إعلام العدو: نقف على حافة الهاوية والحرب الإقليمية لسنا مستعدين لها … قبل جولة القاهرة.. واشنطن تشيع أجواءً «إيجابية» وحماس تشارك بشروطها
| وكالات
بعد وصول المسار التفاوضي في الأيام والساعات الأخيرة إلى حافة الانهيار، مع إعلان العديد من المطلعين على المحادثات عن عدم جدوى انعقاد جولة في العاصمة المصرية القاهرة هذا الأسبوع، خصوصاً مع رفض رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو التراجع عن أي من شروطه المرفوضة بدورها من قبل المقاومة الفلسطينية، والتي شكلت النسبة الأكبر مما سُمي بـ«الاقتراح الأميركي الجديد»، أعلنت حركة حماس عن إرسال وفد من قبلها إلى العاصمة المصرية، مع تأكيدها أن ذلك ليس تنازلاً بل إنها لا تزال على موقفها بالالتزام بما وافقنا عليه في 2 تموز والمبني على إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن وقرار مجلس الأمن، فيما نقلت القناة الـ12 الإسرائيلية عن مصادر قولها إن نتنياهو تعهد للرئيس لبايدن بإخلاء كيلومتر واحد من محور فيلادلفيا جنوبي القطاع.
وحسب موقع «المنار» أعلنت حركة حمــاس أنها أرسلت «وفداً برئاسة خليل الحية سيصل القاهرة بدعوة من الوسطاء في مصر وقطر للاطلاع على نتائج المفاوضات الأخيرة»، مؤكـدة على «التزامنا وجاهزيتنا لتنفيـذ ما اتفـق عليه ونطالـب بالضغط على الاحتلال وإلزامه بوقـف تعطيـل التوصل لاتفاق».
في هذا الإطار، نقلت القناة الـ12 الإسرائيلية عن مصادر قولها إن «رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تعهد للرئيس الأميركي جو بايدن بإخلاء كيلومتر واحد من محور فيلادلفيا جنوبي القطاع»، ومحور فيلادلفيا هو شريط حدودي عازل يبلغ طوله 14 كيلومتراً، يفصل بين الأراضي الفلسطينية بقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء، ويمثل منطقة إستراتيجية أمنية خاضعة لاتفاقية ثنائية مصرية-إسرائيلية.
هذا الأمر الذي رأى فيه البعض «تراجعاً في الموقف الإسرائيلي» أو «تقارباً» في وجهات النظر، وقال البعض إنه «ترويج إسرائيلي وأميركي لكون تل أبيب قدّمت تنازلات مهمّة في موقفها، بما يسمح باستكمال المفاوضات وسط أجواء إيجابية»، هو حسب «القناة 12» أقرب إلى أن يكون تقارباً بين إسرائيل ومصر، وليس بين إسرائيل وحماس، مشيرة إلى أن السؤال: هل سيوافق السنوار على وجود عسكري إسرائيلي في محور فيلادلفيا حتى وإن كان محدوداً؟.
يأتي ذلك في وقت أشار فيه الخبير العسكري، موشيه إلعاد، في صحيفة «معاريف»، إلى أن «المعضلة لا تتعلق بمحور فيلادلفيا فحسب، ولا حتى بمحور رفح، أو محور نيتساريم، أو بأسماء الأسرى الفلسطينيين الذين سيتمّ الإفراج عنهم، المشكلة أكثر خطورةً، تتعلّق بمن سيحكم غزة في «اليوم التالي».
ومن المنتظر أن تُعقد جولة جديدة من المفاوضات، على مستوى رؤساء وفود التفاوض، بمشاركة إسرائيلية وقطرية ومصرية وأميركية، في القاهرة، اليوم الأحد.
ووصل مدير «الاستخبارات المركزية الأميركية»، وليام بيرنز، إلى القاهرة أول من أمس، تمهيداً للمشاركة في تلك الجولة، في حين وصل رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أمس، ويُنظر إلى جولة اليوم الأحد على أنها ستكون «حاسمة» لصياغة أي اتفاق، وتحديد اتجاه سير الأمور في غزة والمنطقة.
وقالت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية: إن «نتنياهو يقود «إسرائيل إلى مفترق طرق خطير»، ناقلة عن مسؤولين أن نتنياهو أوصل الكيان إلى «أسوأ وضع إستراتيجي لها على الإطلاق مع احتمال اندلاع حرب كبرى»، ورأى المسؤولون أنه «ليس لإسرائيل إطار زمني تعمل وفقه باستثناء احتمال دخول ترامب للبيت الأبيض».
وفي السياق تحدّثت وسـائل إعلام إسرائيلية، في تقارير، عن خلافات وانقسامات متزايدة بين المؤسستين العسكرية والسياسية بشأن التوصل إلى اتفاق وقـف إطـلاق النار وتبادل الأسرى في قطاع غزة.
وفي التفاصيل، أشارت صحيفة «ماكور ريشون» إلى أن «مصير الحرب برمتها على المحك، وليس فقط مصير الأسرى»، فالمؤسسة الأمنية والعسكرية «تريد وقفاً مؤقتاً لإطلاق النار»، فيما معارضو الصفقة بأي ثمن، «تسلحوا هذا الأسبوع بتأكيدات إضافية لموقفهم»، بحيث «لا يزالون على قناعة بأن وقف الحرب الآن سيكون كارثة، ويزدادون تعنّتاً كلما مر الوقت»، وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو توصل إلى نتيجة مفادها أن «مصلحة إسرائيل تتطلب بقاء الجيش الإسرائيلي في محوري فيلادلفيا ونتساريم، لكن المؤسسة الأمنية والعسكرية تعتقد أنه من الممكن تدبر الأمور من دون ذلك»، في إشارة إلى الانقسام الكبير في الرؤى بينهما بشأن الحرب وأهدافها.
الشيء المهم الآخر الذي تريد هيئة الأركان العامة الاستفادة منه من الصفقة حسب «ماكور ريشون»، هو «وقف إطلاق النار نفسه» إذ إن «إسرائيل تحتاجه بشدة، للتفكير والتنظيم في الشمال»، فيما سيكون المستوى السياسي، في تلك الأثناء، «قادراً على أن يقرر إلى أين يتجه».
وذكّرت «ماكور ريشون» بأسئلة تحتاج إلى إجابة، وهي: «ما هو النصر المطلق في الحقيقة؟ ما هو نوع التسوية الدائمة في قطاع غزة التي يحلم بها نتنياهو ليلاً؟ فهل لديه فعلاً خطة لإعادة السلام والسكان إلى الجليل».
وفي السياق ذاته، تحدّث الصحفي آري شافيت، عن «التفكك السريع للوحدة الداخلية الذي حدث في إسرائيل في بداية الحرب»، مشيراً إلى أن «الوضع أصبح خطيراً مع عودة الصراع الإسرائيلي – الإسرائيلي بقوة»، حيث «تزيد الكراهية من التهديد الوجودي»، ورأى أن «زبدة السنوات الـ 15 الماضية التي قاد فيها نتنياهو إسرائيل، ليست القوة بل الضعف».
وأضاف: «نحن نقف على حافة الهاوية، وفي أي لحظة يمكن أن تتحول إلى حرب إقليمية منخفضة الحدة إلى حرب إقليمية عالية الحدة لسنا مستعدين لها»، مشيراً إلى أن «ثقافة الاتهامات المتبادلة، في هذه الساعة المصيرية، تصبح مدمرة وقاتلة».
وأكدت شبكة «سي إن إن» الأميركية أول من أمس الجمعة، وجود انقسامات وخلافات عميقة في الرأي بين المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين وحكومة نتنياهو، على خلفية انتقاد أعضاء في حكومته، أي اتفاق لوقف إطلاق النار، وأشارت إلى أن التقارير الإسرائيلية، تستشهد بمسؤولين أمنيين يتهمون نتنياهو بتخريب المفاوضات.
ورأت «سي إن إن» أنه حتى لو تم التوصل إلى اتفاق – وهو ما لا يزال بعيداً عن اليقين – فقد لا يدوم إلا أسابيع، قبل أن ينهار وتستأنف الحرب في غزة، وأنّ «إسرائيل» ليست مستعدة للموافقة على وقف إطلاق نار دائم.
وفي سياق الخلافــات داخــل كيــان الاحتــلال، تبادل كل من وزير الأمن في كيان الاحتــلال الإسرائيلي يوآف غالانــت ووزير «الأمن القومــي» إيتمار بـن غفيــر، أول من أمــس الجمعة، الاتهامــات بشــأن الفشــل الذي تعيشه «إســرائيل»، والذي يتفاقــم كلما طالت فترة الحرب التي تستنزفها، ويلخّص تراشق الاتهامات بين الطرفين هذا، وما تحدثت عنه وسائل الإعلام الإسرائيلية والغربية، جانباً مــن حال الانقسام والفوضى والعبــث، داخــل حكومة نتنياهو خاصّة، وداخل المجتمع السياسي الإســرائيلي عامّــة، في حــين «يزداد الوضع إلحاحاً لإبــرام صفقــة وقـف إطلاق نار وتبــادل أسرى»، بتأكيد الإعلام الإسرائيلي.