.. وصرنا تريند!
| فراس عزيز ديب
يقال في الفقه: «لايحكم القاضي وهو غضبان»، ترى ماذا لو قرر الصحفي أو الكاتب أن يطرحَ رأيه وهو غضبان؟ تحديداً أن سبب غضبه وطني، لا شخصي!
انتهى الأولمبياد الباريسي من دون مفاجآت تتعلق بالرياضة السورية وهو ما كان متوقعاً حتى قبل انطلاق الحدث، لأننا بالمجمل أبعد ما نكون عن تحقيق إنجازات رياضية مادامت العقلية التي تدير الرياضة هي ذاتها منذ خمسة عقود، والجميل في الأمر أن المشجعين في هذا البلد المكلوم باتوا يتعاطون مع الأمر بالكثير من الواقعية بعيداً عن الكلام المعسول ومساحيق التجميل التي يتلفظ بها هذا المسؤول الرياضي أو ذاك ليغطي بها فشله.
لكن الحدث الباريسي أبى أن يمر مرور الكرام من دون أن يحولنا كسوريين إلى تريند وهو ما لم يكن مفاجئاً لكوننا وعلى رأي المثل الشعبي «بكل عرس إلنا قرص»، هذا التريند تسبب به هروب أحد أفراد البعثة السورية، لكن المفاجئ هو الطريقة التي تم فيها التعاطي مع الحدث، ففي الوقت الذي كنت أشعر فيه بالرغبة بتمزيق كل الصحف التي تعاطت مع الخبر، أو حتى تهكير مواقعها الإلكترونية من شدة الغضب، وحجب أرقام الأصدقاء والجيران الذين أرسلوا لي الخبر، كان هناك سوريون منقسمون على مواقع التواصل الاجتماعي، بعضهم دافعَ عن تصرف اللاعب معتبراً أن فرصة كهذه لاتأتي كل يوم، الطرف الآخر اعتبرها خيانة وبدأ بالهجوم على اللاعب، لكن من الواضح أن كلا الطرفين تلهى بالقشور ونسي الجوهر، فمن دافع عن تصرفه تجاهل أن هناك فرقاً بين التصرف الشخصي وتصرفك عندما تكون جزءاً من بعثة تمثل بلداً، هنا أنت لا تمثل نفسك، لو أن القرار ذاتي وطريقة الوصول إلى أوروبا ذاتية لكان الحدث عادياً، لكننا هنا نتحدث عن كرامة وسمعة بلد.
أما الطرف الآخر فهو الذي جلس يهاجم اللاعب ويعطينا دروساً في حب الوطن والانتماء، هؤلاء من بينهم مسؤولون تجاهلوا ما هو أهم، إن ما قام به اللاعب لا يمكن أن يتم من دون تنسيقٍ ما مع الجهات الإدارية، هناك من سيدافع ويرفض الفكرة لكن دعونا نسأل سؤالاً منطقياً قد يفتح الجواب عنه مغارة الحقائق:
على أي أساس تم ترشيح اللاعب لكي يكون من ضمن البعثة؟ تحديداً أنه لا يمتلك أرقاماً ولا إنجازات قارية ترشحهُ كما هو بطل رفع الأثقال معن أسعد، هل تم اختياره ليأخذ مكاناً عبر بطاقات الدعوة الموجهة للجمهورية العربية السورية من اللجنة الأولمبية؟
أعترف أني أكتب هذه الزاوية والكثير من الغضب يعتريني، لأن ما حدث لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون حدثاً عادياً، عبارة «هروب أحد أفراد البعثة السورية» أشعر بها وكأنها لكمة أتلقاها كلما قرأتها، عبارة يجب التعاطي معها بصورة جدية والكثير من الشفافية بالأدلة الدامغة، فهل من ردة فعل؟