رابطة الخريجين الجامعيين والجمعية التاريخية تكرم قامة نقدية … حنا عبود: لم أصنع من أصحاب الشهادات شعراء فقد جاؤوا إليّ شعراء ناضجين
| عبد الحكيم مرزوق
استفادوا من حرفيّة عبود النقدية
الشاعر محمود نقشو قرأ مداخلة نقدية كتبها الدكتور المهندس حسان الجودي بعنوان (حنا عبود بيت الكون الأمين) قال فيها: إن عدد مؤلفات حنا عبود هو ستة وثلاثون مؤلفاً، وعدد مترجماته هو ثمانية وخمسون كتاباً، ومجموع ذلك هو أربعة وتسعون كتابً منشوراً، وعن دور (عبود) في اقتراحات تحريرية وتعديلات متعلقة بنصوص إبداعية تعرض عليه أصدقاء ومعارف وأدباء استفادوا من حرفيّة عبود النقدية، وقدموا أعمالاً متميزة لا تزال علامة فارقة في تاريخ تجربتهم الإبداعية.
وأشار (الجودي) في مداخلته إلى تأثير (عبود) في التدخل المباشر في أعمال الأدباء والملاحظات والاقتراحات التي كان يقدمها للشاعر الراحل محمد وليد المصري في كل زيارة، حيث كان يحرص الراحل أن يكون عبود أول من يسمع القصيدة الجديدة.
طريق تحقيق الأحلام كلها تراجيديا
وقرأت د. رشا ناصر العلي بالنيابة مداخلة كتبها د. حسن حميد عن حنا عبود قالت فيها:
إن حنا عبود أحاط نفسه بسور علمي وثقافي ومعرفي، هو سور الكتب والأفكار والشروح والتأمل والأسئلة الروافد، سور لقلعة معرفية نادرة، وأضاف: علمني حنا عبود أن الهدوء قوّة، والتروي قوّة، وأن الكتابة الجميلة هي السطور التي يقودها الذكاء بحذق إلى الخاتمة، وأن آفة الكتابة هي الارتجال وهي القول المبهم، قليل الحمولة، وعلمني حنا عبود أن أدفن رأسي في عالم صاغته يدا الأرض والسماء، أي أن أكون خديناً للواقع والمجاز، ولكن علي الحذر دائماً، أن أبقي أنفي حراً طليقاً كي لا أختنق، فالواقع يخنق، والمجازر تخنق، وقال لي: طريق تحقيق الأحلام، هي طريق كلها تراجيديا، وضفافها كلها هي الحرائق.
حنا عبود، صاحب الثقافة التي أدخلت البهجة إلى نفوس القرائين جيلاً بعد جيل، لتصير المعرفة، وليصير الوعي، والإبصار، والتمييز مرتكزات للحياة التي ننشدها، ونسعى إليها.
الأدب هو الوحيد القادر على صون القيم الإنسانية
وقدم الباحث عطية مسوح مداخلة بعنوان (الموسوعي المبدع ) قال فيها: إن حنا عبود افتتح حقولاً جديدة في أدبنا العربي، وأثرى الحقول التي اشتغل فيها بإضافات بالغة الأهمية، وابتكارات حقيقية، وهو لا يعلن استلهامه منهجاً واحداً محدداً، وهو يستفيد من المناهج كلها مستلهماً ما يجده إيجابياً ومناسباً لبحثه في كل منها، ورأى أن عبود يربط كل تطور أدبي بالتطور الاجتماعي، وتطوّر الأشكال التعبيرية في كل الفنون الأدبية، وقال:إن عبود تطرق إلى الأدب في زمن العولمة، وأدخلها في سياق بحث المفكرين والنقاد العرب في نظرية الأدب، حيث يغدو الأدب بين يديه شخصية حية مستعدة للفعل، تعرف أن مقدارها مواجهة الظلم والاستغلال وتشعر بهول الفاجعة فتنهض وتستفز، وتنتفض، وتجرح، ولا تموت، ورأى (مسوح) أن اهتمام عبود بالأسطورة لم يكن معزولاً عن اهتمامه بالواقع، فهو لا يعرض الأسطورة للتذكير بها وإنما هي جسر للوصول إلى قضايا معاصرة، وطرح أفكاراً حولها، فالأدب هو الوحيد القادر على صون القيم الإنسانية التي يسعى الاقتصاد السياسي إلى تحطيمها، وعصرنا حاضر في كل ما يكتبه حنا عبود.
التقيتهم في ذروة عطائهم
وبعد تكريم الباحث حنا عبود بتقديم درع تذكاري من نائب محافظ حمص ورئيس مجلس إدارة رابطة الخريجين الجامعيين ونائبه تقديراً لجهوده المبذولة في حقل الثقافة والمعرفة، تحدث (عبود) بكلمة شكر فيها إدارة الربطة والجمعية التاريخية على حفل التكريم، وأضاف معقباً على ما جاء في المداخلات: لم أصنع من أصحاب الشهادات شعراء فقد جاؤوا إليّ شعراء ناضجين، فعبد النبي التلاوي، ود. حسان الجودي، والراحل محمد وليد المصري، كلهم نالوا جوائز قبل أن يأتوا إليّ، وما حصل أنه كان هناك نوع من الحوار المتبادل معهم، هو الذي أنشأهم (ويقصد الحوار)، والتقيتهم في ذروة عطائهم، وأضاف عبود: إنهم لم يتكلموا عن حمص التي وهبته كل تلك الأفكار في الثقافة والحياة اليومية، وطيبة أخلاق شعبها، والروح المنفتحة التي وجدها في حمص من دون أي مدينة أخرى، ولحمص دين كبير في عنقه، سواء في ثقافته أم دراسته وعلاقته اليومية مع أهلها وأضاف: أكاد أبكي الآن حين أتذكر هذه الحياة الرائعة رغم مشاقها، كنا ننتصر على العقبات بطيبة أهلها، ففي حمص نسيج اجتماعي رائع، قضيت فيها سبعين عاماً لم أسمع فيها كلمة سيئة من أحد… حمص مدينة غير منافقة… إنها طيبة السجية البشرية.. مدينة غير متعالية.