على هامش الجمعية العمومية لاتحاد كرة القدم … رابطة دوري المحترفين فكرة جيدة ولكن! … قانون الاحتراف الجديد لم ينضج بذهن الأندية
| ناصر النجار
انتهت الجمعية العمومية لاتحاد كرة القدم على خير، وجاءت هادئة بعيدة عن الصخب والاعتراضات والمشاغبات كما جرت العادة مع كل مؤتمر سنوي، حيث كان يظن البعض أن هذا الاجتماع سوق لعرض بضائع الأندية.
جدول الأعمال المفروض على الجمعية العمومية كان ميزان المؤتمر ولم يستطع أحد الخروج على التقاليد والأعراف، فجاءت تفاصيل الجمعية كما رسمت من قبل دون أي ضجيج، لأن كل بنود جدول الأعمال لا يعني الأندية لا من قريب ولا من بعيد، فالتصديق على تقرير المؤتمر أمر روتيني بحت، والتصديق على التقرير المالي يندرج ضمن الموافقة الواجبة لأنه ليس من اختصاص أعضاء المؤتمر التمحيص والتدقيق المالي فهناك لجان تفتيش ورقابة مهمتها هذا العمل المالي المتعب.
النقاط المهمة التي يجب التوقف عندها هي نقطتان، واحدة ضمن جدول الأعمال وواحدة خارج جدول الأعمال، وللأهمية نتناولهما بشيء من التفصيل، وهما: رابطة المحترفين وقانون الاحتراف.
ونحن ننوه إلى مسألة في ذات الأهمية في مثل هذه المؤتمرات والاجتماعات وهي أنها تحتاج إلى مثقفين يملكون رؤية كروية عالية المستوى ويطرحون نظريات وأفكاراً قابلة للتطبيق وتصب في مصلحة كرة القدم بشكل عام وليس في إطار المصلحة النادوية أو المصلحة الفردية، ولا نحتاج إلى متكلمين يذهبون بالمؤتمر إلى مكان بعيد ويضيعون الوقت هدراً بكلام معسول غايته الظهور والأنا المستحكمة في نفوس البعض، فالمصلحة في مثل هذه المؤتمرات هي مصلحة عامة لأنها تعنى بشؤون كرة القدم بشكل عام وليست على مقاس هذا النادي أو ذاك، أو هذا العضو وغيره.
لذلك فإن فلسفة البعض في هذه الاجتماعات تبدو مقيتة لأنها لا تستند إلى أي منطق كروي، وهذا الأمر يجب أن يتم تحديده بشكل مفصل، فالاجتماعات القادمة التي ستعنى بشؤون القرارات الجديدة الخاصة بتشكيل رابطة المحترفين أو الخاصة بتفصيل مواد الاحتراف أو التي تدخل في مناقشات مستفيضة حول شكل المسابقات وتعديلها، هذه الاجتماعات يجب أن تضم (مثقفي) الأندية العالمين بشؤون كرة القدم الذين يناقشون من أجل كرة القدم ولا نحبذ أن تضم أولئك المتكلمين الذين يعبثون بكرة القدم لفرض آرائهم ومصالحهم الشخصية.
رابطة دوري المحترفين
الفكرة من حيث المبدأ جيدة وهي تقليد عملي لما يجري في أغلب الاتحادات الوطنية التي تخص الدوري المحترف بأهمية خاصة تختلف نوعياً عن اهتمامها بدوري الهواة.
الفكرة بدأت لكنها لم تنضج بكل تفاصيلها ولم تحدد فيها النقاط الملزمة وغير الملزمة، وهي ليست مجرد عنوان لأنها تتعلق بدخول الأندية عالم الاحتراف الصحيح، لذلك فالمشكلة في تشكيل هذه الرابطة ستكون عند الأندية، ونجاح هذه الرابطة أو فشلها ستكون الأندية مسؤولة عنه تحديداً.
أولاً: المعيار في انتخابات أعضاء الرابطة يجب أن يستند إلى أسس علمية، فالخبرة والثقافة الكروية هما المدخلان اللذان يخولان الأشخاص ليكونوا أعضاء في الرابطة.
ولأن الأعضاء سيكونون تابعين لأنديتهم قولاً و فعلاً، فإن الواجب أن يترفع كل عضو عن مصلحة ناديه في سبيل المصلحة العامة لدوري المحترفين.
وهذا الأمر سيخص كل تفاصيل الدوري من تعيين المواعيد وأماكن المباريات والحكام والمراقبين، وإذا تدخل كل عضو في هذه التفاصيل لمصلحة ناديه، خرج المشروع عن أهدافه وغاياته.
ثانياً: العمل الإداري في هذه الرابطة هو الهدف، وليس مطلوباً منها عمل فني فالتنظيم هو الأساس، وأتمتة العمل ضرورة لا غنى عنها، لذلك فإن أي عضو في هذه الرابطة يجب أن يكون ملماً بهذه المسائل وأن يكون ناديه معتمداً عليها في كل تفاصيل عمله اليومي.
ثالثاً: الحاجة ماسة لدراسة عقود الاحتراف بشكل قانوني ومفصل، وآليات العمل في العقود يجب أن تشرعن عبر البنود القانونية الصحيحة التي تضمن حق كل الأطراف على حد سواء دون زيادة أو نقصان، هذه العقود يجب أن تنهي كل حالة جدل فيها ظهرت في المواسم السابقة وأن تحد من حالات الخلاف بين أطراف العقد، سواء كان النادي أم المدرب أو اللاعب، مع الابتعاد عن الظلم فيها وهضم حقوق اللاعبين والمدربين، وبالمقابل لا يريد أحد أن يتعرض النادي للظلم.
لذلك فإن من مهام الرابطة مراقبة العقود وتدقيقها والتصديق عليها وفض أي نزاع يمكن أن يحدث من خلالها.
رابعاً: مسألة التراخيص مسألة مهمة، وأغلب أنديتنا لم تحقق شروط الترخيص الآسيوي، وربما بعضها لم يحقق شروط الترخيص المحلي لذلك فإن من مهام الرابطة العمل على إنهاء هذه المعضلة من خلال المساعدة في عملية الترخيص وتذليل الصعاب التي تتعرض لها الأندية في سبيل الحصول على التراخيص المطلوبة، وقد يكون المانع في هذا الأمر سوء الفهم لإجراءات الترخيص أو التعامل باللامبالاة في هذا الشق الحيوي للأندية المحترفة.
خامساً: التعامل مع قانون الاحتراف على أنه متغيّر وليس ثابتاً، فموضوع الاحتراف يجب أن يكون مرناً وليس ثابتاً أو صلباً، لأن كرة القدم تتعرض لمتغيرات عديدة، والغاية من المرونة في الموضوع هي المساعدة على حل كل الثغرات والإشكاليات التي تتعرض لها الأندية ولا يوجد لها نصوص قانونية في قانون الاحتراف.
لذلك فإن رابطة دوري المحترفين ليست رابطة شكلية فقط بأسماء وأعضاء واجتماعات، إنما هي رابطة فكر وثقافة وعمل تساهم برفع مستوى الأندية على صعيد العمل الإداري والعمل التنظيمي، ولها حدودها المنطقية حتى لا تصطدم مع أقسام ولجان اتحاد كرة القدم العليا كلجنة المسابقات، ولجنة الانضباط والأخلاق.
الاحتراف الجديد
صدر قانون الاحتراف الجديد من اللجنة المركزية للاحتراف ولم يتبق إلا صدور التعليمات التنفيذية الخاصة بكل لعبة، وكما نعلم أن لكرة القدم خصوصية تختلف عن خصوصية كرة السلة بكل شيء.
المشكلة الرئيسية التي تواجه هذا القانون أن كل ناد يريد تفصيل قانون الاحتراف على قياسه، بل إن البعض منذ الآن باتوا يوجهون الاتهامات لهذا القانون أنه مفصل على قياس بعض الأندية، والبعض الآخر يرفض هذا القانون قبل صدور تعليماته التنفيذية وآليات العمل فيه مستبقين بذلك الأحداث، وربما كان ذلك من أجل الضغط على اتحاد اللعبة ليساير أنديته ببعض الفقرات والبنود.
العناوين الرئيسية في قانون الاحتراف ثلاثة وهي تخدم الأندية وتنظم عملها وفيها فائدة فنية وأخرى مالية، لكن الذي ما زال غامضاً ويحتاج إلى تفسير وشرح هو مقولة (ابن النادي) وهنا يكمن الخلاف الكبير، وعندما يتم حل هذه المشكلة وتفسير معناها ستنتهي معضلة هذه الفقرة.
في البداية علينا التأكيد أن كل لاعبي الرعاية هم من أبناء النادي الذين يلعبون به، ولاعب الرعاية هو كل لاعب تحت سن الـ23 سنة.
لذلك فإن السؤال مشروع عن بقية اللاعبين وهم بفئة الرجال وموزعين على الأندية ونجد هنا اقتراحات متعددة.
الاقتراح الأول: كل لاعب لعب موسم 2023- 2024 مع أي ناد هو ملك لهذا النادي ما دام يملك كشفه، وعندما ينتهي عقده مع النادي ويصبح كشفه حراً، لم يعد على قيود النادي، أي لم يعد ابن النادي، ويمكن أن يعود إلى ناديه الأصلي الذي خرج منه، فهذا اللاعب (كرم عمران) لعب لأندية الشرطة والكرامة والفتوة وكشفه اليوم بنادي الفتوة، قانون الاحتراف يعتبره ابن نادي الفتوة، لكن إذا صار كشفه حراً ولم يوقع للفتوة سنة أخرى فسيعود إلى ناديه الأم تشرين تنظيمياً على الأقل، ويمكنه اللعب في أي ناد آخر ضمن البند الثاني الذي سمح للأندية بالتعاقد مع خمسة لاعبين من خارج النادي.
الاقتراح الثاني: وهو يخص بند لاعبي الإعارة، فهناك الكثير من اللاعبين انتقلوا إلى أندية أخرى عبر مبدأ الرعاية، وهذا اللاعب عند انتهاء فترة إعارته يعود إلى ناديه الأصلي، وهذا الأمر لا يوجد خلاف عليه.
الاقتراح الثالث: اتحاد كرة القدم غير موافق على عملية التعاقد مع خمسة لاعبين، وهو يفترض أن هذا العدد كبير وإذا أضفنا له لاعبين أو أكثر في الانتقالات الشتوية فهذا يعني أننا عدنا إلى المربع الأول، واتحاد الكرة لا يريد لأنديته الاعتماد على اللاعب الجاهز، بل يريدها أن تعتني بقواعدها ولاعبيها وتعتمد عليهم ليكونوا السواد الأعظم بالفريق، لذلك دعم اتحاد اللعبة الدوري الأولمبي وفرض على الأندية الاهتمام به، ليكون الخزان الرئيس للنادي.
هذه الفكرة رائدة وشاهدنا نجاحها في فريق أهلي حلب في الموسم الماضي، ونجاح الخطوة هذه يجب أن يشجع الأندية على تقليدها والابتعاد قدر الإمكان عن التعاقد مع لاعبين محترفين من خارج النادي.
الفكرة المقبولة هي عدم التعاقد مع أي لاعب أجنبي للموسم القادم ونتمنى أن يستمر هذا المنع سنوات حتى تتعافى أنديتنا وتتخلص من العجز المالي وتنتهي كل مشاكلها وخلافاتها مع المستثمرين واللاعبين والمدربين، وهذه المادة من القانون ستوفر على الأندية تكاليف العقد ومصاريف اللاعب الأجنبي.
أيضاً تحدد سقف سعر اللاعب بمبلغ مئتي مليون ليرة هو بند جيد ولمصلحة الأندية، وعلى اتحاد الكرة أن يضع الشروط والمواصفات للاعبين وما يتناسب مع قيمة العقد، ولاحظنا سابقاً أن موضوع قيمة العقود صار مبالغاً فيه وضرب الأرقام القياسية، والأندية اليوم أما مسؤولياتها للالتزام الحرفي بهذا البند، وعلى اتحاد كرة القدم أن يصدر مواد انضباطية تردع المخالفين وتعاقبهم.
هذا غيض من فيض وموضوع الاحتراف يحتاج إلى دراسة مستفيضة مع الأندية وصولاً إلى قانون عام جيد ويحمي ويخدم الكرة السورية وأنديتها ويعمل على الارتقاء بالعمل الاحترافي في كل مكان.