ثقافة وفن

«الزجل فن حي ويتجدد» أمسية زجلية في ثقافي أبو رمانة … شفيق ديب لـ«الوطن»: من واجب شعراء الزجل تقديم مادّة نقيّة أمام الجمهور.. وليس مادّة كره وتشنّج

| مايا سلامي – تصوير طارق السعدوني

يحرص الشاعر السوري شفيق ديب على إبقاء منبر الزجل حاضراً أمام رواده ومحبيه، ويتقن العزف على أوتاره ليعطي كل أمسية روحاً خاصة فيها تختلف عن سابقاتها، فيستكمل اليوم جولاته بأمسية «الزجل فن حي ويتجدد» التي احتضنها المركز الثقافي بأبو رمانة وجمعته بالشاعر السوري حسان بسطاطي بمباراة زجلية ملؤها التحدي والعنفوان عكست المحبة والصداقة القديمة التي تجمع الشاعرين، وخلقت حالة تفاعلية ساحرة من جانب الحاضرين. كما تكللت الأمسية بمشاركة عراقية لافتة من جانب الشاعر جابر الشكرجي الذي أضاف لها ألقاً بلهجة وشعر الرافدين الدافئ والأصيل، وحضر الشعر الفصيح إلى جانب الزجل من خلال قصائد ألقاها الشاعر علي الدندح، وقدمت الأمسية الإعلامية رنيم الباشا.

فن شعري

وفي تصريح خاص لـ«الوطن» بين الشاعر شفيق ديب أن الزجل لا يُعار من مسمّى «فلكلور» أو تراث وعلى العكس هذا الشيء يعطيه المزيد من الشرعية والروحية الشفافة التي تجعل الناس يشتاقون له، ولكن من الأفضل أن يصل إلى واقع «الفنّ الحيّ»، منوهاً بأنه تقصد تسمية الأمسية «الزجل فن حي ويتجدد» ليعبر عن رسالتين، حيث استخدم كلمة «فن» بدلاً من «شعر» ليؤكد أن الزجل إن لم يكن شعراً فهو فن شعري بأوزانه وعروضه ورموزه وجمهوره، وثانياً، كلمة «حي» لأن الزجل فعليّاً لم يمت، بل إنّه يعيش فترة من النهضة الشعرية التي بدورها ينقصها الانتشار فقط والخروج إلى فضاء أوسع.

وعن الجولة التي جمعته بالشاعر حسان بسطاطي، قال: «الشاعر حسان بسطاطي صديقي منذ عشرين سنة ولنا ذكريات وسهرات لا تعد ولا تحصى تحت دلبة مشتى الحلو وسنديانات عين العروس، وأنا أفتخر به وبصداقته بسبب ما يحمله من شاعرية وأخلاق، كما جمعتنا بكثير من الأيام منابر التحدي والشاشات والحفلات، وعلى سبيل الذكرى الجميلة كان هناك برنامج يعرض على إحدى المحطات اللبنانية، وفي ذلك الوقت الحلقة التي حصدت أعلى نسبة من المشاهدات كانت بيني وبين حسان وخاصّة في لون حماسي يسمى «المجزم».

وأضاف: «المحبة بين شاعريّ الزجل هي أساس النجاح، وأنا لا أقبل على نفسي أن أتبارى مع شاعر لا يحبني أو لا أحبه مع العلم أنني أحب الجميع لكنني أتحدث مجازاً، فأنا لا أقبل أن أبتسم بوجه شاعر أبطن له عكس ما أظهر، فعندما يخلو المنبر من الصدق والابتسامة يخلو من النجاح أيضاً، ومن واجب شعراء الزجل تقديم مادة نقيّة أمام الجمهور النقي الذي جاء ليشاهد مادة جميلة، وليس مادّة كره وتشنّج».

وعن أكثر ما أثر فيه خلال الأمسية، أوضح: «كانت مشاعري ملتهبة بسبب حضور الناس وأحسست أنه يجب أن أبذل كل طاقتي كي يكونوا مسرورين، بالإضافة لوجود الشاعر العراقي جابر الشكرجي الذي أثر بي كثيراً بصوته ولهجته العراقية».

أوج عظمته

من جانبه أشار الشاعر السوري حسان بسطاطي إلى أن الزجل نوع من الفلكلور الذي على أساسه يبنى الفكر، وفي هذه الأوضاع الفكر أصبح بحاجة إلى دعم وقوة وهمة الشعراء الذين ما زالوا يعملون، والأستاذ شفيق ديب فتح باباً واسعاً للشعراء في هذه المرحلة الصعبة ليخرجوا الزجل من شعبيته إلى مسرحه الراقي البعيد عن المهاترات.

وأكد أن الزجل اليوم بأحلى حلله وأرقى مراتبه سواء في سورية أم لبنان، ففي لبنان حجوزات حفلات الزجل لشهر آب أغلقت بالكامل وفي سورية 90 بالمئة من الأمسيات الشعرية التي تقدم بأسلوب جديد تحقق نجاحاً لذلك الزجل بأوج عظمته حالياً.

وأوضح أن الجيل القديم من شعراء الزجل هو أساس لنا نتكئ عليه ونقرأ بكتبه ونتمرس بفكره، واليوم نحن زهرّنا أغصان جديدة وإن شاء الله فسنوفيهم الحق الذي زرعوه بحصادنا نحن.

الصورة الحقيقية

وبين الشاعر العراقي جابر شكرجي أن هذه الأمسيات تزيح الهم عن الإنسان وتنسيه تعبه وتفكيره بالحياة وصعوباتها، وعن العدوان الغاشم علينا كبلدين شقيقين والحصار والظلم الذي نعيشه، ففي هذه اللقاءات نرفه عن أنفسنا ونعبر عما داخلها بكلماتنا.

ولفت إلى أن الزجل ينقل الصورة الحقيقية كما هي أما الشعر العمودي أو الفصيح فهو المترجم للحالة الشعبية، ولذلك نشاهد الناس يرغبون في الزجل أكثر من غيره.

نصوص فصيحة

وقال الشاعر علي الدندح: «نجتمع دائماً على الكلمة التي جمعت اليوم بين الفصيح و«شعر الزجل»، لم يكن هناك خلاف أبداً بنمط الكتابة وإنما هناك بالمضمون وهذا التفاعل الكبير من خلال الجمهور لم يفرق بين زجل وفصيح.

شعر العامة

وأوضحت مديرة ثقافة دمشق نعيمة سليمان أن الزجل فن من فنون الأدب الشعبي يستخدم مفردات من التراث المحلي، هو شعر العامة وأقرب للأغنية الشعبية التي يرددها الناس وله محبوه، ويرتبط بالبيئة ويعبر عن الأحداث بشكل صادق.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن