واشنطن وتل أبيب ومظاهر هزيمتهما وعجزهما أمام محور المقاومة
| تحسين حلبي
ربما كان نائب رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي سابقاً عيران عيتصيون أوضح من عبّر عن تقدير الوضع الإسرائيلي بعد 300 يوم على عملية طوفان الأقصى وطريق القدس وانعكاساتهما على إسرائيل فقد حدد في عرضه الموجز الذي نشره في زاويته في «إكس» السبت الماضي الثاني من شهر آب الجاري 18 عنواناً أحاط من خلالها بكل ما جرى في الكيان بسبب عملية طوفان الأقصى في قطاع غزة، وعملية طريق القدس من جبهة جنوب لبنان، وبين في أول هذه العناوين أن «إسرائيل أصبحت في حالة هبوط إستراتيجي وأمني وقضائي ومعنوي واقتصادي شديد الصعوبة حتى بعد العملية التي استهدفت فيها رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية والقائد الميداني في حزب اللـه فؤاد شكر».
ثانياً: «إن الفجوة القائمة بين الواقع وبين المفهوم الذي يدل عليه، أصبحت كبيرة وخطيرة جداً بين نسبة ليست قليلة من الجمهور الإسرائيلي وبين معظم أعضاء الحكومة الائتلافية».
ثالثاً: «إن (رئيس وزراء الكيان بنيامين) نتنياهو الذي يدرك جيداً حجم الفشل قرر وهو ليس منفصلاً عن الواقع، زيادة المبلغ الذي يقامر فيه فهو يحرض على حرب إقليمية شاملة ويجبر إيران على الانخراط فيها دون أن يكون لديه أي قدرة على تشكيل نتائج الحرب».
ويضيف عيتصيون مبيناً في فقرته الرابعة أن «الإدارة الأميركية أصبحت في حالة ضعف تاريخية نتيجة تراكم ظروف وإجراءات بائسة، أما أوروبا فهي تركز على الحرب في أوكرانيا لمواجهة التهديد الروسي والتهديد الذي يشكله لها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وعلى الجبهة الأخرى تلاحظ الصين وروسيا وجود فرصة للاستمرار في عملية نخر النظام العالمي والهيمنة الأميركية سواء عن طريق الحرب في أوكرانيا أو عن طريق النزاع بين الفلسطينيين وإسرائيل وكذلك عن طريق حرب إقليمية في الشرق الأوسط وفي أسوء توقيت للولايات المتحدة، وبالمقابل لا شك أن إيران تجد نفسها في وضع جيد جداً وهي تعتمد على الحلفاء الذين تدعمهم في المنطقة».
ويرى عيتصيون في بقية فقراته أن «المحاولة الأميركية لصياغة تحالف معاد لإيران في المنطقة وتطبيع بعض الدول الأخرى للعلاقات مع إسرائيل لإنشاء حلف عربي يشبه الحلف الأطلسي، تم إحباطها عملياً على يد طوفان الأقصى وانخراط إيران وحزب اللـه فيها وبإدارة حرب استنزاف ناجحة ضد إسرائيل».
وفي عرضه يعرب عيتصيون عن التقدير الكبير للدول التي ساعدت إسرائيل على صد الصواريخ التي أطلقتها إيران في نيسان الماضي رداً على قصف القنصلية الإيرانية في دمشق، لكنه يأمل من هذه الدول أن تساعد إسرائيل الآن خلال الهجوم الإيراني المقبل عليها.
لكن ما يلاحظه الجميع هو أن هذا الكيان أصبح عاجزاً عن حماية نفسه من محور المقاومة وضعيفاً إلى حد أصبح فيه مجبراً على الاستعانة بعدد من الدول ووسائطها الخاصة بالدفاع الجوي لحماية نفسه من صواريخ محور المقاومة، وهذه الحقيقة تثبت أن هذا الكيان بدأت تنهار قدراته وتعجز عن الصمود أمام المقاومة، ويحمل عيتصيون رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو مسؤولية هذا التدهور في قدرات إسرائيل لأنه لم يوافق قبل نيسان الماضي على مبادرة الرئيس الأميركي جو بايدين، ولو وافق لكان الوضع الإسرائيلي الآن أفضل، ولما انكشفت عوامل ضعف إسرائيل بهذا الشكل الفاضح. يعترف عيتصيون أن «حكومة نتنياهو ليس لديها شرعية من الجمهور لأن ما يزيد على 70 بالمئة من الإسرائيليين يطالبون باستقالتها فوراً، وحكومة كهذا لا تستطيع توسيع الحرب» ولذلك يصارع كل أعضاء الكنيست الإسرائيلي الذين يؤيدون الحكومة الائتلافية لكي لا تفقد الأغلبية التي تشكلها من 64 مقعداً من 120، فهم يدركون أن أغلبية الجمهور التي تطالب بإقالة الحكومة لن تنتخب أي عضو شارك في تأييد حكومة نتنياهو، ومن مصلحتهم بقاؤها حتى عام 2026 موعد الدورة الانتخابية الجديدة، ويشير عتصيون في عرضه للوضع الإسرائيلي إلى خطورة ما يجري في داخل الكيان ويعترف بشكل رسمي لافت إلى أن «هناك الكثير مما يمكن أن يتحدث عنه حول موجة الهجرة العكسية المتزايدة من إسرائيل إلى أوروبا والتي ينفذها أفضل الفئات المتعلمة من الإسرائيليين وكل ذلك أمام عجز المعارضة».
لا شك أن ما يعرضه عيتصيون وباللغة العبرية في هذا التحليل نرى فيه حقاً عجز الكيان وحليفه الأميركي عن فرض سياساتهما وهيمنتهما على أطراف ودول محور المقاومة وهذا العجز تقابله إمكانات كثيرة من القوة لدى محور المقاومة.