شؤون محلية

هل تصحح التكميلية المسار؟

| ميشيل خياط

جاءت التكميلية في أعقاب نتائج في الشهادة الثانوية العامة، مجحفة ومؤسفة.

ولعل أكبر دليل على صحة هذا التوصيف إقبال أكثر من 181 ألف طالب وطالبة على خوض غمارها، عدد مذهل يكاد يقترب من عدد المتقدمين في الدورة الأولى، وهو يزيد على عدد الناجحين بـ48 ألفاً…!!.

الله ستر ولم تلغ، لكان الإلغاء تسبب بغصة رهيبة في أوساط ملايين السوريين.

لقد بات واضحاً أنه يمكن التحكم بنسب النجاح حسب الطلب، وهذا مؤسف جداً ولا يليق بتربويين، إذ يكفي أن تأتي الأسئلة صعبة جداً أو تعجيزية حتى تهبط نسب النجاح بحدة.

وفي هذه التكميلية، استمر مسار التصعيب ولن استخدم صفة أقوى، وتبدى ذلك حتى الآن، في أمرين:

أولاً: إقامة الامتحانات للشهادة الثانوية العامة بفروعها كافة في مراكز المدن، ما يجعل الوصول من الريف صعباً، وأرجو ألا نشهد حالات مؤلمة، تسيء لامتحانات عدد غير قليل من الطلاب، بسبب النقص الحاد في وسائط النقل من الأرياف إلى المدن، وعدم توافر الوقود الكافي في الوقت المناسب، واضطرار الطلاب إلى تكبد أعباء مالية كبيرة قد لا يقوى عليها الجميع.

ثانياً: التأخر في وصول الأسئلة إلى أيدي الطلاب في قاعات الامتحان، والمثال من دمشق وقد تحدث عنه أحد الزملاء على موقع «الشجون المهنية والاجتماعية لمهنة المتاعب» إذ أشار إلى تأخر الأسئلة ساعة بعد جلوس الطلاب على مقاعد الامتحان…! وهذا مرعب، ولاسيما أن المراقبين لا يملكون صلاحية تمديد زمن الامتحان..!.

هذا التأخير في إيصال الأسئلة إلى الطلاب أفظع بكثير من الإتيان بأسئلة صعبة أو تعجيزية، لأن الطلاب قد اشتكوا أنهم عجزوا عن حل كل التمارين الرياضية فيما تبقى من وقت..!

وبهذا المعنى نلاحظ إصراراً على التعامل المجحف مع أعمدة المستقبل، ونلمس تصميماً على استكمال مسيرة الحظ العاثر لفوج العام 24 ممن يتقدمون لامتحانات الشهادة العامة الثانوية، من خيرة شبان وشابات سورية، إذ بدأ بالإصرار على إلغاء الدورة التكميلية بصفتها تُحسن علامات الطلاب، «ولله الحمد أن هذا المسعى باء بالفشل في هذه السنة بفضل المرسوم رقم واحد للعام 2024»، ثم الإصرار على الأسئلة المؤتمتة من دون تدريب الطلاب والمدرسين عليها، في الامتحان النصفي لهذا العام لمادتي الرياضيات والفلسفة وكانت النتائج محزنة جداً أحبطت طلاب الشهادتين العلمي والأدبي وأثرت في مسارهم التعليمي، إلى أن جاءت الطامة الكبرى في امتحان الرياضيات للفرع العلمي في الدورة الأولى إذ احتوى على مسألة «معجزة» حيرت الأساتذة قبل الطلاب، ما قاد إلى إغماءات طلابية عديدة على امتداد الأراضي السورية، وجرى نقل الطلاب بسيارات الإسعاف إلى المشافي، وتوج ذلك كله بالإعلان عن نسب النجاح المتدنية جداً بالمقارنة مع السنوات السابقة، في كل الفروع: العلمي 57.9 بالمئة والأدبي 44.93 بالمئة والمهني 45.91، إذ رسب 93651 طالباً وطالبة.!

وتلك خسارة كبرى اقتصادية واجتماعية وإنسانية.

إن نسب النجاح العالمية تتراوح بين 70 بالمئة إلى 80 بالمئة، وقد ولى زمن التباهي بانخفاض نسب النجاح أو بعبارة لم ينجح أحد «في الجامعات».

وإذا كان وزير التربية قد بذل كل هذا الجهد كرمى لعيني الجامعات الحكومية التي شعرت بالتخمة، ولاسيما في الكليات الرائجة، فها هي اليوم تشتكي من انخفاض عدد القادمين إليها من المدارس الثانوية.

فهل تعوض الدورة التكميلية هذا النقص وهل تعيد الأمور إلى نصابها..؟

نأمل أن تفعل ذلك، عبر تأمين وسائل النقل المريحة لأبناء الريف، وإيصال الأسئلة في الساعة التاسعة صباحاً، واعتماد أسئلة نزيهة عادلة وموضوعية، ولعل ذلك كله نريده محضوناً بالود والرأفة والروح الأبوية، فهؤلاء الطلاب والطالبات هم مستقبلنا ورعايتنا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن