من دفتر الوطن

كيد النساء.. مظلوم!

| فراس عزيز ديب

طلبتُ من إبليس يوماً أن يروي لي قصة سمعها جعلته يجهش بالبكاء ويقترب من إعلان توبتهِ وهو الملقب بالمتمرد اللعين إلى يوم يبعثون، بدأ حديثهُ عن قصة جرت مع «هند بنت عتبة» وكيف كانت تحرض جيش المشركين يوم أحد حتى وصل بها الأمر إلى أكلِ قلب حمزة رضي الله عنه، لكني عاجلته مقاطعاً: دعنا من كثبان التاريخ كي لا نغرق في رمال التكفير وإهدار الدم، لأن ما من شخصيةٍ في هذا التاريخ وللأسف إلا ولها مريدون مهما بلغ صلاحها أو قذارتها!

ابتسم ابتسامةً صفراء وكأنه أرادَ أن يقول لي شيئاً عن وشايتهم جوهره: أنا الذي أعلم!

قلت له، أريد قصة من عصرنا هذا، عصر التكنولوجيا وأخواتها هل لديك؟

ابتسم من جديد وقال لعل القصة التي جعلتني أفكر بالتقاعد أني كنت أشي لامرأة جميلة بأن زوجها يخونها، جمعتُ لها كل السبل والطرق التي تتيح لها كشفَ خيانته من عدمها لكنه كان بارعاً في التخفي، وهي كانت تثق به ثقة عمياء، في يومٍ من الأيام كانت تجلس إلى صديقتها التي هي بيت أسرارها تتداول معها الحل المناسب، فسألتها صديقتها: هل تشكين بامرأة بعينها فأجابتها نعم، بل أعرف أين تسكن!

صمتت صديقتها لبرهة وكأن على رأسها الطير وقالت لها إن الحل سهل وبسيط، خذي هاتف زوجك واذهبي بهِ إلى جوار باب منزلها وحاولي تفعيل خدمة الاتصال بالشبكة المتاحة، إن اتصل الهاتف بشبكة ما فهذا يعني بأنه يزورها وإن لم يتصل وهذا يعني بأن شكك ليس بمكانه، سألته وماذا كانت النتيجة؟

ضحك ضحكة ساخرة وقال لي، لقد اكتشفت الزوجة فعلياً خيانة زوجها وطلقت منه وانقسمت العائلة وأنا سعيد لذلك، لكن أذهلني كيدُ صديقتها، فسألته ولماذا؟

صديقتها بهذا الدهاء حققت ما كانت تصبو إليه، فهي أيضاً كانت على علاقة بزوج صاحبتها لكنها تعرف أن ترتيبها كان الثالث وبضربة واحدة تخلصت من الزوجة والصاحبة الأولى وأصبحت الوحيدة في حياته! بل إنها لا تزال تزور صديقتها وتطبطب جراحها وتدين خيانة الخائن!

هذه الحوارية مع إبليس عادت إلى مسامعي وأنا أقرأ خبراً مفاده: الولايات المتحدة الأميركية قامت بتحويل مبلغ مالي إلى حركة طالبان عن طريق الخطأ، وهناك من سيصدق بأن الأمر تم عن طريق الخطأ بل هناك من سيصدق نفياً أميركياً قادماً، يبدو أن شبكة الولايات المتحدة كما شبكة الزوج الذي وقع في الفخ، على وضع الاتصال، لدرجةٍ يبدو معها كيد النساء مظلوماً أمام كيد الأميركيين، لعلنا نظلمه منذ أن عممنا الخطأ الشائع: ألم يقل اللـه عن النساء إن كيدهن عظيم؟ لا.. هو لم يقل، مع أني من الأشخاص الذين يرون أن للنساء كيداً لايستهان به، نتمنى على الأخوات والصديقات أن يتقبلن العبارة الأخيرة بروح رياضية!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن