عربي ودولي

الصين تتفوق.. وروسيا مصدر قلق … تقرير أميركي يكشف أن الولايات المتحدة ليست مستعدة لحرب كبرى

| وكالات

كشف تقرير أميركي رسمي أن الولايات المتحدة ليست مستعدة لحرب كبرى، وأن موقفها العسكري يتآكّل، حسبما نقلت صحيفة «ذي إيكونوميست» في وثيقة قد تُثير جدلاً كبيراً.

التقرير المؤلف من 132 صفحة، نشرته لجنة من الحزبين الديمقراطي والجمهوري أول من أمس الإثنين، كلّفها الكونغرس بفحص إستراتيجية الدفاع الوطني لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، وهي وثيقة نُشرت قبل عامين، وتحدّث عن التحديات العسكرية التي تواجه واشنطن، ومدى قدرتها على التعامل معها.

وفي التفاصيل، جاء في تقرير اللجنة بكل وضوح إن التهديدات التي تواجه الولايات المتحدة، بما في ذلك «احتمال اندلاع حرب كبرى في الأمد القريب»، هي «الأكثر خطورة منذ عام 1945»، في حين أن «البلاد غير مدركة لمدى هذه التهديدات وغير مستعدة لمواجهتها».

وأضاف التقرير إن المشكلة الأكثر خطورة هي الصين، فهي «تتفوق على الولايات المتحدة، ليس في الحجم فحسب، لكن أيضاً في قدرة قواتها العسكرية»، على عكس ما تفاخر بايدن في السابق، مدّعياً أن «أميركا تتفوق على الصين على الأقل»، يأتي ذلك إضافة إلى «إنتاجها الدفاعي»، وإلى أنها «ربما تكون في طريقها إلى تحقيق هدفها المتمثل في القدرة على دخول تايوان بحلول عام 2027»، حسب اللجنة، التي أشارت إلى أن جيش التحرير الشعبي الصيني أيضاً «على المستوى نفسه أو قريب من الجيش الأميركي» في مجال الفضاء والإنترنت.

وإلى جانب الصين، تشكل روسيا مصدر قلق أيضاً، فرغم الحرب في أوكرانيا، «لا تزال (روسيا) تشكل تهديداً خطيراً»، وفق التقرير، الذي أشار إلى أن «روسيا تسعى إلى وضع سلاح نووي في المدار»، ما يُلزم واشنطن «بتعزيز وجودها في أوروبا إلى مستوى فيلق مدرع كامل»، وأوضح أن ذلك «الالتزام أكبر بكثير مما هو موجود اليوم، ومصحوب بتمكينات مثل الدفاع الجوي والطيران، مع إمكانية تحويل بعض القوات الدورية اليوم التي يجري تبديلها إلى قوات منتشرة بشكل دائم».

وما يزيد من تعقيد هذه التهديدات، حسب التقرير، هو التحالف السياسي والعسكري المتزايد بين الصين وروسيا وكوريا الديمقراطية وإيران، بما في ذلك نقل الأسلحة والتكنولوجيا والدروس المستفادة من ساحة المعركة.

وقالت اللجنة في تقريرها إن هذا يمثل «خطراً حقيقياً، إن لم يكن احتمالاً بأن يتحول الصراع في أي مكان إلى حرب متعددة المسارح أو حرب عالمية»، موضحة أنه عام 2018، ألغت إستراتيجية الدفاع الوطني لإدارة الرئيس السابق دونالد ترامب الشرط السابق بأن تكون وزارة الدفاع «البنتاغون» مستعدة لخوض حربين رئيسيتين، بما في ذلك واحدة في أوروبا وواحدة في آسيا في الوقت نفسه، لافتة إلى أن فريق بايدن تمسك بهذا الطموح المخفض، والنتيجة هي أن الحرب في مسرح واحد من شأنها أن ترهق أميركا بشكل خطير، ما يجبرها على الاعتماد على الأسلحة النووية للتعويض.

وحسب التقرير، فإن أي صراع من شأنه أن يجعل أميركا «تفتقر إلى الكثير من المزايا في جوانب أخرى»، محذراً من أن «الحرب الكبرى سوف تؤثر في حياة كل أميركي بطرق لا يمكن تخيلها»، فالهجمات الإلكترونية سوف تضرب البنية الأساسية الحيوية، بما في ذلك الطاقة والمياه والنقل، كما سيقطع الوصول إلى المعادن الحيوية للصناعات المدنية والعسكرية بشكل تام.

ووفق تقرير اللجنة بالنسبة إلى الخسائر البشرية، فإنّها سوف تتجاوز كثيراً أي تجربة غربية في الذاكرة الحديثة، وحسب محاكاة أجراها الجيش مؤخراً عن الخسائر البشرية في المعارك التي شاركت فيها فيالق وفرق، وهي تشكيلات أكبر حجماً يعطيها الجيش الأولوية على الألوية والكتائب، بلغت الخسائر 50 ألفاً إلى 55 ألفاً، بما في ذلك 10 آلاف إلى 15 ألف قتيل, وإذ لم تدعُ اللجنة إلى العودة إلى التجنيد الإجباري، الذي جرى التخلي عنه عام 1973، فإنّها لمحت إلى ذلك، قائلة إن «القوة المكونة بالكامل من المتطوعين تواجه أسئلة خطيرة»، وفي الاستجابة لهذه المشكلات، قدّمت اللجنة عدة توصيات، منها تعزيز التحالفات وإصلاح البنتاغون الذي توصف ممارساته في مجال المشتريات والبحث والتطوير بأنها «بيزنطية».

وهناك اقتراح ثالث يتلخص في زيادة الإنفاق الدفاعي بشكل حاد، الذي من المتوقع أن يظل ثابتاً من حيث القيمة الحقيقية على مدى السنوات الخمس المقبلة، على الرغم من توصية اللجنة السابقة بنمو سنوي حقيقي بنسبة 3 إلى 5 بالمئة وهذا الرقم بالذات «تعسفي» إلى حد ما, ومع ذلك، حثّت اللجنة الكونغرس على إلغاء حدود الإنفاق الحالية، وإقرار ميزانية تكميلية متعددة السنوات لتعزيز القاعدة الصناعية الدفاعية، وفتح الميزانيات المالية، من أجل وضع الدفاع «على مسار سريع لدعم الجهود المتناسبة مع الجهد الوطني الأميركي الذي شهدناه أثناء الحرب الباردة».

لكن ما يثير حفيظة الجميع وفق «إيكونوميست» هو اقتراح التقرير خفض الإنفاق على الرعاية الصحية والرعاية الاجتماعية من أجل تغطية تكاليف كل هذا، ومن المتوقع أن يعارض كلا الحزبين ذلك، فالديمقراطيون يتجنبون زيادة الإنفاق الدفاعي، بينما الجمهوريون لديهم حساسية تجاه المزيد من الضرائب.

ولكن بالنسبة إلى اللجنة، فإن الوقت المتاح لها ضئيل للغاية، فعامة الناس في الولايات المتحدة «يجهلون إلى حد كبير المخاطر التي تواجهها البلاد، أو التكاليف المطلوبة للاستعداد بشكل مناسب»، وهم «لا يقدرون قوة الصين وشراكاتها، أو العواقب التي قد تترتب على الحياة اليومية في حالة اندلاع صراع، كما لم يستوعبوا التكاليف المترتبة على خسارة الولايات المتحدة لمكانتها كقوة عظمى عالمية».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن