رغم استقرار سعر الصرف.. الأسعار ترتفع في الأسواق!! … عضو غرفة تجارة دمشق يعترف: هناك احتكار!! … رئيس جمعية حماية المستهلك لـ«الوطن»: الحكومة مقصرة في الرقابة.. والتجار ليسوا بريئين
| جلنار العلي
يبدو أن التجار مصرّون على ضرب قوانين الأسواق عرض الحائط، ورفع الأسعار حتى من دون وجود أي مبرر لذلك، فمنذ زمن ليس ببعيد -نحو العام فقط- كان التجار يتذرّعون عند ارتفاع الأسعار بعدم استقرار سعر الصرف وارتفاعه الدائم، وحاجتهم لوضع سعر تحوّطي كي لا يخسروا وكي يستطيعوا شراء دفعات جديدة من السلع أو استيرادها من دون أن يترتب عليهم دفع مبالغ إضافية، أما اليوم فيمكن القول إن العام الحالي سجل أكثر الأعوام استقراراً من حيث سعر الصرف، إذا ما قارنّاه بعدد من الأعوام السابقة، فما السبب في ارتفاع الأسعار الحاد الحاصل من أسبوع وحتى اليوم بالنسبة للمواد الاستهلاكية والخضر والفواكه؟
في البداية، تواصلت «الوطن» مع مدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لمعرفة فيما إذا تم إصدار نشرات سعرية جديدة خلال الأسبوع الفائت، لكنه اعتذر عن التصريح من دون موافقة المكتب الصحفي، ووعد بالحصول على موافقة المكتب ومن ثم معاودة الاتصال إلا أنه لم يتصل ولم يستجب عند إعادة الاتصال به.
ومن ثم، قصدنا بيت التجار لمعرفة تبريراتهم الخفيّة وراء ارتفاعات الأسعار، حيث اعتبر عضو غرفة تجارة دمشق في تصريح لـ«الوطن» أن ارتفاع الأسعار لا يرتبط بشكل كبير بسعر الصرف إذا ما ترافق استقراره مع الارتفاع الحاصل بالتكاليف كالكهرباء والمشتقات النفطية والغاز وغير ذلك، التي تؤدي إلى زيادة الأسعار بشكل فوري سواء بالنسبة للصناعة أو النقل والبيع وكل الأمور الأخرى، ففي حال زاد سعر المازوت بنسبة 5 بالمئة فإن الزيادة السعرية تكون 5 بالمئة أيضاً، ويضاف إلى هذا السبب صعوبة إيجاد المواد بالنسبة للتجار وصعوبة الاستيراد، وضعف الاستهلاك الذي يجعل التاجر يحمّل تكاليف شراء المواد غير المباعة على الأسعار النهائية للسلع، ذاكراً مشكلة أخرى وهي القيود على السحب من البنوك وتجميد الأموال في منصة تمويل المستوردات لمدة تصل إلى 5 أشهر في أغلب الأحيان، وهذا ما يؤدي إلى إبطاء دورة رأس المال، فبدلاً من أن يكون التدوير يومياً بنسبة ربح 1 بالمئة يومياً، و365 بالمئة سنوياً، تصبح مدة دورة رأس المال سنة كاملة، وهذا ما يزيد من الأسعار أيضاً.
وأشار إلى أن هذا الواقع أدى إلى إحجام الكثير من التجار عن العمل، وهجرة البعض منهم إلى دول مجاورة نحو قوانين اقتصادية ميسرة بشكل أكبر، وهذا ما أدى إلى إيجاد حالة من الاحتكار لدى عدد غير قليل من التجار المتبقين، لافتاً إلى عدم وجود إحصائيات واضحة عن عدد هؤلاء التجار الذين أغلقوا منشآتهم، لكن يوجد هناك مؤشر مهم ظهر خلال الانتخابات الجارية لغرفة تجارة دمشق، حيث بلغ عدد السجلات التجارية بوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك نحو 100 ألف سجل، في حين وصل عدد التجار المسددين الذين يحق لهم الانتخاب في غرفة تجارة دمشق إلى 4990، مقارنة بـ7000 تاجر العام الماضي، أي إن عدد التجار الفعلي هو 5 بالمئة فقط من مجمل عدد السجلات التجارية الموجودة، وهذا الأمر غريب، إضافة إلى أن دمشق التي تعد أرض التجارة في سورية أصبح عدد تجارها يقل عن عدد تجار محافظة طرطوس الذي وصل إلى 6000 تاجر، مؤكداً أن ذلك يعني خسارة لرؤوس الأموال وللفكر الاقتصادي.
بدوره رئيس جمعية حماية المستهلك عبد العزيز المعقالي، أعاد ارتفاع الأسعار خلال الأسبوع الفائت إلى ضعف الرقابة التموينية على الأسواق وانفلات الأسعار، معتبراً في تصريح لـ«الوطن» أن الحلول القسرية التي تتبعها الحكومة غير مجدية، فالحل يجب أن يتمثل في توفير الأسواق بالمواد وإلغاء حلقة الوساطة بين التاجر والمستهلك، وذلك من خلال أمور عدة منها تفعيل التدخل الإيجابي في الأسواق من خلال مؤسسة السورية للتجارة التي تعد أكبر تاجر في العالم لكونها تمتلك 1400 منفذ تسويقي، إضافة إلى المؤسسة الاجتماعية العسكرية التي تمتلك 25 منفذاً، مؤكداً وجود تقصير حكومي في هذا الجانب، مطالباً بالتعميم على رؤساء مجالس المدن لافتتاح أسواق هال جديدة، كي لا تكون مقتصرة على مراكز المحافظات فقط، وذلك لتوفير أجور النقل على الفلاحين والتجار والمستهلكين على حد سواء.
وبالنسبة للتجار، اعتبر المعقالي أنهم غير بريئين مما يجري في الأسواق، وأنه يوجد الكثير من المسؤوليات التي تقع على عاتقهم، فيجب أن يمتلك الكثير من التجار القناعة بالأرباح، لافتاً إلى أن البعض منهم شركاء لبعض عناصر الضابطة التموينية، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الكثير من المواد الاستهلاكية، متمنياً ضبط الضابطة التموينية في البداية ومن ثم مراقبة الأسعار، والتأكد من جودة المنتجات المعروضة حتى لو كان سعرها منخفضاً، لوجود الكثير من الفعاليات التي تلجأ لبيع المنتجات بأسعار مخفضة على حساب المواصفات كالألبان والأجبان ومواد المنظفات وغير ذلك.