رياضة

هل ستبقى منتخباتنا العمرية في النفق المظلم وهل سيستفيد اتحادنا من تجارب دول الجوار؟

| مهند الحسني

لا نعرف حجم السعادة التي انتابت عشاق السلة العربية بشكل عام والسورية على وجه الخصوص ونحن نرى منتخب شباب الأردن تحت 18 وهو يتجاوز منتخب كوريا الجنوبية ويخطف بطاقة التأهل لكأس العالم للشباب العام القادم، جميعنا يدرك أن منتخبات الأردن وخاصة في الفئات العمرية كانت تستبيح سلتها جميع منتخبات دول الجوار وتخسر أمامها بفوارق رقمية كبيرة، لكن هذه النتائج والمستويات المتصاعدة للسلة الأردنية لم تأتِ من عبث ولا هي نتاج لضربة حظ وإنما جاءت بعد تخطيط سليم وتنفيذ صحيح ومتابعة مستمرة ونوايا صادقة، ومن المتوقع أن تشهد السلة الأردنية نقلة نوعية بجميع فئاتها في المرحلة المقبلة لا محالة.

ولا ننكر بأن هناك نوعاً من الغيرية قد أصابتنا ونحن نجري مقارنة بين منتخباتنا التي شهدت تراجعاً كبيراً ومنتخبات الشقيقة الأردن.

واقع مرير

منذ تولي الاتحاد الحالي مهامه أطلق شعار فتح باب المشاركات أمام جميع منتخباته لكن هذا الشعار سرعان ما اصطدم بمنغصات عديدة ساهمت في نسيانه وكانت منتخباتنا الوطنية الضحية لأسباب جلها يتعلق بضيق ذات اليد وعدم توافر السيولة المادية، لكن هذا الواقع ساهم بشكل أو بآخر في تراجع منتخباتنا وغيابها عن كثير من البطولات وباتت تحضيراتها مسلوقة وكأنها رفع عتب، حيث غاب التخطيط وغاب معها كل ما هو مفيد لتطوير المنتخبات وكانت النتيجة غرامات مالية على سلتنا الوطنية.

لا نغالي كثيراً إذا قلنا أن منتخبات السلة منذ عشر سنوات طويلة عبر مشاركاتها أصبحت غير مقنعة على صعيد النتائج والمستوى الفني، ويوماً بعد يوم تتابع هذه المنتخبات وفي كل الفئات انحدارها من سيىء إلى أسوأ، ومن خيبة إلى نكسة، ومن نكسة إلى نكبة، حتى بات الفوز في أي مباراة، كحبة الدواء المسكن التي لا يدوم مفعولها إلا دقائق ويعود طرق المطارق في الرأس إلى العمل بفشل جديد، لكن الخسارات والخيبات باتت متكررة وكثيرة وتفاقمت أكثر في عهد الاتحاد الحالي رغم كل العطاء السخي الذي أولته القيادة الرياضية للعبة، وبات من الطبيعي البحث عن أسلوب علاج جديد، لا أن نتهم المريض بأنه سبب المرض، فمن الوارد جداً أن تكون أساليب العلاج والقائمون عليها هم السبب، وكذلك حال سلتنا التي لم تخرج بأي ومضة ضوء واحدة منذ تولي الاتحاد الحالي لمهامه، فلا الاتحاد بقادر على إخراج مسابقاته بصورة سليمة، ولا قادر على إعداد جيل جديد من اللاعبين واللاعبات يعوض غياب وهجرة الكثير من أبناء اللعبة خلال الأزمة التي قارب عمرها لأكثر من عشر سنين ونيف، وسلك الاتحاد سبل الشعارات الكلامية والوعود الواهية التي لم تعد تنطلي على طلاب في المرحلة الابتدائية، ورغم ما لحق بسلتنا مازال هذا الاتحاد مصراً على عدم الاعتراف بأخطائه، وبات يبحث عن مبررات وحجج ما أنزل اللـه بها من سلطان لأن همه بات محصوراً في التلميع والبرستيج بغض النظر عن أي تطوير وتحديث مفاصل اللعبة.

أين منتخب الأمل؟

مضى على تولي الاتحاد الحالي مهامه مدة زمنية كافية لإطلاق الحكم على عمله ولو كان توجه بوصلته حينها للاهتمام بفرق الأشبال والشبلات وعمل على بناء منتخب الأمل رغم وجود مواهب وخامات كثيرة، وقام بتحويل الإمكانات المالية الممكنة للصرف عليهم بدلاً من صرفها على سفرات السياحة والاصطياف وتزيين المكاتب التي برع بها الاتحاد، لكانت السلة السورية حالياً تملك في رصيدها مجموعة متميزة من المواهب قادرة على المنافسة الحقيقية، وتجاوز خيبات ومشاكل الأجيال السابقة من الأخطاء الأخرى التي لم تحظ بعلاج اتحاد كرة السلة، علماً بأن اهتمامه الدائم صب في بوتقة محافظات دون أخرى، وقلّل دعمه في المحافظات الزاخرة بالمواهب الفقيرة بالإمكانات المادية.

دعونا نعترف أيها السادة بأن كرة السلة السورية لن تنهض وتخرج من خيباتها ما لم تتسع دائرة منافساتها في كل الفئات والمراحل حتى في المحافظات المهملة، وبذلك كنا سنضمن اكتشاف المواهب والخامات، وخاصة أن أريافنا ومدننا تضما خامات ومواهب قادرة على التطور والارتقاء بمستوى منتخباتنا الوطنية العقيمة حالياً هجوماً ودفاعاً وبلا أي مواهب استثنائية.

فإن كانت نية القائمين على سلتنا إعادة اللعبة إلى ألقها، فلهذا الأمر شروط يجب توافرها والعمل عليها، وإن كان همه السفر والسياحة والمؤتمرات الكلامية فالوضع الحالي كفيل بأن يبقيها في حالة من التراجع إلى ما لا نهاية.

خلاصة

أيها السادة الغيورون إن سلتنا الوطنية باتت بحاجة إلى نقلة نوعية بكل مفاصلها وبحاجة إلى نوايا صادقة وبرنامج عمل مؤسساتي بعيداً عن التفرد بالقرارات والعنجهية التي يمارسها البعض في الاتحاد الحالي الذي بات كالطبيب المصر على دواء لم يشف المريض، ونحن نقول بأن لا الدواء خطأ ولا الطبيب، ولكن يبدو أن اتحادنا لم يعد مناسباً لحال سلتنا المريضة في حال بقي على نهجه الحالي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن