سورية

المعهد الدبلوماسي في الخارجية احتفل بالذكرى الثمانين للعلاقات الدبلوماسية السورية الروسية … ياكوفينكو لـ«الوطن»: علاقاتنا تطورت جذرياً ودعم الجيش السوري لحظة محورية … صباغ: التغيرات الدولية وظهور ملامح نظام جديد تنهي هيمنة القطبية الأحادية

| سيلفا رزوق

أكد نائب وزير الخارجية والمغتربين بسام صباغ أن سورية وروسيا يواجهان اليوم تحدّيات مشتركة ومتعددة، وفي مقدمتها الإجراءات القسرية الأحادية الجانب التي تفرضها الدول الغربية بهدف ممارسة الضغط السياسي والاقتصادي عليهما، معتبراً أن التغيرات التي يشهدها عالمنا اليوم، وظهور ملامح نظام متعدد الأقطاب، ينهي هيمنة القطبية الأحادية، ويقوم على مبدأ المساواة بين الدول واحترام سيادتها واستقلالها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، أو السعي لفرض الهيمنة عليها، ويبشر بمستقبل أفضل لنا وللبشرية جمعاء.

وفي كلمة له خلال الندوة التي عقدها المعهد الدبلوماسي في وزارة الخارجية والمغتربين بمناسبة الذكرى الـ80 للعلاقات السورية– الروسية وبمشاركة مدير الأكاديمية الدبلوماسية الروسية الكسندر ياكوفينكو لفت صباغ إلى أن علاقات البلدين مرت منذ إقامتها رسمياً في عام 1944، بمراحل مهمة، وقال: «لعل أبرزها الدعم الذي قدمه الاتحاد الروسي لسورية منذ 2011 وحتى الآن، وتحديداً عندما دعم الجيش الروسي الجيش السوري في التصدي للإرهاب بكل حزم، حيث أثمرت الجهود المشتركة في مجال مكافحة الإرهاب عن إعادة الأمن والاستقرار للمدن والقرى التي كانت التنظيمات الإرهابية تعيث فيها دماراً وتخريباً، يضاف إلى ذلك الدعم السياسي الذي قدمه الاتحاد الروسي من خلال استخدام الفيتو في مجلس الأمن الدولي مرات عديدة لمنع تمرير المخططات الغربية المعادية للحكومة السورية».

وخلال كلمته أشار صباغ إلى عدد من المحطات المهمة في تاريخ العلاقات بين البلدين، على الصعد السياسية والميدانية والاقتصادية، لافتاً إلى أن الزيارات المتبادلة بين الرئيسين بشار الأسد وفلاديمير بوتين، والاتفاقيات التي تمّ توقيعها أسهمت في رفع مستوى العلاقات بين البلدين إلى مستويات مهمّة جداً، وعلى جميع الأصعدة.

وبين أن الرئيس بوتين أكد مراراً على موقف الاتحاد الروسي الثابت في دعمه لسورية وقيادتها، وشدد على أن سورية دولة ذات سيادة، وأن رئيسها هو رئيس منتخبٌ من الشعب السوري. كما دعم الرئيس الأسد العملية العسكرية الخاصة التي نفذتها روسيا ضدّ النازية الجديدة.

مدير الأكاديمية الدبلوماسية الروسية ألكسندر ياكوفينكو من جهته لفت إلى أننا نعيش اليوم فترة صعبة من جديد، حيث تحدى الغرب الجماعي وعلى رأسه الولايات المتحدة السير الطبيعي للتاريخ والعمليات التي تؤدي لتشكيل نظام عالمي أكثر استقراراً وعدلاً، مؤكداً أن روسيا وسورية تقفان في الخط الأمامي للمعركة من أجل الحق والعدالة في عالمنا.

وقال: «نقدر موقف دمشق الداعم للعملية العسكرية الخاصة التي تهدف لحماية أبناء الشعب الروسي واللغة الروسية والحضارة الروسية، وأثق أن أحداً لا يستطيع أن يعرقل صمودنا وصمود أصدقائنا السوريين في الدفاع عن مصالحنا الحيوية والسيادة والاستقلال لدولتينا».

مضيفاً: «دعمت روسيا دعماً تاماً سيادة واستقلال ووحدة أراضي الجمهورية العربية السورية في وجه محاولات الغرب الجماعي لفرض مشروع جيوسياسي مهيمن ومدمر على سورية وشعبها، وليس من قبيل المصادفة أن يطلق علينا اسم إخوة السلاح، ولكن هناك من لا يتذكر بأن هذه الإخوة لم تبدأ مؤخراً، وفي أصعب الأوقات كنا نقف جنباً إلى جنب مع السوريين».

ياكوفينكو في تصريح لـ«الوطن» لفت إلى أن علاقات البلدين تغيرت خلال السنوات الثمانين الماضية وتطورت إلى سياق مختلف تماماً عما كانت في الماضي واللحظة المحورية في هذه العلاقات كان قرار الدعم المباشر من القوات المسلحة الروسية للجيش العربي السوري في قتاله ضد الإرهاب وهذا هو المحور الأهم الذي يؤدي لمزيد من التطورات الأخرى بين البلدين والتي تشكل بمجملها قوة دعم لضمان سيادة الجمهورية العربية السورية.

وبخصوص ملف التقارب السوري التركي اعتبر ياكوفينكو في تصريحه لـ«الوطن»: إن الصيغة الرباعية لها آفاق جيدة وهي مفيدة جداً وسوف يجري العمل على مواصلة الاتصالات ضمن الصيغة الرباعية في المستقبل، وهذه الاتصالات مهمة جداً في مجال تحقيق التسوية في سورية.

وفي تصريح مماثل لـ«الوطن» اعتبر مدير المعهد الدبلوماسي في وزارة الخارجية والمغتربين السفير عماد مصطفى، أن العالم الجديد هو قيد التشكل، ومستقبل البلدين واعد، مشيراً إلى أن جميع التحديات التي واجهتها روسيا وسورية لم تؤد إلا لمزيد من المتانة للعلاقات ومزيد من الصلابة في فهم البلدين للشراكة الإستراتيجية بينهما تجاه منظومة لعالم جديد شجاع حر من الهيمنة الغربية.

وخلال الندوة تحدثت الأديبة السورية ناديا خوست ولفتت إلى أن العلاقات السورية الروسية أكثر سعة من مصالح متبادلة، ومواقف متماثلة من المسائل الكبرى، هي علاقات ثقافية سبقت تبادل الوفود وزيارات الكتّاب ومهرجانات الأفلام، وقالت: «يوحي لنا تأمل العلاقات السورية- الروسية بأن روسيا لا تستطيع بثقافتها أن تكون أصغر من دورها العالمي في دعم سياسة الشعوب، ولا يستطيع السوريون أن يكونوا دون تراث حضارتهم العريقة، وروادهم الكبار شهداء أيار ويوسف العظمة وأبطال الجيش في الحرب التي لم تنته بعد، يؤسس ذلك العلاقات السورية- الروسية على منظومة قيم أخلاقية رفيعة راسخة في الوجدان العام».

المفكر الاقتصادي الروسي ميخائيل خازين أشار إلى التغيرات الاقتصادية الموازية للتغيرات السياسية التي تشهدها المنظومة الدولية، وبين أن منظومة «بريتن وودز» شهدت أثناء وجودها عدة اصلاحات لكنها لا تزال مستمرة حتى الآن وجميع المؤسسات المرتبطة بها مثل صندوق النقد العالمي لا تزال قائمة ومستمرة في الوجود.

ولفت خازين إلى أننا نشهد اليوم تغيرات جذرية مثل تدهور النظام العالمي ونظام «بريتن وودز» لكن السؤال من سيناقش جوهر النظام الجديد الذي سيحل محل «بريتن وودز»، علماً أن روسيا والولايات المتحدة والهند والصين هم اللاعبون الأساسيون اليوم في العالم وهم من يجب عليهم القيام بذلك.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن