قضايا وآراء

مصر وإسرائيل.. والقادم أعظم

| معتز خليل

تتواصل خلال الساعات الحالية المفاوضات السياسية والأمنية بين حركة المقاومة الإسلامية- حماس، وإسرائيل، وهي المفاوضات التي تأتي في ظل بعض من الأزمات لعل أبرزها الخلاف المصري الإسرائيلي بشأن محور فيلادلفيا.
ومما تسرب من الأخبار يتضح أن هناك نقاطاً خلافية قوية تتعلق بمحور فيلادلفيا، ومطالب أخرى بتعديل اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل بصورة تسمح بالوجود العسكري للأخيرة في الكثير من المواقع.
غير أن الواقع الجيوسياسي حالياً بين مصر وإسرائيل، والمتبلور منذ أحداث عملية طوفان الأقصى للمقاومة، يؤكد عدداً من الحقائق المهمة في مسار العلاقات الإسرائيلية المصرية ومنها:
1- إن إسرائيل تنوي تعديل مسار الحدود مع مصر، بالصورة التي تخدم أمنها الداخلي بالأساس.
2- لا يتناسب هذا التعديل مع الرؤية المصرية، وخاصة أن مصر لا ترغب في وجود قوات إسرائيلية أو دولية على محور فيلادلفيا.
3- من الواضح أن الأزمة والقادم سيكون أسوأ في العلاقات المصرية الإسرائيلية في ظل هذه التجاذبات، ومن هنا يعود الحديث من جديد في جدوى اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، حيث اختارت مصر منذ عقود طريق السلام مع إسرائيل، وهو الطريق الذي بات مليئاً بالألغام حالياً في ظل التطلعات السياسية والعسكرية الإسرائيلية التي لا تنتهي.
4- من الواضح أن مستوى التعاطي والتخاطب المصري الإسرائيلي حالياً هو في الأساس بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي لا يكترث أو يحترم طاقمه التفاوضي الأمني، وهو أمر كشفه العديد من وسائل الإعلام الإسرائيلية أخيراً.
ومع تصاعد حدة الجدل السياسي بين أعلى هيئتين تنفيذيتين في مصر وإسرائيل، يبدو بالفعل أن القادم أسوأ، وخاصة أن نتنياهو ألمح في حواره مع مجلة «تايمز» إلى أن مصر دعمت المقاومة الإسلامية، وهو تصريح مبني وفقاً لتصريحات مسؤولين مصريين سابقين، لعل أبرزهم الرئيس المصري الأسبق الراحل محمد حسني مبارك الذي أعترف مرتين بوجود أنفاق لدعم المقاومة، وكانت المرة الأولى وقت وجوده في الحكم في اجتماع سياسي منقول عبر البث المباشر، والثانية وقت محاكمته عقب «ثورة كانون الثاني 2011».
عموماً بات من الواضح أن حجم المراوغات السياسية والمحاورات ومسار العلاقات المصرية الإسرائيلية سيكون بالفعل دقيقاً خلال الفترة المقبلة بين إسرائيل ومصر، وهو ما سيزيد من دقة الموقف برمته في ظل ثبات المقاومة وصمودها أمام التشنج والجنون الإسرائيلي في غزة الآن.
وفي هذا الصدد أتذكر وأنا طالب عام 1996 حديث أحد أساتذتي في جامعة القاهرة، وكان يحاضرنا عن معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، وتحدث هذا الأستاذ كثيراً عن تفاصيل المعاهدة، وبعد المحاضرة تحدثت معه عن رؤيته الشخصية لهذا الاتفاق، فقال لي نصاً وقتها: هل تريد ما يمليه علي ضميري أم تريد رؤيتي السياسية؟ فطلبت فوراً رؤيته السياسية، فقال لي نصاً: التاريخ يثبت أن إسرائيل لم تتوقف عن الاحتلال، ولن تحترم الحدود، ولن تلزمها أي دولة في العالم بتنفيذ أي قرار، إنهم جوعى الأرض، وهو ما سيعرض اتفاقية كامب ديفيد دوماً لخطر الانهيار في ظل التقلبات السياسية الحاصلة بالعالم وفي الشرق الأوسط تحديداً.
ولا تزال كلمات هذا المحاضر تدوي في أذني مع أي خلاف حدودي بين مصر وإسرائيل يشتعل في أي وقت.

كاتب مصري مقيم في لندن

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن