قضايا وآراء

لا غيوم في سماء التفاوض

| منذر عيد

«لو بدها تشتي كانت غيمت»، لا غيم يرتجى منه في سماء مفاوضات الخميس من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى، بل إن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل قدماً على رفع حرارة الأجواء، بما يعطل أي أمل بظهور أي غيمة يمكن عقد الآمال عليها لتمطر نتائج إيجابية تنهي العدوان على قطاع غزة.

قد لا نبالغ، وفقاً لمعطيات الحراك السياسي العالمي، والموقف داخل الكيان الإسرائيلي، وتوقيت المفاوضات، إذا ما قلنا إن تلك الجلسة المرتقبة يوم غد في الدوحة ليست إلا بالوناً حرارياً إسرائيلياً، لتعطيل رد إيران وحزب اللـه على استشهاد رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران، واستشهاد القائد في حزب اللـه فؤاد شكر بالضاحية الجنوبية، وبما يمكن آلة القتل الإسرائيلية من الاستمرار في عملها في القطاع، لتحقيق إنجاز يمكن نتنياهو من البناء عليه قبيل الذهاب إلى اتفاق حقيقي يؤدي إلى عملية تبادل الأسرى ووقف العدوان.

استهتار نتنياهو بالمسار السياسي، وعدم مبالاته بأي اجتماع من شأنه أن ينهي الحرب على غزة، كان جلياً من خلال عدم مناقشة المجلس السياسي والأمني الإسرائيلي، الخميس الماضي، صفقة الأسرى، كما أنه لم تتم دعوة وفد التفاوض إلى الاجتماع، لتأتي حالة السجال بين وزير الحرب يوآف غالانت ونتنياهو، لتأكد بأن موافقة نتنياهو على إرسال وفد إلى الدوحة ليس إلا من باب المشاغلة، وإدخال المفاوضات في دهاليز ومتاهات جديدة تعيدها إلى نقطة الصفر، الأمر الذي بدا من خلال إدخاله شروطاً جديد تمثلت بمعرفة أسماء «المختطفين» الـ33 الذين سيُفرج عنهم في المرحلة الأولى من الصفقة، وحق الاعتراض على الإفراج عن أسماء الأسرى الفلسطينيين الوازنين بهذه المرحلة، بحسب ما ذكرت الإذاعة الإسرائيلية.

سجال غالانت ونتنياهو، كشف أن التوصل إلى اتفاق، هو آخر أهداف رئيس الوزراء الإسرائيلي، إذ يقر الأول بأن إسرائيل هي سبب تأخير إبرام صفقة إعادة الأسرى لدى المقاومة، ليؤكد أن الحديث عن «انتصار مطلق» محض هراء، ليرد مكتب نتنياهو بالقول: «أمام إسرائيل خيار واحد هو تحقيق النصر وتوجيهات رئيس الوزراء هذه ملزمة للجميع بمن فيهم غالانت»، ليتضح في كلام «المكتب» أن التوصل إلى اتفاق ليس هدفاً إسرائيلياً، وإنما الهدف الأساس هو «النصر»، نصر مازال نتنياهو يبحث عنه منذ بداية العدوان على غزة، دون طائل، الأمر الذي دفع ويدفع به إلى ارتكاب المزيد من الجرائم ومجازر الإبادة بحق الأطفال والنساء والشيوخ، ممنيا بذلك النفس أن يعلن نصره على دماء الأبرياء المدنيين.

في خضم محاولات الولايات المتحدة الأميركية والغرب الداعم للكيان الإسرائيلي، لثني طهران عن القيام برد على جريمة اغتيال هنية، أو أن يكون الرد شكليا، والدفع بورقة المفاوضات، يبقى السؤال الأساس، هل سينجحون في ذلك، خاصة في غياب أي ضامن يلزم الكيان بوقف عدوانه؟

الجواب القطعي، ودون إعطاء دلائل، هو أن رد إيران وحزب اللـه آت وقطعي ومؤثر، بل إن تداعياته ليست بعيدة عن المصالح الأميركية في المنطقة، تلك المصالح التي تضررت كثيراً بسبب انحياز واشنطن للكيان الإسرائيلي، حيث أشارت وثيقة داخلية، تم تسريبها مؤخراً، إلى أن كبار القادة في وزارة الخارجية الأميركية يدركون أن دعم نتنياهو يلحق ضررا دائماً بمصداقية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ولا يفيد المصالح الأميركية، ولكن سياسة دعم إسرائيل مستمرة.

حتمية الرد التي أعلن عنها الأمين العام لحزب اللـه حسن نصر اللـه في خطابه بمناسبة مرور أسبوع على استشهاد شكر، وحديثه عن بنك أهداف اقتصادية يقدر بمليارات الدولارات، وإمكانية ضربه بنصف ساعة، أدخل الكيان بجميع مستوياته في حالة من الشلل والرعب والانتظار، وهو ما أدخل أصحاب القرار في الكيان والدول الداعمة له في دائرة مفرغة من التكهنات بما هو آت، وأشغلهم في دراسة جملة من السيناريوهات التي يمكن أن يلجأ إليها حزب اللـه للرد على استشهاد شكر، وليتذكروا جميعاً قول السيد حسن في مقابلة تلفزيونية 2019: «جزء من خطتنا هو الدخول إلى الجليل ونحن قادرون على ذلك ونقرر وفق مجريات الحرب، نحن منذ سنوات نملك القدرة على تنفيذ العملية»، لتوصف قناة «بي بي سي» حالة الانتظار المميت داخل إسرائيل بقولها: «بعض الناس لا ينامون حتى الصباح خوفاً من الهجوم».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن