قضايا وآراء

التكنولوجيا الرقمية تساعد على حماية التراث الثقافي وتوريثه

| ليانغ سوو لي – إعلامية صينية

اتخذت «منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة – يونسكو» قراراً بإدراج «محور بكين المركزي: مجموعة بناء تعرض الترتيب المثالي للعاصمة الصينية»، في قائمة التراث العالمي في الـ27 من الشهر الماضي، خلال اجتماعات الدورة السادسة والأربعين للجنة التراث العالمي في نيودلهي بالهند.

يمتد محور بكين المركزي عبر شمال مدينة بكين القديمة إلى جنوبها، وقد تم بناؤه في بداية القرن الثالث عشر وأخذ شكله النهائي في القرن السادس عشر، ويتم تعديله على نحو مستمر ليصبح أطول محور حضري متكون من خمس عشرة بناية في العالم بطول إجمالي 7.8 كيلومترات، وهو يظهر نظام الأسرة الحاكمة الصينية القديمة وتقاليد التخطيط الحضري، ويشهد تطور مدينة بكين.

أصبح «إحياء» الآثار الثقافية والتراث الثقافي هو مفتاح تكامل الآثار الثقافية والعصر الجديد، وفي مساء يوم الـ27 من تموز الماضي، كمنتج رقمي لمساعدة على إدراج محور بكين المركزي في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، تم إطلاق منتج تفاعلية «الكون الصغير للمحور المركزي الرقمي» الذي تم إنشاؤه بشكل مشترك من قبل مكتب التراث الثقافي في مدينة بكين ومكتب حماية محور بكين المركزي وشركة «تينسنت»، في فعالية «ليلة المحور المركزي، العاصمة القديمة المجيدة» في المركز الدولي للمؤتمرات والمعارض في نيودلهي بالهند.

بعد دخول المستخدم إلى منصة «الكون الصغير»، يمكنه رؤية طير سنونو بكين وهو يحلق فوق خمس عشرة بناية على المحور المركزي، ثم يتحول إلى شاب في اللعبة، ثم يبدأ رحلة الاستكشاف على المحور المركزي من معبد شياننونغ، ويمكنه مشاهدة مراسم التضحية التي أقامها إمبراطور أسرة تشينغ، وتجربة بناء برج بوابة تشنغيانغ، ومحاولة وضع التربة ذات الألوان الخمسة على معبد الأرض والحبوب.

وهذه هي المرة الأولى في العالم التي يتم فيها تطبيق تكنولوجيا الألعاب لترشيح التراث العالمي، يستخدم المنتج عدداً من التقنيات المتقدمة لاستعادة المنطقة التراثية الأساسية في المحور المركزي بدقة، وإعادة إنتاج 300 ألف نبات و2.2 مليون مبنى، وتتجاوز أصول بياناته ثلاثية الأبعاد 15 تيرا، مما يعرض بصرياً للمحور المركزي بأكمله.

وفي الواقع، في أيلول 2021، توصل مكتب التراث الثقافي في مدينة بكين وشركة «تينسنت» إلى تعاون استراتيجي حول مشروع محور بكين المركزي من أجل إدراجها في قائمة التراث العالمي، مما أوضح أنهما سيستخدمان التكنولوجيا الرقمية لتعزيز حماية التراث الثقافي وتوريثه واستخدامه على طول المحور المركزي، وإنه يشكل سابقة عالمية لمشاركة التكنولوجيا الرقمية في العملية الكاملة لترشيح التراث الثقافي العالمي.

قام فريق التكنولوجيا الرقمية التابع لمشروع «المحور المركزي الرقمي» بعمليات التقاط صور عالية الدقة ومسح ضوئي للبنايات التراثية مثل برجي الجرس والطبلة وجسر واننينغ، وخلقت أول تجربة تفاعلية رقمية في العالم للمناظر الطبيعية التاريخية الحضرية الكبيرة الحجم من خلال تطوير سلسلة من المنتجات مثل الموقع الرسمي لمحور بكين المركزي والبرنامج الصغير لمحور بكين المركزي السحابي، وتم إعادة إنتاج المشهد الرائع لمحور بكين المركزي في العالم الرقمي.

يعد رصد التراث عنصراً مهماً في الحفاظ على التراث وإدارته، وبدأ مركز حماية التراث لمحور بكين المركزي في بناء منصة لرصد وحماية التراث الثقافي لمحور بكين المركزي في عام 2022، وتستخدم تقنيات مثل أقمار الاستشعار عن بعد، وكاميرات تصوير الشوارع، ومعدات إنترنت الأشياء، وعمليات التفتيش اليدوية لتحقيق رصد التراث وتحديده وحمايته المستمرة، وبدأت المنصة قيد التشغيل التجريبي في عام 2023 والآن وضعها تم قيد الاستخدام رسمياً.

وتعرض صفحة نظرة عامة على المنصة مشهد التوءم الرقمي ثلاثي الأبعاد للمحور المركزي، والذي يغطي 5131 هكتاراً من المناطق التراثية والمناطق العازلة، ما يجعلها أول منصة في الصين لرصد التراث تطبق تقنية التوءم الرقمي ثلاثي الأبعاد.

بالإضافة إلى ذلك، واستجابة لطلب الجمهور للمشاركة في حماية التراث الثقافي وتوريثه، والذي يأتي من اتفاقية لجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو لحماية التراث الثقافي والطبيعي العالمي والمبادئ التوجيهية التشغيلية المقابلة لها، تم تطوير المنصة أيضاً بوظيفة تسمح للمتطوعين للمشاركة في مراقبة المحور المركزي، لتشجيع المجتمع بأكمله على المشاركة في حماية التراث الثقافي وتوريثه.

وفي تموز 2023، تعاون مكتب حماية محور بكين المركزي مع شركة «تينسنت» ومؤسسات أخرى لإطلاق مشروع «المراقب الرقمي»، الذي شارك فيه الجمهور في مراقبة التراث من خلال «مسح الرموز والتقاط الصور وتحميلها»، وفي الوقت الحاضر، أصبح هذا المشروع وسيلة مساعدة مهمة للرصد المهني لمواقع التراث، وإلى الآن، يضم البرنامج الصغير لمحور بكين المركزي السحابي ما يقرب من 800 ألف مستخدم مسجل، وحوالي 21 ألف متطوع، وأكثر من 80 ألف صورة مراقبة مقدمة.

لقد أصبحت التكنولوجيا الرقمية بمثابة جسر عبر الخلفيات الثقافية المختلفة، حيث تقدم كنوز مجموعة بناء على المحور المركزي الذي يربط العصر القديم والحديث إلى العالم، وأثبت مشروع «المحور المركزي الرقمي» أن التكنولوجيا الرقمية لا يمكنها توفير الدعم الفني لحماية التراث الثقافي فحسب، بل يمكنها أيضاً استكشاف نماذج جديدة في تنشيط التراث الثقافي وتوريثه، ومن المأمول أن تسمح مثل هذه التقنيات في المستقبل للمزيد من التراث الثقافي العالمي لتخليدها في العالم الرقمي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن