اقتصادالأخبار البارزة

معدل البطالة ارتفع 23٫7 وقوة العمل انخفضت من 6.5 ملايين إلى 5.9 ملايين خلال سنوات الحرب … على ذمة «المركزي للإحصاء»: 4.5 ملايين عدد العاملين منهم 22 بالمئة إناث.. والمتعطلين أقل من 1.5 مليون

| محمد راكان مصطفى

كشف المكتب المركزي للإحصاء عن حجم قوة العمل ومعدلات البطالة حسب الجنس الصادرة بناء على مسح قوة العمل لعام 2022 (والتي حصلت «الوطن» على نسخة منها)، أن قوة العمل في سورية خلال عام 2022 بلغت 5.964.458 شخصاً ما يعادل 26 بالمئة من إجمالي عدد السكان (الذي قدر وفق المكتب بـ23.2 مليون نسمة)، وبنسبة تراجع بلغت 9 بالمئة عن عام 2010 والتي كانت 6.5 ملايين شخص.

وأوضحت بيانات المكتب المركزي أن إجمالي عدد المشتغلين في العام 2022 بلغ 4،550،797 مشتغلاً ما يمثل نسبة 20 بالمئة من إجمالي عدد السكان، و76 بالمئة من إجمالي حجم قوة العمل، بلغ نسبة الذكور منهم 78 بالمئة بحوالي 3.5 ملايين مشتغل، في حين بلغت نسبة الإناث منهم 22 بالمئة من إجمالي العاملين بحوالي 992 ألف مشتغلة، بمعدل تراجع بلغ 10 بالمئة مقارنة بعام 2010 والذي كان أكثر من 5 ملايين مشتغل.

ووفقاً للمسح بلغ عدد المتعطلين عن العمل (15 سنة فأكثر) 1.413.661 متعطلاً بنسبة 6 بالمئة من إجمالي السكان و24 بالمئة من جحم قوة العمل، منهم 1.178 مليون متعطل لم يسبق لهم العمل سابقاً ما يعادل 83 بالمئة من إجمالي المتعطلين في حين بلغ عدد المتعطلين الذين خسروا عملهم نحو 235 ألفاً، في وقت كان التعطل وفق الجنس من نصيب الإناث بنسبة 53 بالمئة حيث بلغ عدد المتعطلات ما يزيد على 752 ألف متعطلة، في حين بلغت نسبة المتعطلين من الذكور 47 بالمئة بعدد 661 ألف متعطل، بنسبة نمو بإجمالي عدد المتعطلين عن العمل في عام 2010 بلغ 197 بالمئة والذين كانوا نحو 476 ألف عاطل.

ونوه المكتب بأن المسح في عام 2022 شمل كل المحافظات باستثناء جزء من محافظات (حلب، إدلب، الحسكة، دير الزور، الرقة).

الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق ومدير مكتب الإحصاء الأسبق الدكتور شفيق عربش قال: من خلال النقاش مع الزملاء من الأساتذة المختصين في البيانات الخاصة بالقوة البشرية وقوة العمل تبين وجود إشكاليات كبيرة في البيانات الإحصائية، بدءاً من العدد المقدر عن السكان والذي وصفه بالمبالغ به بشكل كبير وخاصة في ضوء المعلومات عن الهجرة الكبيرة التي حصلت خلال سنوات الحرب الظالمة على سورية والتي تعتبر أرقام المرفوع الدعم عنهم بسبب السفر أحد المؤشرات على ارتفاع عدده.

عربش رأى أن البيانات المتعلقة بقوة العمل يشوبها نوع من الخلل، إذ إنه من غير الواقعي في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي مرت بالبلاد والتي لجهة البيانات المتعلقة بالمشتغلين والمتعطلين عن العمل.

بدورها الباحثة الاقتصاد الدكتورة رشا سيروب قالت لـ«الوطن»: تظهر بيانات المكتب المركزي للإحصاء عن انخفاض في قوة العمل بأكثر من 270 ألف شخص، أي إن عدد الذين يبحثون عن عمل انخفض بمقدار 270 ألف شخص، وهذا من المفترض أن ينعكس على انخفاض في معدلات البطالة، لكن البيانات أظهرت ارتفاعاً في معدلات البطالة إلى 23.7 بالمئة وهي ناتجة عن فقدان أكثر من 320 ألف فرصة وظيفية!

أستاذة الاقتصاد اعتبرت أن المؤشرات ذات الخطورة ليس ارتفاع معدلات البطالة فحسب، بل أيضاً عندما نعلم أن أكثر من 83 بالمئة من العاطلين عن عمل لم يعملوا سابقاً، بمعنى في سورية قوة بشرية تبلغ 1.17 مليون شخص يفتقدون الخبرات والمهارات العملية، وهو ما يشكل تهديداً على كفاءة رأس المال البشري وتدهور المخزون التراكمي للخبرات وما يمثله من انعكاس على إضعاف القدرة على النمو الاقتصادي القائمة على الموارد البشرية.

المتعطلون عن العمل

حققت محافظة ريف دمشق وفق بيانات المركزي للإحصاء العدد الأكبر من المتعطلين عن العمل بنسبة 24 بالمئة بأكثر ن 338 ألف متعطل، وفي المرتبة الثانية جاءت محافظة اللاذقية بنسبة 14 بالمئة وبأكثر من 192 ألف متعطل، ثم محافظة طرطوس بنسبة 11 بالمئة وبأكثر من 150 ألف متعطل، وتلتها العاصمة بنسبة 10 بالمئة بحوالي 145 ألف متعطل، ثم محافظة حمص بنسبة 9 بالمئة بأكثر من 120 ألف متعطل ثم حماة بنسبة 7 بالمئة بأكثر من 103 آلاف متعطل، فحلب (لم يشمل المسح جزءاً منها) بنسبة 6 بالمئة وحوالي 90 ألف متعطل ثم محافظة درعا بنسبة 5 بالمئة بأكثر من 71 ألف متعطل، والتي تساوت معها محافظة السويداء بالنسبة حيث بلغ عدد المتعطلين 67 ألف متعطل، يليها الحسكة بنسبة 3 بالمئة وبأكثر من 43 ألف متعطل فمحافظة الرقة (لم يشمل المسح جزءاً منها) بنسبة 2 بالمئة وبأكثر من 32 ألف متعطل، فمحافظة القنيطرة بنسبة 2 بالمئة بأكثر من 25 ألف متعطل، يليها محافظة إدلب (لم يشمل المسح جزءاً منها) بنسبة 1 بالمئة وبأكثر من 16 ألف متعطل، وأخيراً محافظة دير الزور (لم يشمل المسح جزءاً منها) بحوالي 1 بالمئة بأكثر من 15 ألف متعطل عن العمل.

وكشفت البيانات أن التعطل عن العمل تركز في فئة الشباب، حيث بلغت نسبة التعطل بين الشباب بعمر 20-24 سنة نسبة 35 بالمئة بأكثر من 492 ألف متعطل بلغت نسبة الإناث المتعطلات منهم 46 بالمئة بأكثر من 224 ألف متعطلة، وفي فئة الشباب بأعمار 25-29 بلغت النسبة 24 بالمئة بأكثر من 346 ألف متعطل، بلغت نسبة الإناث المتعطلات منهم 76 بالمئة بأكثر من 264 ألف متعطلة.

الدكتورة سيروب رأت أن من المؤشرات التي يجب الوقوف عندها أيضاً هو معدلات البطالة المرتفعة جداً لدى الشريحة العمرية (20-24) عاماً التي بلغت ما يقارب 60 بالمئة (58.48 بالمئة)، و42.33 بالمئة لدى الشريحة العمرية (25-29) عاماً، وتُعرف هاتان الشريحتان بالإبداع والإنتاجية المرتفعة، وبهذا فإن سورية تخسر الفرصة الكامنة لرفع إنتاجية الاقتصاد والقدرة على حل المشكلات.

أما بالنسبة لتوزع المتعطلين حسب الحالة التعليمية فقد احتل حملة الشهادة الثانوية النسبة الأكبر بـ47 بالمئة بأكثر من 670 ألف متعطل، يليها دارسو الابتدائية بحوالي 239 ألف معطل، ثم حملة الشهادة الجامعية فأكثر بنسبة 15 بالمئة بحوالي 207 آلاف متعطل، ثم من هم دون التعليم الأساسي بنسبة 12 بالمئة بأكثر من 171 ألف متعطل، وأخيراً خريجو المعاهد المتوسطة بنسبة 9 بالمئة بأكثر من 125 ألف متعطل عن العمل.

أستاذ الإحصاء قال: بالتركيز على بيانات توزع المتعطلين عن العمل حسب الشهادة نجد أن ممن لم يسبق لهم العمل بالنسبة لفئة دارسي الابتدائية فما دون يشكل 12.5 بالمئة من مجموع المتعطلين الكلي، علماً أنه تم تغير في النظام التعليمي حيث تم اعتبار مرحلة التعليم الأساسي للصف السادس في عام 2002، ما يعني أن آخر دفعة حصلت على شهادة ابتدائية كانت من 12 عاماً أي إنها أصبحت الآن بعمر 34، وما جاء في إحصائيات المكتب يعني أن هؤلاء بقوا لسنوات طويلة عاطلين من دون عمل!!

واعتبر عربش أن وجود نسبة 15 بالمئة متعطلين عن العمل من حملة الشهادات الجامعية أمر خطر، وهو يدل على أن الوظائف المتاحة في سورية ليست لحملة الشهادات الجامعية أو أن سوق التوظيف مغلق وبالحدود الدنيا من التوظيف.

من جهتها قالت الدكتورة سيروب: إنه في الوقت الذي تتحدث فيه الحكومة عن التحول الرقمي نجد أن المشتغلين ممن هم حملة الشهادة الابتدائية وما دون يستحوذون على ما يقرب من 42 بالمئة من فرص العمل، في حين حملة الشهادات الجامعية لم تتجاوز 15 بالمئة، ما يشير إلى خلل بنيوي في سوق العمل الذي شكّل قوة طاردة للكفاءات وذوي الشهادات العليا وعزز ظاهرة هجرة الأدمغة، وهو ما تظهره البيانات أيضاً التي تبين أن 63.7 بالمئة من الانخفاض كانت لدى حملة الشهادة الجامعية والمعاهد المتوسطة.

المشتغلون

حصد القطاع الحكومي في عام 2022 وفق بيانات المركزي للإحصاء 31.8 بالمئة من إجمالي المشتغلين بأكثر من 1.4 مليون مشتغل، 62 بالمئة منهم من الذكور بأكثر من 895 ألف مشتغل، و38 بالمئة من الإناث بأكثر من 552 ألف مشتغلة، وكان نصيب القطاع الخاص أكثر من 3.1 ملايين مشتغل ما يعادل 68 بالمئة من إجمالي المشتغلين، بلغ نصيب الذكور منها 86 بالمئة بأكثر من 2.6 مليون مشتغل في حين كان نصيب الإناث 14 بالمئة بنحو 437 ألف مشتغلة، في حين كان عدد المشتغلين في مجالات أخرى أقل من 0.3 بالمئة بحوالي 12 ألف مشتغل، منهم 74 من الذكور بعدد 8891 مشتغلاً، و16 بالمئة من الإناث بعدد3171 مشتغلة.

مدير مكتب الإحصاء الأسبق قال: بعيداً عن البيانات الإحصائية وبالنظر إلى الواقع الحقيقي لسوق العمل يتبين وجود خلل تسبب به ارتفاع عدد الإناث بعد ازدياد معدلات هجرة الشباب من مختلف المهن والاختصاصات، إلى جانب تنامي أعداد عمالة الأطفال، واصفاً ذلك بأنه تعبير طبيعي عن منتجات الحرب.

ولفت عربش إلى تراجع دور الحكومة في السنوات الأخيرة في قطاع العمل عبر (تسهيل تسرب العمالة إلى القطاع الخاص خاصة من القطاعات المالية (مصارف وشركات تأمين) عبر قبول الاستقالات، وعدم العمل على ترميم النقص الذي بات واضحاً في كثير من مفاصل العمل في بعض المؤسسات والوزارات، عبر إيقاف العقود السنوية وعقود الثلاثة أشهر وحتى المياومة، وخاصة بعد إسناد موضوع التوظيف إلى وزارة التنمية الإدارية التي أطلت علينا بأحدث إنجازات ابتدعتها الوزارة لحصر التوظيف بالمسابقات المركزية، والتي واظبت على تجنب إجرائها، مضيفاً: حتى المسابقة الوحيدة التي أجرتها لم تلحظ بها النقص الكبير في أغلب الوزارات والجهات.

حسب المؤهل العلمي يلاحظ أنه كلما ارتفع المؤهل العلمي قلت نسبة المشتغلين، فكان لدارسي الابتدائية الحصة الأكبر من عدد المشتغلين بنسبة 42 بالمئة بحوالي 1.9 مليون مشتغل، يليه التعليم الأساسي بنسبة 18 بالمئة بأكثر من 817 ألف مشتغل، ثم حملة الشهادة الثانوية بنسبة 16 بالمئة بأكثر من 775 ألف مشتغل، يليهم حملة الشهادات الجامعية فأكثر بنسبة 15 بالمئة وبحوالي 673 ألف مشتغل، وأخيراً جاء حملة شهادات المعاهد المتوسطة بنسبة 10 بالمئة وبحوالي 435 ألف مشتغل.

ووفقاً لقطاعات العمل حاز أكبر نسبة من المشتغلين في القطاع الحكومي حملة الشهادات الجامعية بنسبة 28 بالمئة بأكثر من 400 ألف مشتغل، يليهم حملة الشهادة الثانوية بنسبة 22 بالمئة بأكثر من 324 ألف مشتغل، ثم حملة شهادات المعهد المتوسط بنسبة 20 بالمئة بأكثر من 293 ألف مشتغل، ثم جاء كل من دارسي الابتدائية بـ217 ألف مشتغل وحملة شهادة التعليم الأساسي 211 ألفاً بنسبة 15 بالمئة لكل منهما.

أما بالنسبة لقطاع العمل الخاص فكانت حصة دارسي الابتدائية أكثر من النصف بنسبة 54 بالمئة بأكثر من 1.6 مليون مشتغل، يليهم حملة شهادة التعليم الأساسي بنسبة 20 بالمئة بحوالي 604 آلاف مشتغل، ثم حملة الشهادات الثانوية بنسبة 13 بالمئة بحوالي 400 ألف مشتغل، يليهم حملة الشهادات الجامعية فأكثر بنسبة 9 بالمئة بنحو 269 ألف مشتغل، وأخيراً حملة شهادات المعاهد المتوسطة بنسبة 5 بالمئة وبحوالي 139 ألف مشتغل.

ووفقاً لبيانات المسح بالنسبة للمشتغلين وفق القطاع الاقتصادي، فقد تركزت النسبة للمشتغلين في القطاعات الاقتصادية وفق التالي في قطاع الخدمات بنسبة 37 بالمئة وبحوالي 1,6 مليون مشتغل، يليه التجارة والفنادق والمطاعم بنسبة 19 بالمئة بحوالي 849 ألف مشتغل، ثم قطاع الزراعة بنسبة 15 بالمئة بحوالي 671 مشتغل، يليه قطاع الصناعة بنسبة 10,99 بالمئة وبحوالي 500 ألف مشتغل، ثم قطاع البناء والتشييد بنسبة 10,6 بالمئة بحوالي 482 ألف مشتغل، ثم قطاع النقل والتخزين والاتصالات بنسبة 6 بالمئة بحوالي 294 ألف مشتغل، واحتل المرتبة الأخيرة المشتغلين في قطاع المال والتأمين والعقارات بنسبة واحد بالمئة بحوالي 55 ألف مشتغل.

وكشفت الإحصائيات أن نسبة أصحاب العمل من إجمالي المشتغلين في القطاع الخاص بلغت 5 بالمئة بنحو 153 ألف مشتغل، (يعمل لحسابهم الـ95 بالمئة المتبقون)، نسبة الإناث منهم 5 بالمئة بعدد 7552 صاحبة عمل، مقابل 95 بالمئة من الذكور بأكثر من 146 ألف صاحب عمل.

وتراوحت الرواتب في القطاع الحكومي بحسب بينات المسح بين 90 ألف ليرة وأكثر من 450 ألف ليرة، في حين كان الحد الأدنى للرواتب في القطاع الخاص يبدأ بأكثر من 90 ألفاً حتى 150 ألفاً ويصل إلى أكثر من 450 ألف ليرة، وكذلك الأمر بالنسبة للأجور في القطاعات الأخرى، وكان اللافت تركز الرواتب في القطاعات الثلاثة في الفئة التي تتراوح بين (90 ألفاً وليرة و150 ألف ليرة) حيث شملت أكثر من 74 بالمئة من نسبة المشتغلين في القطاع الحكومي، و28 بالمئة من المشتغلين في القطاع الخاص، و43 بالمئة من المشتغلين في القطاعات الأخرى.

وحول ذلك قال الدكتور عربش: بالنظر إلى الرواتب والأجور في حال اعتبرنا أن البيانات قريبة من الواقع يتبين أن النسبة الأكبر من العاملين في القطاع العام تندرج رواتبها في الشريحة دون 150 ألفاً، في حين 72 بالمئة من مرتبات القطاع الخاص تتجاوز هذه الشريحة، علماً أن المرتب يعيل 6 أشخاص (الموظف و5 أفراد من عائلته)!!.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن