اقتصاد

هل سلب التضخم سوق التأمين قدرته؟ … مدير هيئة التأمين لـ«الوطن»: القطاع تأثر بالتضخم وحلول فنية لمواجهته

| رامز محفوظ

شهدت الأسواق خلال الأعوام الأخيرة تضخماً بشكل كبير غير معتاد أدى إلى ارتفاع أسعار السلع والممتلكات، فهل مازالت شركات التأمين السورية قادرة على تلبية متطلبات القطاع الاقتصادي في ضوء هذا التضخم غير المسبوق وغياب الإعادة الخارجية بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد.

مدير عام هيئة الإشراف على التأمين رافد محمد في تصريح خاص لـ«الوطن» أكد آثار التضخم على كل منتجات التأمين بشكل واضح، وأنها شملت العمل في القطاع التأميني بشكل عام، موضحاً أن أقساط التأمين الحالية تعتبر ضئيلة مقارنة بالتغطية التأمينية لكن في حال تم مقارنة القسط بالأجور والرواتب فإن القسط يعتبر كبيراً.

وقال: إن قيمة الممتلكات من منشآت ضخمة وغيرها من الممتلكات تضخمت تلقائياً مع التضخم الحاصل وكي يتم مواكبة التأمين للقيمة المتضخمة لهذه الممتلكات يجب توافر إعادة للتأمين بطريقة جيدة ومرنة وقوية يتيح لشركات التأمين تحمل هذا الخطر الكبير الذي تتضخم قيمته المالية بشكل كبير، مضيفاً: ولأن المعيدين الخارجيين غابوا خلال الحرب الإرهابية على سورية تم تفعيل شركة الاتحاد العربي لإعادة التأمين كبديل أدت دوراً جيداً وعززت من قدراتها خلال الفترات الماضية إذ على مدار 12 سنة كانت هي المعيد الرائد لمعظم شركات التأمين المحلية، كما تم البدء خلال عام 2021 بإحداث مجمعات إعادة التأمين لتأمين المصارف والحرائق ونقل البضائع أي إن كل وثيقة تأمين تصدر في سورية ضمن الأنواع المذكورة من تأمين حرائق ونقل البضائع ومصارف تكون كل شركات التأمين سواء الحكومية منها أم الخاصة مشاركة بها إضافة إلى شركة الإعادة الوحيدة الموجودة وهي الاتحاد العربي لإعادة التأمين.

وأضاف: ومع غياب المعيد الخارجي أصبح المجمعات والمعيد المحلي يتشاركون تحمل خطر أي بوليصة تأمين وهذا النموذج يعتبر نموذجاً للاكتفاء الذاتي للتغلب على آثار العقوبات الاقتصادية الظالمة على سورية، مضيفاً: وفي الوقت نفسه هناك تعامل جزئي لشركتي تأمين محليتين مع بعض المعيدين الخارجيين وهم معيد في لبنان وآخر في تونس وهذا التعامل بنسبة لا تتعدى بأفضل الأحوال 10 بالمئة.

وأشار إلى بعض الحلول الفنية المتبعة بعد غياب المعيدين الخارجيين كالعمل على تجزئة الخطر فعلى سبيل المثال مصنع قيمته 100 مليار تعرض للخطر ولا يوجد أي شركة تأمين باستطاعتها تأمين هذا المبلغ لكنها تستطيع تأمين 40 ملياراً على سبيل المثال وعند الكشف عن الخطر يتبين أنه مجزأ وأنه في حال وقوع الخطر أو الحريق فإن خسارة المعمل بشكل كامل الأقصى على سبيل المثال 30 ملياراً لذا شركات التأمين تغطي القيمة الكاملة وهي 100 مليار وأقصى تعويض تقدمه هو 30 ملياراً باعتبار أن الضرر حصراً لن يطول المصنع بالكامل، مضياف: كما أنه تم اعتماد مبدأ الخسارة الأولى لهذه الحالات أو ما يسمى حد التعويض، مؤكداً أنه بعد تطبيق هذا الحل أو المبدأ أصبح باستطاعة الشركات تأمين معظم المصانع التي تتعرض للخطر.

وأكد توصية الهيئة بضرورة بشكل دائم تقييم السيارات وفقاً لقيمتها السوقية الحقيقية كي يحصل طالب التأمين على تعويض صحيح وعادل عند وقوع الحادث، إذ إن تأمين أقل من القيمة السوقية يعرض طالب التأمين نفسه لتطبيق شرط النسبية بالتعويض أي في حال كانت قيمة السيارة 200 مليون وتم تأمينها بقيمة 100 مليون فعند وقوع الحادث سيدفع 50 بالمئة من التعويض وليس كامل التعويض باعتباره أمن نصف الخطر وليس كامله، مشيراً إلى أن قيمة السيارة ترتفع مع التضخم الحاصل وتلقائياً نتيجة لذلك يرتفع قسط التأمين بنسبة مئوية من ثمن السيارة.

بدوره قال الأستاذ الجامعي، ومدير عام هيئة الإشراف على التأمين الأسبق الدكتور عمار آغا في تصريح لـ«الوطن»: إنه لا يوجد أي رابط مباشر لتأثير رأس المال على قدرة شركات التأمين في اكتتاب أخطار تتمتع بمبالغ ممتلكات عالية، معتبراً أن قدرة الشركة الاكتتابية مرتبطة بشكل مباشر باتفاقيات إعادة التأمين من جهة وبامتلاكها لقنوات إعادة تأمين إضافية أهمها إعادة التأمين الاختياري، وبالتالي فانه بالنسبة لرأس المال فلا يدخل في هذه العملية مع أهميته في نواح أخرى.

وأشار إلى أن ارتفاع سعر الصرف والتضخم أصبح أثره واضحاً للجميع على ارتفاع قيم الممتلكات المطلوب التأمين عليها وبالأخص المنشآت الضخمة (صناعية، تجارية، سياحية، خدمية، مؤسسات مالية،….) وإن هذا الارتفاع بالتأكيد أثر سلباً في جميع أطراف العملية التأمينية، حيث إن طالب التأمين لن يتمكن من الحصول على تغطية تأمينية كاملة وشركات التأمين حرمت من أقساط تأمينية مرتفعة.

واعتبر آغا أن عدم قدرة شركات التأمين على تقديم التغطية التأمينية لكامل مبالغ الممتلكات يعود لغياب معيدي التأمين الخارجيين نتيجة العقوبات الجائرة على سورية، ومن المعروف لأي مطلع على طبيعة عمل أسواق التأمين أن عصب وأساس عمل شركات التأمين هو دعم إعادة التأمين وفي حال عدم وجوده فإن ذلك سيؤدي إلى شلل مؤكد بعمل سوق للتأمين.

وأشار إلى أن السوق السوري استطاع وبمستوى عال من المهنية أن يصنع بعض الحلول لتقديم أفضل ما يمكن في ظل غياب معيدي التأمين الخارجيين حيث تم تفعيل دور المعيد المحلي وهو الاتحاد العربي لإعادة التأمين بالإضافة لخلق مجمعات إعادة تأمين محلية ساعدت في إيجاد سعات اكتتابية إضافية تدعم ما يقدمه المعيد المحلي.

وبخصوص القدرات الاكتتابية الحالية لشركات التأمين أفاد آغا أن السعات الاكتتابية في تأمين الممتلكات تتراوح من 20 ملياراً وتصل لدى بعض الشركات إلى 40 ملياراً وهذه الشركات التي مازالت تحافظ إلى حد ما على بعض المعيدين الخارجيين ولو بحصص صغيرة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن