التراث المعماري في حمص … التنوع الفكري والثقافي يؤسس لنهضة فيما لو استثمر بالشكل الأمثل
| عبد الحكيم مرزوق
بدعوة من الجمعية التاريخية بحمص قدمت المهندسة هنادي طيارة محاضرة عن التراث المعماري في مدينة حمص.
أكدت المحاضرة تنوع العناصر المعمارية التي شكلت التراث المعماري في هذه المدينة تبعاً لتنوع الحقب التاريخية التي تعاقبت على أرضها… وتناولت عدة محاور… كان أولها العوامل المؤثرة في التراث المعماري لمدينة حمص وكيف بدا تأثير هذه العوامل في العمارة والعناصر المعمارية التي شكلت التراث المعماري لهذه المدينة والعديد من الأمثلة عن مبان تراثية في حمص تنتمي لحقب زمنية متعددة ولأنماط معمارية متعددة، وأكدت غنى التراث المعماري في هذه المدينة.
يلبي حاجات الإنسان وتطوير النوعية المعمارية
في البداية قدمت المحاضرة تعريفاً للعمل المعماري الذي هدفه تغيير البيئة وتطويعها وتوظيفها بما يلبي حاجات الإنسان وتطوير النوعية المعمارية للبناء، ثم تحدثت عن العوامل المؤثرة في التراث المعماري ومنها العامل الاجتماعي والثقافي والديني حيث أثرت في البساطة والموروث والخصوصية، والعامل المناخي الذي ظهر من خلال تميز توضع الأبنية بشكل متجاور للتغلب على العوامل المناخية الحارة، وتناسب ارتفاع الواجهات مع عرض الشوارع بحيث يؤمن الظل المتشكل لحماية المارة من أشعة الشمس الحارقة صيفاً، وكذلك العامل الاقتصادي والجمالي والدفاعي، التي جعلت الموقع الإستراتيجي للمدينة مع مبانيها يبدو أشبه بالحصون، بالإضافة لانتشار القلاع على أراضيها.
الزخارف لتغطية الفراغات
وقدمت (طيارة) لمحة تاريخية عن التراث المعماري الذي مر بعدة مراحل منها الكلاسيكية ثم الساسانية، فالفتح الإسلامي، كما تحدثت عن عناصر التواصل مع البيئة المحيطة التي أخذت أشكالاً متنوعة من المربع إلى المستطيل والمنحنيات والأقواس في أشكال النوافذ والأبواب، والسيباط الذي يعلو الشارع، ومواد البناء كالحجر البازلتي الأسود الذي تتميز به حمص والحجر الأبيض والرخام والحجر الكلسي والطين، والزجاج المعشق.
وأضافت: أن التضاريس من مكونات العمارة وكذلك الزخارف لتغطية الفراغات في الأبنية، وكذلك الأعمدة والقباب التي كان لها دور تزييني، والمنظور الذي يتسم بتلاحم الأبنية كي يعطي راحة للعين التي ترى هذا الشكل من الأبنية بشكلها البانورامي بالإضافة إلى مساهمة الظل في بروز معالم واجهات الأبنية.
أمثلة من تراث حمص
وذكرت المحاضرة أمثلة من تراث حمص المعماري أبرزها:
قوس النصر في تدمر الذي أقيم بعد انتصار الرومان على الفرس. وقلعة الحصن التي أدرجت على قائمة التراث العالمي في عام 2006، وكنيسة أم الزنار التي استخدم الحجر البازلتي في بنائها، والجامع النوري الكبير الذي يوازي بأهميته جامع بني أمية الكبير في دمشق، وكنيسة مار اليان التي تتميز بلوحاتها الجدارية التي تعود إلى القرن الثاني عشر الميلادي وجامع خالد بن الوليد الذي يتميز بناؤه الذي أنشئ على الطراز العثماني، وقصر الزهراوي الذي يعود للعهد المملوكي.
واستعرضت مجموعة من المباني المعاصرة في حمص استخدمت العناصر التراثية بطريقة محدثة فيها توظيف العناصر التراثية في مبانٍ معاصرة مثل شارع العراب ومطعم بيتي، وفي ختام المحاضرة، أكدت أهمية التنوع الفكري والثقافي والمعماري في المدينة الذي يؤسس لنهضة عمرانية فيما لو استثمر بالشكل الأمثل.