اقتصاد

ما أسباب قلة نجاح المشروعات الصغيرة؟ … مديرة هيئة المشروعات لـ«الوطن»: سوء التخطيط من أبرز أسباب فشلها .. أكاديمي: نجاح المشروع يعتمد على مدى قدرته تلبية احتياجات المستهلك

| نورمان العباس

دراسة سلوك المستهلك وفهم متطلبات السوق من الركائز الأساسية لضمان نجاح أي مشروع، ولاسيما في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة التي تواجهها سورية. ومع ذلك، يغفل العديد من أصحاب المشروعات عن هذا الجانب الهام، مفضلين التركيز على الجدوى المالية فقط، مما يؤدي إلى تأثيرات سلبية على استدامة المشروعات واستمراريتها.

مديرة هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة ثريا إدلبي كشفت لـ«الوطن» أن عدد المشروعات الجديدة التي حصلت على سجل مؤقت خلال الربع الثاني من عام 2024 بلغ 137 مشروعاً، في حين بلغ عدد المشروعات القائمة 267 مشروعاً.

وأوضحت أن عدد المشروعات المستفيدة من الخدمات المقدمة من الهيئة بلغ 184 مشروعاً، من إجمالي المشروعات المخطط استهدافها والبالغ 260 مشروعاً، وبلغ عدد المتدربين المستفيدين من برامج الهيئة 286 متدرباً، من عدد المتدربين المخطط استهدافهم من كل البرامج والبالغ 445 متدرباً.

وأوضحت مديرة الهيئة أن المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة تعاني عدة صعوبات وتحديات في العمل تشمل هذه الصعوبات (صعوبات إدارية- فنية- تمويلية) تواجه المشروعات في المراحل الأولى من تأسيسها، كما أنها بعد انطلاقها والوصول لمرحلة الإنتاج تبدأ الصعوبات التسويقية بالظهور، ففي أغلب الأحيان تظهر هذه الصعوبات لعدم قدرة صاحب المشروع على دراسة السوق والتكهن بأوضاعه ومعرفته بالمنافسين المحتملين، إضافة إلى تقديم المنتج بالشكل الجاذب للمستهلكين وبالشكل الذي يلبي متطلباتهم، معتبرة هذه الصعوبات تستحوذ على النسبة الأكبر بين الصعوبات التي تؤثر في حياة المشروع، مما ينعكس سلباً على مدى قدرة المشروع على الاستمرار في السوق.

وقالت: يختلف معدل عمر المشروعات حسب حجمها ونشاطها وحالة السوق، فالعمر الاقتصادي للمشروع هو المدة التي يكون فيها تشغيل المشروع مجدياً اقتصادياً، أما العمر الإنتاجي للمشروع فهو المدة التي يستمر فيها المشروع بالإنتاج بغض النظر عن صافي العائد المتحقق.

ونوهت بسعي الهيئة من خلال خدماتها المختلفة إلى مساعدة أصحاب المشروعات في مواجهة هذه الصعوبات والتخفيف من آثارها من خلال الدورات التدريبية التي تقدم لرواد الأعمال الراغبين بتأسيس مشروع أو التوسع فيه، إضافة إلى دورات في المحاسبة والإدارة، والدورات المهنية التي تعزز معرفتهم في مجال العمل الذي يرغبون في العمل ضمنه حتى يتمكنوا من مواجهة الصعوبات الإدارية والفنية، كذلك المساعدة التي تقدم في إعداد الدراسة التمويلية التي تطلبها المصارف عند طلب الحصول على قرض، ما يمكن أن تدعم أصحاب المشروع في الحصول على التمويل المطلوب، وفيما يتعلق بالصعوبات التسويقية تسعى الهيئة من خلال مشاركة أصحاب المشروعات ضمن المعارض المتخصصة أو مهرجانات التسوق إلى تعريف الجمهور بمنتجاتهم والتواصل مع قطاع الأعمال.

ورأت إدلبي أن سوء التخطيط لموارد المشروع من أبرز أسباب فشله، والمقصود بالموارد، العمالة ورأس المال ومستلزمات الإنتاج، ولن ينجح أي مشروع من دون تحديد هذه الموارد واستخدامها وإدارتها بالشكل الأمثل، إضافة إلى سوء تقدير التكاليف والوقت وقد فشل الكثير من المشروعات بسبب غياب التخطيط.

وأشارت إلى أهمية وضع خطة عمل للمشروع قبل أن يوجد فعلياً على أرض الواقع ويجب على الأقل أن توضح الخطة المعالم الرئيسية للسوق وطبيعة المنافسة والمنافسين، مضيفة: من هنا تأتي أهمية الخدمات الاستشارية والتدريبية التي تقدمها الهيئة لأصحاب المشروعات حيث تسعى إلى تقديم الدعم الفني لهم في إعداد دراسات الجدوى ووضع خطط العمل اللازمة لبدء المشروعات ولاسيما خلال المراحل الأولى من حياتها.

الأستاذ في كلية الاقتصاد جامعة دمشق الدكتور تيسير المصري رأى أن أي مشروع يحمل أهدافاً اقتصادية واجتماعية، وأوضح أن أي اضطراب في هذه المشروعات يؤدي إلى إخفاق الاقتصاد بشكل كامل، معتبراً أن هذا هو الواقع الذي نعيشه اليوم، إذ من الضروري إعداد دراسات جدوى دقيقة قبل بدء أي مشروع، وذلك لتحديد احتمالية نجاحه والكشف عن مواطن الخلل.

وشدد المصري على أهمية الاعتماد على معطيات علمية معتبراً أن دراسة الجدوى تبدأ بطرح سؤال حول احتياجات المجتمع من السلع والخدمات، وطبيعتها، ومستوى تطورها، وحجم الطلب عليها، مؤكداً أن نجاح المشروع يعتمد على مدى قدرته على تلبية احتياجات المستهلك.

منوهاً بأهمية وجود دراسات تسويقية لفهم واقع السوق والسلع المطلوبة، ولم يتجاهل صعوبة التنبؤ بواقع السوق في ظل الاضطرابات الاقتصادية الحالية، ما يشكل تحدياً أمام إعداد دراسات السوق الدقيقة.

ولم يغفل الأستاذ الجامعي أهمية دراسة سلوك المستهلك وظروفه الاقتصادية، موضحاً أن المنتجين يجب أن يأخذوا بالحسبان احتياجات المستهلك وإمكاناته وتفضيلاته، كما أكد ضرورة تقدير الإيرادات والمبيعات المتوقعة لأي مشروع.

وختم الدكتور المصري بتسليط الضوء على أهمية الدراسة الفنية لأي مشروع، مشيراً إلى أنها تشمل الآلات، والتجهيزات، والتنظيم، والقوى العاملة، والبنية التحتية، وأنها يجب أن تسبق الدراسة المالية، كما شدد على ضرورة تنظيم عملية إعداد دراسات الجدوى، موضحاً أنه لا يجوز لأي شخص غير مؤهل إعداد هذه الدراسات، وينبغي تصديقها من نقابة المهن المالية لضمان جودتها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن