ثقافة وفن

مهيار خضور يتمتع بكاريزما عالية ودانا مارديني كانت خياري الأول … ورد حيدر لـ«الوطن»: فخور بأنني تعاملت مع قامات لطالما كان حضورها يأسرني

| مايا سلامي

ينطلق المخرج الشاب ورد حيدر في تجاربه الأولى من الحكايات التي تمس الشارع السوري وقضاياه وإشكالياته، فيعالجها بأفكار ورؤى جديدة، ويبحر في كاميرته بأعماق تلك القصص التي يصورها من كل جوانبها ليصنع أعمالاً درامية هادفة تحمل الكثير من الرسائل الاجتماعية والإنسانية.

بدأ ورد مسيرته من لوحات مختلفة قدمها في مسلسل «بقعة ضوء 15»، ثم تابع رحلته الخاصة من خلال المسلسل القصير «كنبة أورانج» الذي عزز من خلاله مفهوم الصحة النفسية وأظهر قصصاً لأشخاص يتعاقبون على عيادة الطبيب النفسي، ليكلل نجاحه مؤخراً في مسلسل «عقد إلحاق» بتقديمه دراما اجتماعية نفسية معقدة وصعبة ضمن قالب من الإثارة والغموض من دون أن تكون بعيدة عن روح المشاهدين.

ورد حيدر حل ضيفاً على «الوطن» من خلال الحوار التالي:

• نبدأ من مسلسل «عقد إلحاق»، ما سبب الوقت الطويل الذي استغرقته عمليات التصوير والتحضير؟

بدأت تحضيرات العمل مع نهاية عام 2022 بعد أن تواصلت معي الشركة المنتجة، فاخترنا فكرة من مجموعة أفكار طرحتها ورشة الكتابة، فعملنا عليها حتى وصلنا إلى صيغة الملخص الأساسي ثم بدأنا بكتابة الحلقات، ولأن الورشة مؤلفة من خمسة أشخاص كنا نبحث معاً عن الصيغة الأفضل للانطلاق بالمشروع.

وفي مرحلة التصوير كنا بحاجة إلى العديد من البروفات لنحصل على الأداء الذي يرضي المخرج والممثل ولنركّب لقطة الصورة الصحيحة، أما المونتاج فأخذ وقته الطبيعي وبدأت عملياته أثناء التصوير مع المكساج والموسيقا، ومن ثم تم إرسال العمل إلى مصر لتلوينه، وهذا استغرق وقتاً طويلاً، لينتهي العمل بشكل كامل في التاسع من حزيران عام 2024، وأتمنى أن نكون قد نجحنا في إظهاره بأفضل صورة ممكنة.

• كيف تم ضبط ورشة الكتاب المؤلفة من ستة أشخاص من دون أن تتشتت خطوط العمل؟

ورشة الكتابة كانت مؤلفة من خمسة أشخاص من خريجي معهد «دراما رود» خاضوا فيها تجربتهم الأولى وكنتُ موجوداً معهم منذ لحظة البداية، ومثل أي ورشة كتابة كنا بحاجة إلى أن نتناقش دائماً، وكان يجمعنا انسجام في أماكن واختلاف في أماكن أخرى، والاختلاف ضروري في مثل هذه الورشات لتلافي أي خطأ أو ثغرة في السيناريو، فكانت نتيجة تجربتهم الأولى مرضية بعد أن كانوا ملتزمين إلى أقصى حد ولم يوفروا أي جهد كان.

• يندرج العمل في إطار الدراما النفسية المعقدة والصعبة، كيف تعاملت معها؟

كان يهمني في العمل وجود خط الزمن الماضي لشرح الأسباب التي أوصلت «ريما» إلى هذه الحال، فرافقتنا بالاستشارة النفسية رفيف الساجر خريجة دراسات ونقد مسرحي في المعهد العالي للفنون المسرحية، التي كشفت لنا العوامل المرتبطة بالمرض وكيفية تأثير الصدمات النفسية في الطفل لامتلاكها رؤية درامية جعلتها تربط بين الحالة الطبية وقصة العمل.

كما حاولنا توظيف الصورة مع الألوان وجميع العناصر التشكيلية بما يخدم الحكاية من غير أن نؤثر في كشف الخطوط الأخيرة، فطوال فترة العمل كان المشاهد يشعر بالريبة تجاه كل الأحداث، لكنه لن يتوقع إلى أين ستصل الحكاية وكم الضرر الحاصل في نفسية «ريما»، هذا الجانب شددنا عليه بصورة كبيرة وبشكل سري من أجل الوصول إلى عنصري المفاجأة والتشويق.

• ما الذي شجعك على اختيار دانا مارديني لشخصية «ريما»، وكيف عملت مع الجانب النفسي بشخصيتها؟

حضرت أحد مشاريع تخرجها وفي ذلك الوقت لفتت انتباهي وتمنيت أن تجمعنا فرصة عمل في المستقبل، لذلك كانت خياري الأول باسمها وشكلها واجتهادها وموهبتها، وأصررت على الشركة أن تكون هي البطلة وقمنا بمحاولات عديدة للوصول إليها بسبب انشغالها بتصوير مسلسل «الزند» آنذاك.

وعندما قرأت النص أعجبت به وتحمست للفكرة وتبنت الشخصية إلى أقصى حد وخلقت تفاصليها بحركاتها وطريقة مشيها وكلامها، فشخصية «ريما» معقدة ومتعبة جداً وصلنا فيها لأفضل صيغة مع بروفات وتحضيرات عديدة، إلى أن أخذت الدور إلى بر الأمان بتقديمه بشكل متميز.

• اعتدنا على مهيار خضور بشخصيات مغايرة، فكيف اشتغلت على كاركتره الهادئ شكلاً ومضموناً؟

مهيار خضور فنان شاب يتمتع بكاريزما عالية وغالباً ما يؤدي أدوار البطل والمقاتل «القبضاي» أو «المشكلجي» بسبب شكله الخارجي لكنه قدّم أدواراً مختلفة أيضاً.

في البداية لم أكن على معرفة خاصة به وعندما قابلته فوجئت بكمية الهدوء التي يتمتع بها وبصوته المتزن واللطافة والدماثة التي يتعامل بها، فعرضت عليه «جاد» وشرحت له الطريقة التي سيظهر بها.

هناك بعض التفاصيل التي أضيفت إلى النص لتتناسب مع شخصيته وشكله الواقعي، وقد قدّم أدواته بأسلوب رائع، وكان التعاون معه من أجمل التجارب الممتلئة بالمفاجآت لأنه مستمع جيد ويقدّم اقتراحاته بذكاء ويهتم بالتفاصيل إلى أبعد الحدود.

• أضاف حضور الفنانين الكبار سمر سامي وصباح الجزائري وحسن عويتي وسلمى المصري الكثير للعمل، كيف تصف التعاون معهم جميعاً؟

وجود هؤلاء الأساتذة الكبار يدل على حظي الرائع والجميل، وفخور بأنني وبهذا العمر تعاملت مع قامات لطالما كان حضورها يأسرني على الشاشة.

عندما تعرفت إليهم عن قرب أدركت مهنيتهم العالية وهدوءهم واستماعهم على الرغم من فارق العمر بيننا، فكانوا جميعاً أكثر من متعاونين، وهم أساس لأي عمل بحضورهم وانفعالاتهم الدرامية الساحرة التي جعلتني أقف صامتاً ومندهشاً بعد انتهاء كل مشهد.

• بالعودة إلى الوراء كيف تقيم تجربتك في «بقعة ضوء»؟

شكّل هذا العمل تجربتي الأولى في سورية، ووقعت عقده فور وصولي إليها بعد أن تواصلت معي الشركة المنتجة واتفقت معها على تقديم 12 لوحة ثم قدّمت 28 لوحة، أي 16 حلقة من العمل، وكنت أتمنى لو أنني شاركت بأقل من ذلك.

برأيي أن «بقعة ضوء» مشروع ضروري جداً لكنه بحاجة إلى عوامل لها علاقة بسقف رقابة عال وبوقت أطول أثناء التصوير واستقطاب كتّاب كوميديا ذوي خبرة، وأن يكون مشروعاً حياتياً دائماً، لأن الجمهور بحاجة لمثل هذه الأعمال التي تسلط الضوء على الواقع وتحكي قضايا اجتماعية وإشكالية.

• ما الفائدة التي حققها لك هذا العمل كمخرج؟

تجربتي فيه كانت عظيمة ومتعبة جداً لأنني دخلت أجواء تصوير العمل بشكل مفاجئ، وعملت مع الكثير من الأسماء الكبيرة، وتعلمتُ الكثير بعد أن تعرفت من خلاله إلى طريقة العمل والتصوير في سورية، وكان له شرطيته وظروفه الخاصة التي هيأتني لأنطلق بمشروعي الشخصي بكل ثقة، كما أنه عرّف الآخرين بقدراتي، وأكد لي أنني أنتمي لهذا المكان وأقوم بالعمل الذي أحبه ولم أعد أتخيل نفسي بأي مجال آخر.

• قدمت مسلسل «كنبة أورانج» ما سر تسميته؟ وما الهدف من طرحه على مواقع التواصل الاجتماعي، وهل حقق المطلوب والمتوقع؟

ليس هناك سر لتسميته وجاء الاختيار لأن اللون البرتقالي لون فاضح وفج ويلاحظ بقوة، والهدف منه توعوي وتنويري بشكل بسيط جداً وبصورة مريحة للمشاهد، حاولت فيه أن أخلق فضاءً افتراضياً يُشعر المتلقي أو الشخص الذي يجلس على الكنبة بالراحة ليحكي ويبوح، بهدف التحدث عن حالات قد تشبهنا ونشبهها، فللأسف في مجتمعنا ما زالت زيارة الطبيب النفسي وصمة والناس يتعاملون معها وكأنها عيب، والعمل كان موجهاً للجميع على اختلاف شرائحهم فاستخدم لغتهم اليومية لتصلهم رسالته عن أهمية الصحة النفسية.

أما بالنسبة لتحقيقه المطلوب فهذا الشيء يأتي بالتراكم، فالنتائج المتوقعة لن تظهر خلال فترة قصيرة، بل سيستغرق ذلك وقتاً ليحقق الانتشار والمشاهدات المطلوبة، وهو موجود على منصات ومواقع التواصل الاجتماعي ويعرض كل أسبوع وسيبقى متوافراً لتعود إليه الناس متى أرادت.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن