الأولى

ماذا نريد من البعث؟

| بقلم: رئيس التحرير – وضاح عبد ربه

على الرغم من أني لست بعثياً، ولا أنتمي إلى حزب سياسي آخر، وأحاول قدْر المستطاع أن أحافظ على نوع من الاستقلالية والحياد السياسي، إلا أنني أرى أنه في ظل الحديث الدائر عن التغييرات الأخيرة وما تعيشه سورية من مرحلة انتقالية، لا بد أن أسجل بعض الملاحظات بصفتي الإعلامية حول ما يريده الناس، وأنا، وأعوذ بالله من كلمة أنا، فرد من هؤلاء المواطنين الذين يطمحون لسورية أجمل وأفضل، وأهم هذه الملاحظات تكمن في ما يريده أو نريده نحن من حزب البعث أو من القيادة الجديدة لهذا الحزب، أو على الأقل ما نتطلع إليه؟

على سبيل المثال، هل نريد للقيادة الجديدة أن تتدخل في تسمية أعضاء مجلس الشعب؟

الجواب بكل تأكيد لا، وهذا ما تجلى بشكل واضح في الانتخابات الأخيرة حيث تُرِك القرار للقواعد الحزبية لتقول كلمتها، وكما تابعنا لم يكن هناك إجماع حول اختيار البعض ورافقها اتهامات بتدخلات من هنا أو هناك، قد تكون أثّرت في عملية الاستئناس، لكن كان تدخّل القيادة هنا مقتصراً بالحفاظ على توازنات محددة من فئات الشعب من دون إحداث أي تغييرٍ جوهري في النتائج.

هل نريد للقيادة أن تتدخل في شؤون الوزارات والعمل التنفيذي للحكومة؟

أيضاً الجواب جاء واضحاً من الأمين العام للحزب الرئيس بشار الأسد الذي أكد ضرورة فصل السلطات وانحسار دور الحزب في رسم السياسات العامة ومحاسبة الحكومة على النتائج من دون التدخل في عملهم اليومي.

إذاً، من المفترض ألا يخاطب أي عضو قيادة حالي، أي وزير أو مدير عام، أو أي جهة تنفيذية، إلا من خلال رئيس الوزراء الذي بحكم منصبه هو عضو في القيادة المركزية للحزب.

مثال آخر: هل المطلوب من القيادة التدخل في انتخابات غُرف التجارة كما يريد منها بعض التجار؟

بكل تأكيد لا، وكل تاجر يقوم حالياً بزيارات لأعضاء القيادة لأي سبب كان، عليه أن يراجع نفسَهُ ويعي أن لا دور للقيادة في انتخابات غرف التجارة، وبكل تأكيد عليها ألا تتدخل بذلك.

مثال آخر: هل على القيادة أن تتدخل في انتخابات النقابات والاتحادات المهنية؟ أو أن تقيل نقباء وتعيّن آخرين بقرارات منها؟!

الجواب ذاته، على القيادة أن تمتنع عن ترشيح ودعم شخص أو أشخاص وترك الأمر للنقابيين لاختيار من يرونه الأجدر لتمثيلهم.

هل للقيادة أن تعطي رأيها في مشروع استثماري خاص؟

أيضاً لا، فهذا ليس من اختصاصها، ويكفيها إدارة استثمارات الحزب بالشكل الأفضل والأمثل، وتحقيق العائدات بعيداً عن المحسوبيات والفساد الذي قد يسود هذه العملية.

إذا ما المطلوب من قيادة الحزب؟

الجواب هو أن على هذه القيادة أن تتفرّغ لرسم السياسات العامة، وأن تطلع جمهورها على ما توصلت إليه من قرارات ونتائج ستنعكس على كل السوريين، وعليها أن تقرر مثلاً إن كانت مستمرة في سياسة تقديم الدعم؟ ولمن؟ وإن كان الجواب هنا معروفاً لكن الآليات لا تزال غير واضحة.

عليها أن تدرس أي نظام اقتصادي ملائم في وضعنا هذا لسورية وللسوريين، وأي نظام استثماري، وأي خطاب سياسي، وما هو الخطاب الاقتصادي والاجتماعي.

نريد منها أن تزودنا بحلول ومقترحات اقتصادية تنعكس إيجاباً على معيشة كل السوريين، ونريد منها دراساتٍ اقتصادية واجتماعية واضحةً وخططاً وسياسات للتواصل مع المغتربين على سبيل المثال، وأفكاراً تطرح على الرأي العام لتكون بمنزلة استفتاء حول ما المستقبل الذي يتطلع إليه كل سوري؟

نريد من القيادة أن تكون سبّاقة في طرح أفكار لحوار وطني بين كل شرائح المجتمع السوري يكون هدفُهُ تحصين المجتمع السوري من أي تحديات حالية أو قادمة.

نريد من القيادة أن تستعين أو تؤسس لمراكز أبحاث وخبراء اقتصاديين لوضع منهجية كاملة يمكن من خلالها تخطي الصعوبات والعقوبات وتؤسس لمرحلة قادمة عنوانها: نهضة سورية.

نريد ببساطة أن نخرج من النمطية السائدة، ومن التدشينات والصور واللافتات والشعارات والتدخلات غير المنطقية وغير المحببة في شؤون السلطة التنفيذية، لنرسمَ صورةً جديدة لحزب سياسي قادر على رسم ووضع سياسات تلبي طموحاتنا جميعاً.

وهذا ما نأمله..

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن