ثقافة وفن

في يومها العالمي … الصداقة في ميزان الشعراء والحكماء والأمثال الشعبية

| وائل العدس

يتم الاحتفال باليوم العالمي للصداقة في الثلاثين من تموز من كل عام لإدراك جدواها وأهميتها بوصفها إحدى المشاعر النبيلة والقيّمة في حياة البشر، وقد أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2011، واضعة في اعتبارها أن الصداقة بين الشعوب والبلدان والثقافات والأفراد يمكن أن تصبح عاملاً ملهماً لجهود السلام، وتشكّل فرصةً لبناء الجسور بين المجتمعات والمحافظة على الروابط الإنسانية، واحترام التنوع الثقافي.

ومن السهل جداً أن نضع أي تعريف للصداقة، فهي علاقة اجتماعية بين الأشخاص قوامها المحبة والفهم المشترك والتأثير المتبادل والميل إلى المشاركة في الاهتمامات المتعددة بين أطراف الصداقة، وتعد الصداقة مصدراً لكثير من المشاعر الإيجابية السارة أو غير السارة، وقد يحددها التقارب العمري في معظم الحالات مع توافر قدر من التماثل فيما يتعلق بسمات الشخصية والقدرات والاهتمامات والظروف الاجتماعية، وهناك من يقرّب الصداقة إلى الحب مع اختلاف الظروف المنطقية بين الحالتين.

ثلاثة أنواع

يميز الفيلسوف أرسطو بين ثلاثة أنواع للصداقة، وهي صداقة المنفعة وصداقة اللذة وصداقة الفضيلة، فصداقة المنفعة هي صداقة عرضية تنقطع بانقطاع الفائدة، أما صداقة اللذة فنتعقد وتنحل بسهولة بعد إشباع اللذة أو تغير طبيعتها، لكن صداقة الفضيلة هي أفضل صداقة، وتقوم على أساس تشابه الفضيلة، وهي الأكثر بقاء.

ويعتقد أرسطو أن الصداقة أكمل ما تكون عندما تتوافر لها الأسس الثلاثة «المنفعة، اللذة، الفضيلة».

الصداقة في الشعر العربي

يقول الأمام الشافعي في إحدى قصائده:

سَـلامٌ عَلى الدُّنْيـا إذا لَمْ يَكُـنْ بِـهَا
صَـدِيقٌ صَدُوقٌ صَادِقُ الوَعْدِ مُنْصِفَـا

ويقول الشاعر القروي:

لا شَيْءَ فِي الدُّنْيـا أَحَـبُّ لِنَاظِـرِي
مِـنْ مَنْظَـرِ الخِـلاَّنِ والأَصْحَـابِ
وأَلَـذُّ موسيقا تَسُـرُّ مَسَامِعِـي
صَوْتُ البَشِيـرِ بِعَـوْدَةِ الأَحْبَـابِ

أما المتنبي فيقول:

أُصَـادِقُ نَفْـسَ المَـرْءِ قَبْلَ جِسْمِـهِ
وأَعْرِفُـهَا فِـي فِعْلِـهِ وَالتَّكَلُّــمِ
وأَحْلُـمُ عَـنْ خِلِّـي وأَعْلَـمُ أَنَّـهُ
مَتَى أَجْزِهِ حِلْمـاً عَلى الجَهْلِ يَنْـدَمِ

ويقول أبو فراس الحمداني:

لي صَديقٌ عَلى الزَمانِ صَديقي
وَرَفيقٌ مَعَ الخُطوبِ رَفيقي
لَو تَراني إذا اِستَهَلَّت دُموعي
في صَبوحٍ ذَكَرتُهُ أو غَبوقِ
أَشرَبُ الدَمعَ مَع نَديمي بِكَأسي
وَأُحَلّي عِقيانَها بِعَقيقِ

ويقول البحتري:

ويقول كَمْ صَدِيقٍ عرَّفْتُهُ بِصَديقِ
صَارَ أَحْظَى مِنَ الصَّدِيقِ العتِيق
وَرَفِيقٍ رَافَقْتُهُ في طَرِيقٍ
صَارَ بَعْدَ الطَّريقِ خَيْرَ رَفِيق

ويقول أبو العلاء المعري:

إِذا صاحبْتَ في أيام بؤسٍ
فلا تنسَ المودةَ في الرَّخاءِ
ومَن يُعْدَمْ أخوه على غناهُ
فما أدى الحقيقةَ في الإِخاءِ
ومَن جعلَ السخاءَ لأقْرَبيهِ
فليسَ بعارفٍ طُرقَ السّخاءِ

قالوا في الصداقة

من لم يكن صديقاً لنفسه كان عدواً للناس «جبران خليل جبران».

متى أصبح صديقك مثلك بمنزلة نفسك فقل عرفت الصداقة «ميخائيل نعيمة».

قل لي من تعاشر أقل لك من أنت «ميغيل دي سرفانتس».

أيتها الصداقة لولاك لكان المرء وحيداً وبفضلك يستطيع المرء أن يضاعف نفسه وأن يحيا في نفوس الآخرين «فولتير».

لُم صديقك سراً وامدحه أمام الآخرين «ليوناردو دافنشي»

ننتظر ثمرات الطبيعة من فصل إلى فصل، في حين نقطف ثمرات الصداقة كل لحظة «ديموفيل»

أنت تملك أصدقاء، إذن أنت غني «بلوطس»

صداقة الرجل للمرأة صداقتان، صداقة تزيد الفرح، وصداقة تخفف الحزن إلى النصف «فرانسيس بيكون».

الصداقة الوجه الآخر غير البراق للحب ولكنه الوجه الذي لا يصدأ. «جون ميلتون».

أمثال الشعوب

أمثال وحكم وأقوال ملأت ذاكرة البشرية منذ فجر تقاربها وتعارفها عن الصداقة والصديق، فالصاحب للصاحب كالرقعة للثوب كما يقولون، لكن الصديق المزيف كالظل يمشي ورائي عندما أكون في الشمس ويختفي عندما أكون في الظلام كما قال أحدهم.

وصديقك مَن صَدَقَكَ لا مَن صدّقكَ؛ والصديق وقت الضيق؛ كما جاء في الأمثال العربية.

إذا تشاجر صديقان من أصدقائك فلا تحكم بينهما لئلا تخسر أحدهما، وإذا تشاجر عدوان من أعدائك فاحكم بينهما لأنك ستكسب أحدهما «مثل صيني».

لك أن تصادق الذئاب إذا كانت فأسك حاضرة «مثل روسي».

الأصدقاء ثلاثة: صديق يحبك، وصديق يكرهك، وصديق يغار منك «مثل إيطالي».

الصداقة الحقيقية لا تتجمد في الشتاء «مثل ألماني».

الصداقة أرض نزرعها بأيدينا «مثل يوناني».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن