ثقافة وفن

ذكرى استشهاد عالم الآثار خالد الأسعد استلهام سيرته … نجل الشهيد: من واجبنا أن نستنطق كل أثر ليبوح بأسراره لنقيمه لبنة شامخة في صرح حاضرنا

| عبد الحكيم مرزوق

نظمت الجمعية العلمية التاريخية السورية بالتعاون مع المدارس الغسانية الأرثوذكسية بحمص ندوة تكريمية في الذكرى التاسعة لاستشهاد عالم الآثار خالد الأسعد بمشاركة نخبة من الأدباء والأصدقاء، وذلك في القاعة الرئيسية للمدارس.

مكتشف تمثال المرأة التدمرية

القاص عيسى إسماعيل قدم مداخلة بعنوان: (خالد الأسعد رمز وطني بامتياز) قال فيها: إن خالد الأسعد كان رئيس الجانب السوري في كل البعثات الأثرية التي عملت في تدمر، وفي الجانب العلمي كان من بين عشرة علماء آثار في العالم كله، وهو عالم مجد يصل الليل بالنهار عاملاً في البحث والتنقيب والكتابة عن تدمر، وبفضله تم اكتشاف العديد من القطع الأثرية والرقم، وترميم أربعمئة عمود أثري، فقد أجاد الآرامية والفرنسية والإنكليزية، ومن أهم مكتشفاته تمثال المرأة التدمرية عام 1988، ويظهر هدا التمثال الجمال الأنثوي الباذخ للمرأة التدمرية ونظراتها التي فيها من القوة والجاذبية الشيء الكثير.

نخيل تدمرَ شامخ لا ينحني

وألقى الشاعر حسن أحمد كتوب عدة قصائد، منها قصيدة رثاء في الشهيد الأسعد، حيث خاطبه بحافظ السر الدفين لحضارتنا الإنسانية ولخزائن كنوزنا وتاريخنا وقصيدة أنا السوري، أعرب فيها عن فخره واعتزازه بالحضارة السورية العريقة ومن القصيدة الأولى هذا المقطع:

ولأنت خالدُ كالقلاع معاندٌ
تأبى الخضوعَ لسطوة القهر المشينْ
فأبيتَ تُفصِحُ عن مداخل كنزها
جمعته (زينبُ) في عصور الغابرينْ
ورفضتَ أن تُفشي بسر حضارة
حتّى ولو قطعوا شمالَك واليمينْ
فرموكَ أرضاً والمُرادُ إهانةً
فشمخْتَ رُمحاً رافضاً لايستكينْ
فنخيل تدمرَ شامخ لا ينحني
قد قلتَها والسيف يَنحرُ بالوتينْ
وبقيتَ حيّاً في حنايا قلبِنا
بطلاً شجاعاً في ضمير العالمين

صاحب مشروع حضاري

وقدم المهندس نبيل موسى مداخلة قال فيها: خالد الأسعد كان رجلاً استثنائياً، فمنذ التحاقه بالعمل في مديرية الآثار والمتاحف عين رئيساً لدائرة الحفريات في مديرية التنقيب والآثار ثم مديراً لآثار تدمر وأميناً لمتحفها، وكان الشهيد صاحب مشروع حضاري، حيث أسس دائرة الآثار في تدمر والتي لم تكن موجودة، وكان من أولويات مشروعه تطوير الموارد البشرية المتوافرة وزيادة عدد الكادر في دائرة آثار تدمر، والعمل على زيادة أعمال التنقيب المنهجية، وتطوير متحف تدمر الوطني ومتحف التقاليد الشعبية لإغناء المجموعات المعروضة وتحسين أساليب التقديم والعرض وتسليط الضوء على التراث الشعبي، وتسليط الضوء على الحضارة التدمرية باللغات الحية، وتعريف العالم بآثار تدمر وإسهاماتها في تبادل وتطوير الحضارة الإنسانية.

نخيل تدمر لا ينحني

وقدم محمد خالد الأسعد نجل الشهيد مداخلة قال فيها إن والده كان يردد دائماً: من واجبنا كآثاريين ومؤرخين وباحثين أن نعيد إلى بلادنا وأرضنا وآثارنا بهاء الماضي وشعاعه، وأن نستنطق كل أثر ليبوح بأسراره لنقيمه لبنة شامخة في صرح حاضرنا المتجدد ومستقبلنا الواعد، وقال نجل الشهيد مخاطباً والده: ها هي كل ذرة رمل في تدمر تشهد على جهودك، وما بذلت، تعرفك وتعرفها، وسيظل جرحك نازفاً في قلوب مواطنيك وأضاف: إن آخر كلمات قالها قبيل استشهاده: نخيل تدمر لا ينحني.

تدمير من يحفظ التاريخ ويصونه

الدكتورة فيروز يوسف رئيس فرع الجمعية العلمية التاريخية السورية وصفت الشهيد بأنه ليس حكاية رجل يحمل على كتفه الكفن وقصة يرويها الزمن، بل أسطورة رجل مات من أجل الوطن، وأوضحت أن الغرض من قتل الشهيد الأسعد على أيدي الطغاة وأعداء الإنسانية ليس تدمير التاريخ فقط وإنما تدمير من يحفظونه ويصونونه.

وقد عرض في نهاية الندوة فيلم قصير فيه شيء من سيرة الشهيد الذي قتله تنظيم الدولة الإسلامية عام 2015 في أثناء محاولته حماية مدينة تدمر الأثرية، وبعض آرائه ودوره في الحفاظ على الآثار التدمرية ورفضه الكشف عن الموقع الذي يحوي الآثار القيمة للعناصر الإرهابية التي دخلت تدمر، وبقي في تدمر في الوقت الذي هرب فيه الجميع حين دخلت العناصر الإرهابية وهو القائل: «أنا من تدمر.. وسوف أبقى هنا حتى لو قتلوني».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن