ثقافة وفن

«الأم السورية شمس لا تغيب» فيلم عن تضحيات الشهداء وزيرة الثقافة: التوثيق أمر مهم لأنه كان على ألسن أصحابه

| مصعب أيوب – ت: طارق السعدوني

بمناسبة عيد الجيش العربي السوري في ١ آب وبحضور وزيرة الثقافة د. لبانة مشوح، دار الأسد للثقافة والفنون تفتتح عرض فيلم «الأم السورية شمس لا تغيب»، وهو فيلم أقرب ما يكون للتوثيق ينتمي إلى الديكودراما، سيناريو وإخراج عوض قدرو عن كتاب ألفته كفى كنعان ثابت يجسد معاناة الأمهات السوريات اللاتي فقدن أبناءهن من أبطال الجيش العربي السوري خلال الحرب على سورية.

أمهاتهم مضحيات

وقالت مشوح في ذلك: ليس هناك مناسبة أهم من عيد الجيش العربي السوري لنعرض الفيلم الذي أنتجته المؤسسة العامة للسينما لتخليد الشهادة والشهداء ولتكريم أمهاتهم لأنهن قدمن فلذات أكبادهن بعد أن ربينهم على حب الوطن، فبعضهم كان يطمح لأن يصبح جامعياً أو أن يتزوج أو أن يحقق شيئاً مهماً، وهو ما سمعناه وشاهدناه مباشرةً من أمهاتهم، ولكن الحرب والإرهاب قضيا على كل آمالهم، ولا يمكن لأحد أن يدرك حجم ما عاناه هؤلاء الأبطال الأشاوس الذين لم تضعف عزيمتهم في أصعب الظروف والذين كابدوا الأمرين لكيلا يعلموا ذويهم بظروفهم الصعبة ويقلقوا راحتهم، فيا لها من بطولة كبيرة، وقد صمدت الأم وتثاقلت على ألمها وقدمت ابنها قرباناً للوطن، ونحن لا يمكننا إلا أن نتأثر وننحني أمام هذه التضحيات العظيمة، فبالتضحيات تبنى الأوطان، ولا يسعنا هنا إلا أن نتوجه بالرحمة لكل شهيد وبالتحية الكبيرة لكل عائلة شهيد ولكل عنصر في الجيش العربي السوري ولقيادته.

كما أكدت أن الفيلم مؤثر جداً والتوثيق أمر مهم لأنه كان على ألسن أصحابه من عاشوا تلك الفترة العصيبة والحصار.

توثيق مهم

من جانبها السيدة كفى ثابت والدة الشهيد مجد نبيه رزوق تخبر «الوطن» بأننا جميعاً راحلون ولكن الوطن وحده باقٍ وأن ما يعزي النفس أنه باق بأيدي شرفاء ومخلصين لوطنهم وإيمانهم به، وأنها وإن فقدت ابنها إلا أنه شفيع لها وهي مطمئنة لأنه في مكان أعلى وأسمى وأنبل فأدى رسالته على الأرض وغادر.

وأكدت أنه من ضمن ما تحاملت عليه المرأة السورية خلال هذه الفترة الصعبة أنها تصالحت مع زوجها الضعيف الجريح أو المصاب في الحرب بعد أن كان قوياً عتيداً، فراحت ترعاه وقدمت ابنها للشهادة وسعت لتأمين لقمة عيش لها ولباقي أسرتها، فهل هناك أعظم من الأم السورية؟

وتوجهت والدة الشهيد بالشكر لمؤسسة السينما موضحة أنه من حسن حظها أن أتيح لها إيصال رسالة ابنها، فاشتغلت بمساعدة وزارة الثقافة والمؤسسة العامة للسينما على توثيق ما عاشته، وهو ما تمنته لجميع العائلات والأمهات، ففي كل بيت جريح وفي كل عائلة شهيد وفقيد، لذلك لا بد من اللجوء إلى التوثيق وتفعيل دور أدب الشهداء، وأكدت أن إنجاز الكتاب استمر قرابة عشر سنوات، وأنجزت كتاباً يلخص بطولات الجيش العربي السوري «مجد وكفى» بعد أن شعرت أن ما حدث يجب توثيقه، إلى أن أذِن اللـه أن تزور مكان استشهاد مجد وزملائه وأخذت على عاتقها توثيق هذه الرحلة وألفت كتاباً بعنوان: «يوم ليس كباقي الأيام» وقد أخذ الموافقات اللازمة وتم تحويله إلى فيلم وتصويره في الموقع ذاته الذي كان فيها الشهداء.

ألم الفقدان

وفي كلمة لـ«الوطن» أفاد مخرج الفيلم عوض قدرو بأن ما دفعه لإنجاز هذا الفيلم هو التروي والوقوف طويلاً أمام شعور سيدة فقدت ابنها وذهبت في رحلة لعدة مناطق كي تزور الأماكن التي كان فيها والمكان الذي استشهد فيه، فهو شعور عظيم وألم ما بعده ألم، فهو يبدو للوهلة الأولى أمراً عادياً، إلا أن ما راود الأم وما عانته وما أحست به في رحلتها من اللاذقية إلى حلب يحتاج فعلاً إلى تجسيد وهو ما قامت بتدوينه في كتاب «يوم ليس كباقي الأيام»، وأنا قمت بتبني هذا الكتاب ورحت آخذ منه لإنشاء العامود الفقري للفيلم، فلا يمكن أن نكتفي بكتابها فقط لأن وطننا قدم الكثير الكثير من الشهداء، وقد قمت بالبحث عن حالات مشابهة في المصير إلا أنها لم تكن تشبه بعضها في الطرح.

وأضاف: لقد تم تصوير الفيلم بين القصير وحمص وحلب واللاذقية، وكلية المشاة ومشفى الكندي والطريق الواصل بين إدلب وحلب.

وختم بإنه علينا الاتجاه نحو التوثيق بصورة أكثر وأعمق لأن هذا الجانب لم يشبع كما ينبغي، وهو أمر مهم وضروري وتحديداً خلال سنوات الحروب والنزاعات لننقل صورة للمجتمعات عن بطولات وتضحيات الشهداء، وهاهي السينما الغربية دائماً تمجد بطولات جيوشها وتسلط الضوء دائماً على تضحيات جنودها أثناء الحربين العالميتين، فنحن أمام مسؤولية تاريخية لأن الجيل القادم سيتساءل عما يوثق لهذه الحرب القذرة.

وطوال سنوات الحرب، طرحت السينما السورية الكثير من الأفلام التي اعتبرت منعطفاً دراماتيكياً في تجسيد دور المرأة وتحديداً الأم، فوضعتها ضمن أدوار البطولة وقدمتها أماً مناضلة وصامدة ومضحية لتتحول إلى أيقونة في الإيثار والتضحية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن