ثقافة وفن

المؤثرات البصرية أشمل بكثير والابتكار فيها أكبر من التطبيق … مصطفى البرقاوي لـ«الوطن»: الزند والتاج أعمال تدخلت فيها المؤثرات البصرية بوضوح، والنجاح يتحقق عبر دراسة الصورة والدراما الفنية للعمل

| مايا حمادة

وضع المخرج ومصمم المؤثرات البصرية مصطفى البرقاوي خبراته المديدة بمجال الدراما الفنية في صنع مشاهد مبدعة مستلهمة من عمق هذه الدراما دون مبالغات، واقعية وعملية في تفاصيلها مدركاً بالفعل لما تحتاجه درامانا العربية من عناصر تستكمل قصة المشهد وطبيعته بشكل علمي، ما يدل على اهتمامه بالثقافة المهنية والكمال الفني الممزوج بالإتقان لا يشوبه أي نقصان، وعن أهم الأعمال التي ساهم بها المصمم «مصطفى البرقاوي» في مجال المؤثرات البصرية: شارة مسلسل شبابيك، الهيبة 2020، الزند، ومسلسل تاج.

• الحديث عن البدايات قليلاً وعن تفاصيل أول عمل في مجال المؤثرات البصرية؟

البدايات في مجال صنع المؤثرات البصرية ليست سهلة وكانت بمنزلة مشروع تخرج في أواخر التسعينيات لهذه المهنة، المشروع عبارة فكرة بناء الجامع الأموي بكل محيطه وتفاصيله في تلك الفترة وتم تنفيذه بمشاركة صديق لي بسنة الألفين وبعد متابعة وعمل دام مدة أكثر من عام تم تأخير إًصداره نتيجة صعوبات عدة تم تجاوزها بكل عناية فدرسنا نوعية إكساء الجامع ونوعية الأحجار المبنية المختلفة فيه وبالتالي قررنا تصميم مكتبة من الصور لكل مادة من مواد بناء الجامع ليتجاوز عدد الصور فيها الـ600 صورة لكل نوع حجر ضمن بناء الجامع، ما تتطلب عدة رحلات للتصوير حتى يتسنى لنا إعادة النظر والتقاط أغلب التفاصيل ما احتاج ذلك لوقت طويل، ومن بين الأمور التي أذكرها حتى اليوم الصورة العمودية للفسيفساء في قبة النسر التي التقطناها وهي قصة متابعة في تجميع البيانات وهذا المشروع الجميل صراحةً له وقع وتأثير خاص في قلبي وفكري لأنه تحقق باجتهاد شخصي من دون أي داعم مضاف له.

• ما الدور الأساس الذي يشغله فنان المؤثرات البصرية ويتميز فيه؟ وكيف يكسر صعوبات عمله؟

دور المؤثرات مختلف تماماً ببنيته وشكله من مشروع لآخر وأيضاً من شخص لشخص آخر وهنالك أنواع مشاريع تتطلب وجود المؤثرات كعنصر أساس ومهم فيها وبالتالي لا يعود عنصراً مكملاً بل رئيس بحت ومشارك بالرؤية الفنية للعمل كله، في حين هناك نوع من الأعمال لا تتطلب دخولاً عميقاً للمؤثرات، حيث يكون لها جزء محدد وبالتالي عملها هو ضمن باقي العناصر التي تكمل المشروع، وحول الصعوبات والتحديات كانت قائمة في الحصول على الأبحاث والمعلومات في المجال التقني وحتى الفني فمثلاً لم يكن الإنترنت متوافراً سابقاً لإنجاز المهام بسرعة وكانت الحلول المتوافرة حينها جلب كتب من خارج سورية غالباً ما تكون مطبوعة بغير اللغة العربية، أما عن تميز المصمم أو الفنان فيأتي بعد سلسلة من المتابعة والممارسة في العمل بتحقيق إضافة حقيقية أو استكمال عنصر في الصورة غير موجود أساساً، ولابد أن هذا التفصيل يحتاج لدراسات معمقة للصورة من جهة بالمقابل دراسة عميقة للدراما وللمشروع من جهة أخرى، وعن مستوى الدراما المعاصرة هنالك حالات نستخدم بها تقنية الكروما ونستعيض عن الخلفية لاحقاً بموضوع مصور أو عنصر مبني ثلاثي الأبعاد، فهذا يتطلب دراسة للمشهد وشكله وتتطلب هذه الخلفيات روحاً فنية مشابهة لروح الجغرافيا متناغمة بشكل صحيح على صعيد الدراما، على سبيل المثال أحد المشاهد في مسلسل الزند هنالك عدة حلقات لمشهد المطاردة بالقطار فتطلب ذلك صنع شاشات خضراء بمساحات كبيرة جزء منها تم تصويره بشكل مباشر وجزء صوّر بتقنية الثري دي، ولابد من دراسة سرعة المشهد ودراسة الحركة والتقطيع بينها وخلق حالة من الانسجام الهائلة بين هذه الأمور وبين المؤثرات البصرية ليتم النجاح في تشكيل لقطة طبيعية.

• ماذا يحتاج العمل الفني كي يقنع الجمهور وكيف تتم عملية الإقناع برأيك؟

البحث عن المعلومة والمتابعة الحثيثة في كل تفصيل ومن عدة مصادر ويكون الفنان على اطلاع يومي على كل البرامج وملحقاتها والتقنيات التي ترفع من مستوى العمل وهذا بالطبع يتطور بشكل هائل وبفترات قصيرة عالمياً وأهمية الاستعانة بأجهزة متطورة تخدم النوعية وسرعة العمل، وإذا كان العمل استكمالاً لبناء تاريخي فهذا يتطلب بحثاً تاريخياً عن طبيعة العمار ولون المواد والعناصر المستخدمة وغيرها حتى يتم استكمال المبنى بصرياً بنفس الروح تماماً ومرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمشروع، فلذلك موضوع الأمانة التاريخية والفنية في هذا المضمار مهم كثيراً والتمييز يتحقق من هذا المبدأ وعندما يكون العمل بمهارة عالية وبمتابعة دقيقة يكون ناجحاً وجميلاً ومقنعاً للجمهور دون أن يشعر المشاهد للحظة أنه يتخلل تلك المشاهد مؤثرات بصرية وإذا شعر بها فيعني ذلك وجود إشكالية واضحة أو ضعف بمكان ما.

• هل عمل المؤثرات البصرية يحتاج لوقت طويل لتنفيذه أم هو يحتاج مدة زمنية قصيرة تضمن دراسة جميع مواقع التصوير والاستفادة منها؟

حسب المشروع على سبيل المثال في مسلسل تاج الذي عرض في شهر رمضان الفائت عرضت لقطة دمشق البانورامية استدعى هذا الجزء لبناء مدينة دمشق بالكامل مناطق (المرجة ومحيطها القلعة الجامع الأموي ومحيطه) استغرق نحو الـ4 أشهر، هنالك نوع من اللقطات لا تتطلب كل هذه المدة وفق المطلوب وتعقيدات المشهد يتوقف الزمن عليه بالتأكيد.

• كيف يحقق النجاح صانع المؤثرات البصرية في مهمته الفنية وعلى أكمل وجه؟

النجاح فيه عدة عناصر منها الموهبة وهو موضوع فطري يخلق مع الإنسان كدقة الانتباه وملاحظة التفاصيل فيما بعد تدعمه المعلومة التقنية من برامج وغير ذلك وأيضاً المعلومة الفنية كدراسة التاريخ والفن وأساسيات الفن التشكيلي والألوان ودراسة الأبعاد والشكل الهندسي والظل والنور وكل هذا له دوره وأهميته ومساحته.

• ذكر أعمالك الفنية التي قدمتها وعرفها الجمهور عنك لما فيها من لمسات إبداعية تخدم العمل؟

حقيقة القائمة تطول جداً للمشاريع التي ساهمت بها في إدخال جانب المؤثرات البصرية كعنصر حيوي مهم لكن سأكتفي في ذكر آخر مشروعين لي تم تنفيذهما مؤخراً (الزند وتاج) فكان لهما نصيب من التدخل الفني الكبير للمؤثرات البصرية وفي عدة مناح وهذا الجانب أضاف الكثير من الأفكار المطلوبة التي احتاجها العمل كله.

• هل تفكر مستقبلاً بتكوين مشاهد موضوعها خيالي أو غير واقعي يدخل فيها عنصر المؤثرات البصرية ربما على صعيد الأفلام السينمائية ولماذا؟

عملياً موضوع الخيال العلمي تم إنجازه في التلفزيون، وأنا متحمس حقيقة لخوض تجربة من هذا القبيل لكن الصعوبة تأتي في خلق مشروع كهذا في المنطقة العربية عدا أن تطبيقه غريب نوعاً ما وغير مألوف على مستوى المنطقة، لكن على صعيد العمل بالطبع مساحات المؤثرات البصرية هي أشمل بكثير والابتكار فيها أكبر من تطبيقه بشكل واقعي منطقي يصدقه المشاهد.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن