من المهم جداً أن أعرض في الخارج وأتحدّث بصوتٍ عالٍ للجميع بأننا موجودون وبقوة حتى لو كان الدمار موجوداً وحتى لو حاولوا اقتلاعنا من الجذور فلن يقدروا».

بتواضع
قد تكون اللوحة التشكيليّة اليوم هي سفير مناسب تعبّر عنا كسوريين، ولما يحصل من تشويه للصورة في الوسط الإعلامي، وهنا يقع على كاهل الفنان التشكيلي مهمّة متجددة، وحول هذه الفكرة كان الردّ: «أيّ عمل إبداعي هو سفير لا يتقاعد بل هو مستمر في المهمة لبلده وثقافته فكيف بثقافتنا نحن؟ أي الثقافة العربيّة التي أغنت العالم في عصور سابقة! وأنا اليوم ابن «أوغاريت» التي أوجدت الأبجديّة، ومنحتها بحريّة للعالم، ولكن لا أحبّ البكاء على الأطلال، ولا التغني بالماضي كثيراً، والمطلوب أن أفكر في نفسي كـ«محمد غنّوم» وماذا قدّم؟، ولذلك يجب تقديم التجربة التي لها علاقة ببيئتي وثقافتي ودمشقيّتي، وأن أعبر عنه بتواضع وإنسانية، ودون فرض أو إملاء، وهذا ما يجعل من المتلقي أكثر محبّة لما أقدّم».

الإغراق في المحليّة
بين فكرة المحليّة والعالميّة ولهاث البعض ليكونوا رقماً في الصدارة يشير الدكتور محمد غنّوم: «لا ألهث بأي حال من الأحوال وراء هذا البريق، ولدي قناعة كبيرة بأنّه كلّما كنت مغرقاً في محليّتي أكثر كانت عظمة العمل أكبر، دون الاندماج بالغريب لدرجة نسيان الأصول والانخراط في ثقافات أخرى، فمثلاً اليوم أشعر بأن ما أقدّمه من لوحات في الحروفيّة وتشكيلها هي من روحي وتعبّر عني في النهاية».

اللون في الأزمة
اللون ودوره في رسم الحرف، وهو حالة أساسية في اللوحة، وضمن الأزمة تأثّر اللون، فما الاختلاف لهذا العنصر في لوحة «محمد غنّوم» بين الداخل والخارج؟ وفي ذلك يضيف أيضاً: «أرى الأزمة من منظار آخر، فهي محاولة خبيثة جداً لأن تجعل القبح مكان الجمال، فهي تجر الإنسانية لمستنقع القبح، ولوحاتي لا مكان للقبح فيها. في لوحتي أرى الغد من خلال اللون ومن خلال التفاؤل، وستأتي الشمس، وضوءها، والزهور ستتفتح، وأنا أعيش اليوم القبيح منذ 5 سنوات ولكن إيماني يزداد بأنّه يوم عابر، فالغد هو الأجمل».

بين الموهبة والعلم
هل تكامل الثالوث – فنان وريشة ولوحة- ينتج لوحة يمكن لها أن تعيش، وماذا عن ثنائيّة الموهبة والتعلّم، وفي هذه الأفكار كان التعليق له: «أقولها باستمرار إن الفنّ فكرٌ، فلا يأتي مصادفة أو إملاء، فليس بالضرورة أن يكون كلّ من درس الفنّ فناناً، فهي أشياء لا يعبر الكلام عنها بقوة، وفي الوقت نفسه فإن للدراسة والاطلاع والثقافة دوراً أيضاً، فالموهبة شيء وليست كلّ شيء، والعلم كذلك، وهناك اصطفاء واختيار من اللـه بين البشر، فالفنان حالة مختارة من اللـه كدافنشي أو فاتح المدرس أو محمد الماغوط أو نزار قباني… إلخ فلهم خصوصيّة مختلفة عن الناس، وقد نكون محظوظين لذلك أو لا نكون».

ميدان التربية والتعليم
في تجربة 45 عاماً من العمل التربوي والتعليمي كان الدكتور «محمد غنّوم» وهو في عشقٍ مستمر للتدريس، وعن هذا الميدان ونشاطه المتجدد فيه يقول: «ليس كلّ مبدع معلماً ناجحاً، فوسيلة إيصال المعلومة مسألة غير متوافرة لدى كلّ الرسامين، وقد توافرت لديّ بمحبّة منذ عمر مبكر، فلدي رغبة في إيصال المعلومة وتقديمها للمتلقي، وعلى سبيل الإيضاح الفنان «فاتح المدرس» لديه كمّ هائل من المعلومات لا يتوافر لدى كثيرين؛ لكنه لم يكن بمستوى المدرس الناجح في إيصال معلومته، أمّا الفنان «محمود حمّاد» مثلاً فهو مهمّ جداً كفنان وأيضاً كمدرس في الوقت نفسه، وأنا لا أدّعي أنني أملك الحُسنيين؛ لكن أنا أقول بأنّني أحبّ التدريس، فمنذ مرحلة الدراسة في «الكفاءة» دخلت ميدان التدريس، وهذا ما منحني الخبرة والمران، واليوم أدرس في 3 كليّات بين الفنون والتربية وهندسة العمارة، وفي الجامعة الخاصّة أيضاً، وأحب هذا التدريس كثيراً، فأساس النجاح في العمل هو محبّته، بل أنا أعشق التدريس كما أعشق الرسم، وأزاول الأمرين يوميّاً».

البيئة والسفر
في الحديث عن الثقافة البصريّة وما ينتج عنها من خبرة في جولات السفر يدعونا «محمد غنّوم» إلى: «من المهم فتح النافذة، ومن الغلط العيش بين أربعة جدران، ومن المهم التعرف إلى البلدان، ومن الغلط فقط العيش في محافظة واحدة، فمن المفروض رؤية اللون الأخضر الثاني والدرجات المتجددة منه، ولتتوسع حدقة العين، ورؤية بانوراما أكبر، فالسفر مهمّ ومتعب ومضن، ولكن فوائده أكبر بكثير من عدم ممارسته، وعن نفسي أقول بأنّه أحد الجوانب التي أحبّها كثيراً، وفي اليوم الواحد أتجول في مدينة جديدة لتمنحني بالتوازي عدداً من الكتب المقروءة في لا شعوري وذاكرتي، فهناك صور تتكدس ثقافيّاً وبصريّاً».
نكمل حوارنا في التعريج على جولة السفر إلى أوروبا في المرحلة الأخيرة، وما ضرورتها وما الرسالة منها، إضافة للملاحظات إن كانت جماليّة، أو قبيحة: «موجة نزوح مخيفة جداً، فمنه ما هو مبرر، ومنه ما تقطعت به السبل، فكانت الهجرة وسيلته، وهناك ما شاهدته ولا أرى فيه مبرراً، فقد شاهدت مناظر مؤذيهة؛ كالنوم في الردهات، والممرات، والفوضى، وانتظار طويل للطعام، وهذا كلّه مهين، وأرى جحوداً من هؤلاء تجاه وطنهم، فالوطن له علينا، فهو من صنعنا، حتى لو كانت الحرب قائمة والخطر موجود، وقلتها سابقاً وأقولها اليوم عبر «الوطن» في تساؤل للقارئ: إذا كان بيتك في فوضى فهل يجوز لك النوم في بيت جارك؟ فهذا غير منطقي، وعليك أن ترتب بيتك، أمّا عند الجار فمن الممكن أن يكون لديك فرصة للبقاء يوم ويتحملك فترة؛ لكن لن تبقى لديه إلا إذا ابتزك واستفاد من وجودك! فهل أوروبا استقبلت المهاجرين فقط من باب التعاطف!؟ اليوم الجميع يعلم بأن أوروبا تعاني من التوالد القليل ولديهم حاجة ماسة للتجدد، واليوم ذهب شبابنا جاهزين إليهم بشهاداتهم وخبراتهم بعد أن منحهم الوطن كلّ الوقت والبناء، والتكاليف، فالمعادلة غير منطقيّة، إضافة إلى موازنات أخرى، وقد بدأت موجة الزواج بين شبابنا وشبابهم، والاستقرار سيكون هناك، وهذا رأيي وهو ليس ملزماً لأحد، ولكن وجدت أن رسالتي ضروريّة في هذا الوقت، فاللجوء بالآلاف والعائدون لا يكاد يذكر عددهم، واليوم عرض عليّ اللجوء عشرات المرات، ولن أقبل هذا اللجوء، فوطني قدم لي 66 عاماً من العطاء، لا يمكنني تركه. الوطن داخلنا ولا يمكن البحث عنه في مكان آخر».

وهم الفردوس
استطراداً للحديث نفسه أحبّ الدكتور «محمد غنّوم» وتبعاً لما شاهده في أوروبا أن يقول مايلي لمن يفكر باللجوء ولكلّ لاجئ أيضاً: «أنتم تعيشون أنفسكم في وهم الجنة، وتعتقدون أن أوروبا هي الجنة، لكن الحقيقة التي ستكتشفونها هي أن الجنة فقط في المكان الذي فيه كرامتك، وفيه فكرك، وفيه شخصيتك وفيه عطاؤك، وفيه احترام لك واحترامك للآخر».

الفلسفة في الفنّ
حصل الفنان «محمد غنّوم» على دكتوراه فلسفة في علوم الفنّ، لكن ما غايته في استدراك اللغة الفنيّة بأبعاد أعمق، وكانت الإجابة: «الفلسفة شيءٌ مهمٌّ في التكوين الإنساني، وكلّ الناس تحمل فلسفة، ولكن ليس كلّ منا يعرف أنه يحمل فلسفة في الوقت نفسه، وباختصار وجدت أن دراسة الفنّ تحتاج إلى خلفيّة ثقافيّة مهمّة، فهي ليست صوراً فحسب بل الفنّ فكر، فحتى يكون الفنان متمكّناً في فنّه عليه أن يعرف، فمن المفترض معرفة لماذا تشكّل الحرف ولماذا انتصب؟ ولماذا أخذ شكلاً من دون آخر؟ وغير ذلك من الأسئلة المهمّة، وبالتالي وجدت بأنّه عليّ الغوص في أبعاد كهذه، فليس المعرفة بالممارسة والرسم هي المطلوبة وحسب، بل العمليّة والنظريّة معاً، فيجب على الفنان أن يعرف ماذا يرسم».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن