شؤون محلية

للحفظ…!

| يونس خلف

لطالما تتكرر عبارات اعتاد عليها أكثر المسؤولين في الإجابة عن معظم الطلبات المقدمة لهم، وهذه العبارات هي في الأساس رفض مبطن للطلب في الوقت نفسه وهي تبعد المسألة القانونية عنه في حال كان الطلب فيه شائبة مخالفة أو تصرف غير قانوني أو كان فيه حرج.

وقد أصبح شبه عرف لدى أغلب المسؤولين أو اتفاق على عدم النظر بالطلب المهمش بعبارات مثل «موافق أصولاً، أو للاطلاع والبيان، أو إجراء اللازم…..»، إلا أن أكثر وأخطر العبارات أو الكلمات التي تنتهي عندها بعض القضايا هي «للحفظ».!

يمكن أن تكون مبررات حفظ قضية ما بعد التحقيقات نتيجة عدم صحة القضايا المثارة أو عدم تقديم الوثائق والأرقام والمعلومات التي تؤكد حقيقة وقوع مخالفات أو أي شكل من أشكال الفساد، ويمكن أن يكون تبرير حفظ قضية ما لعدم وقوع ضرر سواء عام أم خاص، لكن هل كل القضايا التي تنتهي بالحفظ هي كذلك؟

أم إن ثمة قضايا أيضاً تنتهي بعبارة «للحفظ» لكن لطمس القضية أو التستر على فساد أو حماية المرتكبين، وأيضاً كثير من طلبات المواطنين التي تذهب إلى بعض المسؤولين ولا تعود لتبقى لديهم «بالحفظ والصون».

وكأننا أمام مدرسة تنادي بقبول الواقع على ما هو عليه، والمدرسة هذه قوية التأثير في عالم هو عالم حياتنا التي نعيشها، هذه الحياة هي التي تهمنا لأنها الأساس، ولهذا ليس قبول الواقع في حياتنا هو الحل الأمثل لكثير من الأمور.. نعم ربما هذا الواقع يكون مفيداً والقبول به إيجابياً في بعض الأحيان، لكن في أحايين كثيرة ليس شرطاً أن يكون كذلك.

الأمر نسبي ويعتمد على الوقائع ومدى صحتها ودقتها وتوثيقها ويستند إلى تطبيق الأنظمة والقوانين، إضافة إلى ضرورة أن يكون لكل طلب رده المناسب ولكل قضية علاجها الحقيقي وتبرير القبول أو الرفض وشرح الأسباب الموجبة لذلك، لأن القبول بالأمر الواقع ربما يكون في بعض القضايا هو أحد أسوأُ القرارات، فثمة قضايا لا تحتمل رمي كرة الفشل في ملعب الغير، ولا تحتمل ترحيل المسؤوليات، وعندما نكتشف الأخطاء يجب أن نبادر بتصويبها، وإلا كأننا نقف مع الذين يصفون الحريق فقط ولا يبادرون بإخماده.

إن أخطر ما ينجم عن هذه الممارسات هو ذلك الخلل الكبير الذي يصيب أخلاقيات العمل وقيم المجتمع، فضلاً عن ترسيخ حالة ذهنية لدى الأفراد والمجتمعات تسوغ الفساد وتجد الذرائع لاستمراره واتساع نطاقه في الحياة ما تترتب عليه نتائج وخيمة في جميع النواحي الحياتية الاقتصادية والاجتماعية، وكأن آليات العمل أدمنت على هذا النمط من التعامل الإداري فصار ذلك التعقيد بمنزلة الديناميكية المتبعة بين الدائرة والمواطن.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن