قضايا وآراء

البرنامج السياسي للحزب الديمقراطي الأميركي وتطابقه مع سياسة الكيان

| تحسين حلبي

سيسجل تاريخ هذا العالم بشكل عام وتاريخ الأمة العربية والإسلامية بشكل خاص، في صفحاته، أسوأ صمت عالمي على ما يقوم به كيان لا يمثل سوى سبعة ملايين مستوطن أوروبي يهودي، من مذابح في كل ساعة ويوم خلال 11 شهراً تتضاعف أرقام ضحاياها من أطفال ونساء من دون أن تتوقف.

وحين تجترح مقاومة شعب فلسطين معجزات في الدفاع والتصدي لجيش الاحتلال وتكبده خسائر بشرية، يزداد خوف الولايات المتحدة من هزيمة هذا الجيش بعد نقص ذخائره وأسلحته الأميركية فيراها هذا العالم وهي تحشد حاملتي طائرات وغواصة نووية وسفناً حربية مملوءة بوسائل القتل والتدمير لإرهاب مقاومة هذا الشعب وكل من يدعمه في الجوار، وهي لا تكتفي بهذه المظاهر العلنية لتعزيز آلات الكيان الوحشية ونقلها إليه بمرافقة قواتها بل تشرعن هذه المشاركة في مذابحه فتنقل التزامها بدعمه إلى البرنامج السياسي للحزب الديمقراطي الحاكم وتفرض بهذا الشكل على كل من توظفه في سياستها الخارجية في الداخل والخارج تنفيذ مهامه وأهدافه، ففي مؤتمر الحزب الديمقراطي وقفت المرشحة عن الحزب لانتخابات الرئاسة كامالا هاريس لتكرر ما جاء في هذا البرنامج قائلة أمام عشرات الآلاف من الأميركيين بموجب ما نقله راديو أميركا العام «إن بي آر» وكل محطات التلفزة في مساء 23 من شهر آب الجاري: «دعوني أكون صريحة أنا دوما سأقف إلى جانب حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وأنا دوماً أؤكد أن إسرائيل لديها القدرة على الدفاع عن نفسها وأن إسرائيل لا يجب البتة أن تشهد مرة ثانية ما مرت به من هجمات مروعة تفوق الوصف في السابع من تشرين الأول».

وفي هذه العبارات أدانت الفلسطينيين بما جرى في السابع من تشرين الأول الماضي وأكدت على ما تتعهد واشنطن به لمنع ما وقع في ذلك اليوم لإسرائيل، لكنها حين تطرقت إلى ما يجري في غزة لم تشر حتى إلى مرتكبي المذابح واكتفت بوصف صحفي محض لما يجري في غزة فقالت: «إن ما حدث في قطاع غزة في الأشهر العشرة الماضية كان دماراً وفقد الكثيرون من الأبرياء فيه حياتهم وأصبحت المعاناة مؤلمة»، ويصمت العالم أمام هذا البرنامج الأميركي السياسي وهو ما زال في كل ساعة يرى في كل وسائل النقل الإلكتروني والتلفزيوني في هواتفه الذكية، المذابح التي ترتكبها إسرائيل بالأسلحة والذخائر الأميركية الفتاكة وتعد كل من يقدم الدعم للفلسطينيين الذين يدافعون عن أنفسهم إرهابيين يستحقون الحصار والعقوبات والقتل، وكشفت مجلة «جويش كرونيكيل» الأميركية في 20 آب الجاري أن هذا البرنامج السياسي للحزب الديمقراطي رفض منح أي من أعضاء الحزب من أصل فلسطيني أو عربي أو مسلم إلقاء كلمة في مهرجانه وسمح بكلمة لوالد أسير شاب إسرائيلي هو هيرش بولين بمخاطبة المؤتمر حول ما بقي من أسرى من بينهم ابنه وكأن أكثر من أربعين ألفا من الأطفال والأمهات والشبان الصغار والرضع قتلتهم إسرائيل في القطاع لا قيمة لهم في برنامج هذا الحزب، وجاء في المجلة اليهودية الأميركية أن «إسرائيل جرى ذكرها 29 مرة في 92 من صفحات البرنامج السياسي وفي كل مهام السياسة الخارجية وتخصيص الأولوية والأهمية المطلوبة لها وبمضمون يتطابق مع الأهداف التي تضعها حكومة الكيان عند تشكيل أي حكومة جديدة وبخاصة ما جاء في هذه الفقرة: «والولايات المتحدة تضمن مستقبل إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية بحدود معترف بها»، فهذه الفقرة ترد في كل برامج الحكومات الإسرائيلية وأحزابها وتستند إليها إسرائيل في التوسع لأنها لم تنته بعد من رسم حدودها، ثم من هي الدول المطلوب منها الاعتراف بحدودها؟ هي بالطبع كل الدول المجاورة لفلسطين من سورية إلى الأردن إلى لبنان إلى مصر إلى ما بقي من الضفة الغربية فأراضي هذه الدول كلها تشكل بالنسبة لإسرائيل مشاريع للتوسع الإقليمي.

وجاء في برنامج الحزب تشديد متزايد على حماية إسرائيل من الذين يتظاهرون ضد مذابحها واحتلالها فاختيرت فقرة لحماية إسرائيل من المعادين للسامية، فتحت عنوان: محاربة الكراهية وحماية حرية الدين جاء أن البرنامج السياسي يدعو إلى التأكيد على «الإدانة المطلقة لمعاداة السامية في الولايات المتحدة والعالم وتسليط الضوء على إصدار إدارة بايدين لأول إستراتيجية وطنية على الإطلاق لمكافحة معاداة السامية» والتي تتضمن لأول مرة كل ما أقره الدستور لمنع كل أشكال معاداة السامية والتأكيد على دور المبعوث الخاص للرئيس الأميركي بملاحقة الدول والهيئات التي تصمت على معاداة السامية أو تسمح بها»، وبهذا الشكل يصبح كل من يندد بمذابح إسرائيل معادياً للسامية؟!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن