عربي ودولي

«لوبوان»: ماكرون استدعى «ديناصورات السياسة» بحثاً عن حلول لأزمته الراهنة … «البديل من أجل ألمانيا» يضرب زلزالاً سياسياً.. وائتلاف الوسط يتعرض لنكسة

| وكالات

مع صعود اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية، أحدث اليمين المتطرف في شرق ألمانيا «زلزالاً سياسياً» وبات لاعباً رئيساً إثر النتائج القياسية التي حققها خلال اقتراعين إقليميين للانتخابات البرلمانية، في حين استدعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من وصفتهم صحيفة «لوبوان» بـ«ديناصورات السياسة» كلاً من الرئيسين السابقين نيكولا ساركوزي وفرانسوا هولاند، إضافة إلى رئيس الوزراء الأسبق برنار كازنوف، إلى مشاورات في قصر الإليزيه للبحث عن حلول لأزمته السياسية الحالية، بعد نتائج الانتخابات التشريعية التي أفضت إلى تشكيل برلمان من دون أغلبية واضحة لحزبه, وفاز حزب «البديل من أجل ألمانيا» من أقصى اليمين، أول من أمس الأحد، بفارقٍ كبير في الانتخابات الإقليمية في مقاطعة تورينغن، وحلّ ثانياً خلف حزب المحافظين في مقاطعة ساكسونيا في شرق ألمانيا، محققاً نتائج «تاريخية» تُمثّل نكسة لحكومة المستشار أولاف شولتس، حيث اعتبر زعيم الحزب تينو شروبالا، أن الحزب حصل على «تفويض واضح للحكم»، وأنه مُستعد «للتحدث مع كل الأحزاب» لتشكيل أغلبية مطلقة، حسبما نقل موقع وكالة الأنباء الألمانية «دي بي إيه».
وأصبح حزب «البديل من أجل ألمانيا» أول حزب من أقصى اليمين، يفوز في انتخابات إقليمية منذ الحرب العالمية الثانية، في حين تعرض ائتلاف يسار الوسط بزعامة المستشار شولتس إلى نكسة كبرى، ونُظمت الانتخابات في المقاطعتين، في سياق أجواء متوترة بعد نحو أسبوع، من مقتل 3 أشخاص في عملية طعن في مدينة زولينغن غرب البلاد، تبناها تنظيم داعش الإرهابي، وهو ما أثار جدلاً مجدداً بشأن الهجرة إلى ألمانيا، في حين سعى زعماء حزب «البديل من أجل ألمانيا» إلى استغلال الصدمة التي أحدثها هذا الهجوم، متهمين الحكومات الاتحادية المتعاقبة بنشر «الفوضى».
وتصدّر حزب «البديل من أجل ألمانيا» النتائج في تورينغن، إحدى أصغر المقاطعات في البلاد، حاصداً 33.1 بالمئة من الأصوات، وتقدّم على حزب «الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ» الذي نال 24.3 بالمئة من الأصوات، وفي ساكسونيا، تقدّم حزب «الاتحاد الديمقراطي المسيحي»، وهو حزب المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، بفارق بسيط، إذ نال 31.7 بالمئة من الأصوات، وحل حزب «البديل من أجل ألمانيا» ثانياً (31.4 بالمئة) بنتيجة متقاربة.
وشكّل فوز حزب «البديل من أجل ألمانيا» في تورينغن، سابقة في البلاد منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، حتى لو كان من غير المرجح أن يتولى السلطة الإقليمية مع رفض كل الأحزاب الأخرى عقد أي تحالف معه، وقال الأمين العام لحزب «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» كارستن لينيمان، أول من أمس الأحد: إن «الناخبين يعرفون أننا لن نشكل ائتلافاً مع حزب البديل من أجل ألمانيا»، داعياً إلى تشكيل حكومة.
في المقابل حقّق حزب «بي إس في» (أقصى اليسار) اختراقاً كبيراً، إذ حصل على أكثر من 10 بالمئة من الأصوات في المقاطعتين، ويُمكن أن يصبح «صانع ملوك» محتمل في تشكيل الحكومتين الإقليميتين في تورينغن وساكسونيا في المستقبل، وأسست السياسية اليسارية، زهرا فاغنكنخت هذا الحزب في كانون الثاني الماضي، بعد استقالتها من حزب «دي لينكه»، وتدعو إلى إحلال السلام مع روسيا والتشدد حيال الهجرة، وحسب مراقبين، تعكس النتائج حالة الاستياء لدى جزء من الرأي العام بسبب التضخم وقضية التحول البيئي وتأثير هجوم زولينغن الذي أعاد للواجهة النقاش حول الهجرة.
ولقي كل من حزب «البديل من أجل ألمانيا» وحزب «بي إس في» قبولاً شعبياً في المقاطعتين الواقعتين في شرق البلاد بخطاباتهما العنيفة ضد الهجرة ومن خلال الدعوة إلى وضع حد لشحنات الأسلحة التي ترسلها برلين إلى كييف، وهو موقف يحظى بشعبية كبيرة في هذه المناطق من جمهورية ألمانيا الديمقراطية الشيوعية السابقة، حيث ما زال الخوف من الحرب يسكن النفوس.
وأظهرت النتائج أيضاً تعرض الائتلاف الحكومي أي الحزب «الاشتراكي الديمقراطي» بزعامة المستشار أولاف شولتس، وحزب «الخضر» والحزب «الديمقراطي الحر» (ليبيراليون) إلى نكسة كبيرة قبل عام من الانتخابات التشريعية التي ستُجرى في 2025، وسجل حزب شولتس نسبة تراوح بين 6.6 و7.8 بالمئة من الأصوات، وبالتالي سيخرج «الخُضر» من برلمان تورينغن، ولن يكون لليبراليين من الحزب «الديمقراطي الحر» ممثلون في أي من المجالس الإقليمية بعد هذه الانتخابات.
من جانبها، رحبت هنغاريا التي تعد الدولة الوحيدة في أوروبا التي لديها حزب يميني حاكم بفضل الأغلبية التي يتمتع بها، بنجاح حزب «البديل من أجل ألمانيا»، وقالت: «لقد أرسلت الولايات الألمانية رسالة إلى بروكسل وبرلين: لا هجرة، لا حرب»، وفق موقع «اليوم السابع».
وتأسس «حزب البديل من أجل ألمانيا» عام 2013 كمجموعة مناهضة لليورو قبل أن يتحول إلى حزب معادٍ للهجرة بعد أزمة الهجرة في 2015 وجائحة «كوفيد 19» والحرب في أوكرانيا التي أضعفت الاقتصاد الأول في أوروبا ورفعت الأسعار، وتزداد شعبية الحزب في مناطق جمهورية ألمانيا الشرقية السابقة بسبب استمرار حال من عدم المساواة منذ إعادة توحيد البلاد في العام 1990، وأزمة ديموغرافية عميقة مرتبطة برحيل الشباب إلى مناطق أخرى رغم الانتعاش الاقتصادي في شرق ألمانيا.
وفي سياق ذي صلة، ذكرت صحيفة «لوبوان» الفرنسية، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعا من وصفتهم بـ«ديناصورات السياسة» كلًا من الرئيسين السابقين نيكولا ساركوزي وفرانسوا هولاند، إضافة إلى رئيس الوزراء الأسبق برنار كازنوف، إلى مشاورات في قصر الإليزيه في محاولة من ماكرون للبحث عن حلول لأزمته السياسية الحالية، بعد نتائج الانتخابات التشريعية التي أفضت إلى تشكيل برلمان من دون أغلبية واضحة لحزبه.
ويأمل ماكرون أن يساعده المذكوران في إيجاد طريقة لتجاوز الأزمة والمضي قدمًا في فترته الرئاسية المتبقية حتى عام 2027، إذ تشير التقارير إلى أن الرئيس الفرنسي قد يختار رئيس الوزراء الأسبق برنار كازنوف رئيساً جديداً للوزراء، رغم المخاوف المتعلقة بقدرته على البقاء في السلطة من دون تعرضه لتصويت على سحب الثقة من البرلمان، لكن كازنوف سيكون حاسماً في المفاوضات مع ماكرون ولن يتنازل له بسهولة، حيث يؤكد مقربون منه أنه «لن يمنح ماكرون أي هدية»، بل سيطالبه بالخضوع لنظام «التعايش السياسي»، حسبما أورد موقع قناة «القاهرة الإخبارية».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن