استنزاف الكيان يتعاظم بانتظاره لردود المقاومة
| تحسين حلبي
ليس من المستغرب في هذه الأوقات وبعد العمليتين الإسرائيليتين في الضاحية وطهران أن تزداد مظاهر وتأثيرات الخوف والفزع داخل الكيان الإسرائيلي ولدى المستوطنين فيه، وكذلك الجنود لأنهم لا يعرفون متى ستبدأ الضربة الهجومية من جبهتي جنوب لبنان وجبهة إيران، وهل ستكون الضربة من هاتين الجبهتين في توقيت واحد أو في توقيتين مختلفين؟ وهل ستكون هذه الحرب الشاملة من كل جبهات محور المقاومة بما في ذلك جبهة الجولان وجبهة أنصار اللـه والحشد الشعبي وقطاع غزة والضفة الغربية؟
إن هذه التساؤلات وحدها تثير الرعب في داخل الكيان بل أيضاً في صفوف جيش الاحتلال الذي أصبح جزءاً كبيراً منه منهكاً ومنهار المعنويات بعد استنزاف المقاومة له طوال عشرة أشهر!
أول من أمس، رأى المعلق السياسي في القناة «12» الإسرائيلية أوهيد حامو، أن هذا الوضع يشبه وضع المريض الذي يتعرض للخوف الشديد من آلام العملية الجراحية المصيرية التي ينتظرها ولا يعرف بدقة نتائجها ولم تبدأ بعد، وأضاف حامو إن «الإسرائيليين يتمنون أن يمر هذا الأسبوع بهدوء ويتذكرون أن حزب اللـه اعتاد الانتظار للوقت المناسب حين يشن ضربته الانتقامية، ففي الماضي كان ينتظر شهراً أو أكثر لتنفيذ ضربته».
تشير صحيفة «معاريف» الإسرائيلية إلى أن الجنود في الاختصاصات كافة جرى الاحتفاظ بوجودهم في مواقعهم دون إجازات أو من دون تدريب للذين يخضعون للتدريب، ويعرف الإسرائيليون أنهم لم يشهدوا طوال وجود هذا الكيان مثل هذه الأيام الثلاثمئة التي استغرقتها حربهم المستمرة ضد قطاع غزة والضفة الغربية وجبهة جنوب لبنان، فقد قلبت حياتهم رأساً على عقب وأصيب مئات الآلاف منهم، بموجب تقارير المركز الصحي الإسرائيلي لإسعاف المصابين، بالصدمات النفسية، واعترف المركز أنه يقوم بتقديم العلاج النفسي لأكثر من ستين ألفاً من الجنود أفراد الجيش المصابين بالصدمات ذاتها.
ولأن الولايات المتحدة أدركت طبيعة أخطار هذه الظروف المنهارة التي تعرض لها الكيان على يد المقاومة من الداخل ومن جنوب لبنان، فقد قررت استعراض حجم غير مسبوق في المنطقة من قدراتها العسكرية علما أن هذه القدرات لا يمكن استخدامها لإنقاذ الكيان من داخله في الأراضي المحتلة بل من حدوده الخارجية المحيطة به من امتداد جبهة الشمال وعلى الخصوص في محاولة ردع جبهة إيران التي قد تتحول إلى جبهة مباشرة ضد الكيان في ردها على اغتيال الشهيد هنية على أراضيها، وتعتقد وزارة الدفاع الأميركية أنها كلما استعرضت المزيد من قواتها القادمة إلى البحار القريبة من المنطقة فسوف تضمن بموجب اعتقادها هذا تضييق ساحة المواجهة واقتصارها على ما كان سائداً قبل عمليتي الاغتيال في الضاحية وقتل المدنيين اللبنانيين فيها، وكذلك قبل استهداف رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، لكن ما حدث داخل الكيان خلال أيام قلية كان يدل على رغبة الكثيرين من المستوطنين بالهروب من ساحة الكيان فقد كشفت صحيفة «يسرائيل هايوم» الإسرائيلية في الثاني من شهر آب الجاري أن اللوحة الإلكترونية لجداول زمن رحلات الطيران من مطار تل أبيب أشارت بشكل مفاجئ إلى إلغاء جميع رحلات الطيران وتوقفت اللوحة الإلكترونية لفترة من الوقت، فجن جنون المستوطنين المغادرين بهدف الفرار من مضاعفات الحرب والتصعيد المتوقع وسارعت هيئة مطارات إسرائيل إلى تهدئة المسافرين والمنتظرين في بيوتهم للسفر بأن ينتظروا الرسائل التي تصدر عن هيئة المطارات واعترفت أن تزايد عدد المسافرين المغادرين بشكل غير مسبوق ومواعيد الرحلات الجوية المتزايدة بسرعة كبيرة تسبب بهذا التوقف المفاجئ وأن الرحلات ستحافظ على مواعيدها، وحذرت من تداول أخبار غير صحيحة في وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا ما يحدث في الكيان ولم تبدأ بعد ردود المقاومة بل في ساعات وأيام انتظارها.
بالمقابل يحاول رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو امتصاص الخوف المستشري، وذكرت مجلة «زمن إسرائيل» أمس السبت أن نتنياهو أصدر تعليماته للفريق المفاوض في موضوع تبادل الأسرى ووقف العمليات العسكرية بالاستعداد للسفر إلى القاهرة في نهاية يوم أمس لمناقشة استئناف التفاوض؟!
ويبدو أن واشنطن طلبت من نتنياهو إطلاق هذا الإعلان، فقام بتلبية طلبها فوراً للالتفاف على حصاره بعمليات من كل الجبهات وخاصة من جبهتي جنوب لبنان وجبهة إيران بشكل خاص، وهذا ما بدأ يدل على أن واشنطن هي التي ستتولى بشكل مباشر إدارة خطة الدفاع عن الكيان قبل ردود المقاومة المتوقعة وما بعدها، ومع ذلك سيظل الترقب والهلع الإسرائيلي من مفاجئات المقاومة قائماً يستنزف الكيان قبل الرد وبعده.