كل منها يكتب تقارير عن تجاوزات الطرف الآخر إلى الاستخبارات التركية! … الميليشيات مصرّة على تحقيق مصالحها حتى بمواجهة أنقرة في «أبو الزندين»
| حلب- خالد زنكلو
لم تبد بعد ميليشيات أنقرة المناوئة لافتتاح منفذ «أبو الزندين»، الذي يربط مناطق هيمنتها في مدينة الباب بمناطق الحكومة السورية في ريف حلب الشمالي الشرقي، مرونة كافية بالتخلي عن «لاءاتها» التي تحول دون وضع المنفذ في الخدمة، بخلاف توجه أنقرة وما يسمى «الحكومة المؤقتة» المعارضة الموالية لها.
فبعد عقد لقاء الثلاثاء الماضي في مطار ولاية غازي عنتاب التركية جمع الاستخبارات التركية مع مكونات المعارضة المسلحة والسياسية، لم يتوقف التراشق الإعلامي بين هذه المكونات، وخصوصاً ميليشيا «الجبهة الشامية» و«حركة البناء والتحرير» الرافضة لاستمرار عمل «الحكومة المؤقتة»، على حين تطالب الأخيرة بمحاسبة الميليشيات عن اختلاساتها وتجاوزاتها في مناطق نفوذها، ما انعكس على عمل المنفذ المغلق للأسبوع الثالث على التوالي منذ افتتاحه رسمياً في ١٨ الشهر الماضي.
وذكرت مصادر أهلية في مدينة الباب أن التوتر لا يزال سيد الموقف في «أبو الزندين» أمس، مع مواصلة ميليشيات أنقرة المناهضة لافتتاحه التحشيد والتجييش في خيمة الاعتصام مقابل البوابة الرئيسة للمنفذ، وبما يحول دون توجه أي شاحنة بضائع إليه.
وأوضحت المصادر لـ«الوطن» أن ميليشيا «الجبهة الشامية» ما زالت عبر مسلحيها، الذين يرتدون زياً مدنياً في خيمة الاعتصام، مصرّة على إغلاق المنفذ، حتى لو كلفها الأمر استخدام السلاح ضد «الشرطة العسكرية» الموالية لأنقرة والمكلفة بحماية المنفذ وبفض الاعتصام بتكليف من الاستخبارات التركية، وهو ما بدا جلياً خلال الأيام الثلاثة الفائتة حيث لجأ مسلحون إلى إطلاق النار من الخيمة باتجاه سيارات «الشرطة العسكرية» التي قامت بالرد، الأمر الذي ينذر بحدوث مواجهات بين الطرفين تمتد عواقبها سلباً على افتتاح المنفذ، الذي تصر أنقرة على وضعه في الخدمة خلال الفترة المقبلة.
وكشفت المصادر أن أنقرة وجهت «الحكومة المؤقتة» إلى فتح تحقيق في إطلاق النار من خيمة الاعتصام وفي محيط «أبو الزندين» لمعرفة الميليشيات المتورطة في الحادثة، وأنها لا تريد إحداث فوضى في منطقة المنفذ لامتصاص النقمة على افتتاحه وكسب المؤيدين لهذه الخطوة، التي تأتي في سياق التزامات العاصمة التركية تجاه موسكو، وبموجب «تفاهمات» بين الطرفين الهدف منها إشراك المعارضة المسلحة في «صفقات» تجارية تبقي المنطقة في حال من الاستقرار وتثبت خريطتها الميدانية التي لم تتغير حدودها منذ تشرين الأول ٢٠١٩، إبان الغزو التركي لمناطق في شمال شرق سورية.
مصادر معارضة مقربة من ميليشيات أنقرة في مدينة الباب، بيّنت أن أنقرة باشرت بإعادة تقييم الوضع في المناطق التي تحتلها، وخصوصاً في مدينة الباب، وكذلك مراجعة سياستها الخاصة بالميليشيات الرافضة لافتتاح «أبو الزندين»، بحيث تحقق لبعضها المصالح الاقتصادية المتأتية من فتح المنفذ، ولاسيما لـ«الجبهة الشامية» التي خسرت معبر الحمران شمال عفرين، ومعظم مصالحها في معبر بوابة السلامة في إعزاز على خلفية الاحتجاجات التي حدثت نهاية حزيران المنصرم عند وضع «أبو الزندين» في الخدمة، بشرط ألا تشكل الميليشيا مناطق نفوذ جديد لتنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي، كما حدث في عفرين شمال حلب.
وكشفت المصادر، على خلفية اجتماع غازي عنتاب الذي كشف بعضاً من ملفات فساد ميليشيات أنقرة، فأن معظم الميليشيات في مناطق نفوذها شمال وشمال شرق حلب، بدأت بكتابة التقارير الكيدية بحق بعضها بعضاً إلى الاستخبارات التركية، لوضعها بصورة تجاوزات كل منها، لكسب ودها وعلى أمل معاقبة مناوئيها.
وقالت المصادر: إن معظم موضوعات تقارير الميليشيات، تتناول عمليات تهريب البضائع عبر المنافذ غير الشرعية، وخاصة التي تربط مناطق سيطرتها مع مناطق هيمنة ميليشيات «قوات سورية الديمقراطية- قسد» التي هي على حال من العداء معها، عدا عمليات اختلاس الأموال وتحصيل الفتيات من مخطوفين، وفرض ضرائب لم تقرها ما تسمى «المجالس المحلية» في مناطق نفوذ الميليشيات.