معرض للمنحوتات السورية … قات لـ«الوطن»: الأسلوب هو المشاعر التي راكمتها المعرفة وأحرص على إضافة عنصر الدهشة
| مصعب أيوب
برعاية وزارة الثقافة افتتح في البيت الأزرق مساء السبت الماضي معرض النحاتين السوريين الذي ضم باقة منوعة من أروع ما أنجز أهل النحت ومنهم زياد قات وبديع جحجاح وغسان صافية وعبد الله مراد وعلا هلال ومصطفى علي ونجود الشمري ووضاح سلامي وأيمن حميرة وهادي عبيد وحسام نصرة وغيرهم.
تراكمات معرفية
الفنان زياد قات في كلمة لـ«الوطن» أوضح أن العمل الوحيد الذي شارك فيه لا يمكن أن يتكلم عن النحت كالشعر والفلسفة وإنما هو مجرد أحاسيس وتراكمات معرفية وفنية وتشكيلية تقودنا في بعض الأحيان بحالة اللاوعي وأحياناً أخرى بحالة من الوعي، وأفاد بأنه في عمله هذا حاول دمج حركة السيف وفعل الشعر من خلال اعتماد الإيحاءات والابتعاد عن التشخيص بحيث تغدو العلاقة قوية وسامية ومنتصبة بين الكلمة والسيف، وبالتالي هو تناغم بين الشعر والموسيقا والسلاح جمع تلك العناصر بعيداً عن الفلسفة وقريباً من الجمال.
وأردف أن العمل هذا الذي صنعه باستخدام خشب الزان يفسح المجال أمامه للانطلاق نحو أمور أخرى، مؤكداً أن الأسلوب بالنسبة له هو مشاعره التي تتغير بعد أن يستجمع ما استطاع تحصيله من تراكم معرفي سواء بالثقافة أم بالشعر أو بالنحت أو بأدوات النحت، وأشار إلى أنه يحرص على إضافة عنصر الدهشة ويحترم المشاهد والمتلقي فيقدم له شكلاً جمالياً وإن استعصى عليه فهمه، ولاسيما أن الفن التشكيلي لغة بصرية يجب أن ينال استحسان الناس.
وأكد أن إنجاز أعمال كهذه يستغرق وقتاً طويلاً للوصول إلى الفكرة الرئيسية والبذرة الأم لها على حين أن تنفيذها لا يحتاج للكثير من الوقت، ولكن بعد إنجازها يصبح عنده بعض التساؤلات أو التعديلات وربما يتم نسف العمل كله وربما بعد مضي بعض الوقت يعود للاهتمام به، وهي اللغة التشكيلية هكذا دائماً ربما نفهمها وربما نخطئ التعامل معها ولا نحسن ترجمتها.
خلود واستمرار
أما الفنان مصطفى علي فقال: أستوحي مواضيعي بالدرجة الأولى من فكرة الخلود والاستمرار وهو ما ينتج عن علاقة السالب بالموجب أو بمعنى أوفى: الرجل والمرأة، فبوجودهما واجتماعهما تتجدد الحياة وتولد من جديد، فنرى في العمل رمزاً للخلود من خلال مشاهد الاحتضان والتعاطف الذي نراه بين الرجل والمرأة في المنحوتة التي أنجزتها بوساطة مادة البرونز التي تبقى طويلاً.
صفاء القلب والروح
بينما يعتبر الفنان بديع جحجاح أن لكل فنان نهجاً خاصاً في طريقه الفني، وبالنسبة له فإن الحرب جعلت الجميع دراويش من هول المعركة وهول ما تعرضنا له، وبالتالي فإن الدروشة تعيد الشخص لنفسه ولروحه ما يجعلنا نطرح تساؤلاً بشكل دائم مفاده من نحن؟ أمام الآخر وأمام الخالق، فدائماً هناك خطان للتعامل في ذلك، خط عمودي مع الخالق وخط أفقي مع الناس، فهو يعتبر أن الدرويش هذا عندما يكون صافي الذهن داخلياً فإنه بطبيعة الحال سيكون صافي الذهن والقلب والروح مع الآخر وإلا لما عاد درويشاً.
فيؤكد جحجاح أن الدروشة هي نوع من التأمل الذي يجعلنا ندرك أن الاستقامة والقيمة الأخلاقية من جهة المحبة والحق تجعلنا أشخاصاً أسوياء، لذلك الدرويش في رحلته النهائية تتحول يداه إلى أجنحة، جناح يستقبل وجناح يغدق بالعطاء، وفي خلاصة الأمر يمكن تلخيص ذلك بأنه نوع من الحوار الهادئ واللطيف بين الروح والجسد والعقل.
ألم وانكسار
وقد نوه النحات غسان صافية أن المواضيع الإنسانية والواقع المؤسف هو ما يشغل تفكيره وما يحاول التركيز عليه، وأنه يعتبر المرأة تساوي العالم كله وليس فقط نصف المجتمع وعليه فإنه يتعمد استخدام المرأة وجسدها لتجسيد الألم والانكسار والانطواء والهرب إلى الداخل والانغلاق على الذات والتقوقع في ظل سطوة العنف والعالم الموحش، وأنا عندما أجسد الألم في المرأة فأقول من خلال ذلك إن الوضع ليس على ما يرام.