ثقافة وفن

وصف سورية بالأم الكبرى لفلسطين … محمد رضا حامد.. أحد رموز الثقافة الفلسطينية المشبعة بالوجدان السوري

| وائل العدس

نعى اتحاد الكتّاب العرب في سورية الكاتب الفلسطيني محمد رضا حامد ابن مدينة صفد الفلسطينية عن عمر ناهز ٨٣ عاماً قضاها في حب فلسطين والشعر والأدب عموماً.

الراحل صاحب مسيرة أدبية وفكرية اتسمت بالدقة والموضوعية فضلاً عن التزامه بالحس الوطني والقومي.

كان لنشأته في حي الصالحية بدمشق دور في منحه الثقافة وحب الاطلاع لكونها مركزاً علمياً تاريخياً.

تعلّم في مدارس سورية ليصبح مدرساً، وظلت القضية الفلسطينية دافعاً كبيراً عنده لنظم الشعر والقصائد الوطنية، فضلاً عن نهمه للمطالعة منذ طفولته ليصبح من بين أهم الشعراء الفلسطينيين الكبار.

ومن قصائده في التغني بدمشق وجمالها وحبه لهذه المدينة التي بادلته الوفاء: «كلما أوغلت في الدمع أراكم.. ياسمين الشام زيتون بلادي عبق الآتي بأحلام.. مساح ها أنا الآن كأني… طبت فيكم.. من جراحي».

همة عالية

تمحورت نتاجات الراحل وأعماله حول التاريخ والتربية ومنهجيتهما، وتميز بهمته العالية وحضوره في المحافل الثقافية والإعلامية المتعلقة بالأوابد والمعالم الأثرية والتاريخية، واهتمامه البالغ بالقضايا القومية والوطنية ولا سيما قضية لواء إسكندرون السليب.

وأغنت تجربة الراحل مسيرة الشعر العربي حيث يعد رمزاً من رموز الثقافة الفلسطينية والعربية، مع أهمية ما قدّمه من شعر وجداني وإنساني.

بين التدريس والإعلام

الراحل عضو جمعية الشعر في اتحاد الكتّاب العرب، وعضو اتحاد الكتّاب والصحفيين الفلسطينيين بدمشق، وأمين سر سابق لجمعية الشعر، وخريج قسم اللغة العربية في كلية الآداب في جامعة دمشق.

وقد عمل مدرّساً بثانويات دمشق، كان عضواً بالبعثة التعليمية السورية للجزائر 1967 – 1969، وفي المملكة العربية السعودية أمضى عشرين سنة متنقلاً من التدريس إلى مساعد مدير مدارس الدوحة السعودية 1970– 1972، وأصبح مسؤولاً إدارياً في شركات فرنسية عاملة في المملكة 1975 – 1990 ثم عاد إلى دمشق.

دواوين وجوائز

استحوذت أغلب أعماله منذ بدايات الستينيات على دمشق وفلسطين وثوارها رغم تشعب قصائده بين الوطني والوجداني.

له عشر مجموعات للكبار منها «موت على ضفاف المطر» و«افتتاحيات الدم الفلسطيني» وثلاثة للأطفال منها «لمن تغني البلابل» وأوبريتات مسرحية منها «إليك أعود».

كما حاز عدداً من الجوائز الأدبية في عدد من الدول العربية منها الجائزة الأولى في مهرجان الشعر الثالث بدمشق عام 1965 والجائزة الأولى في مهرجان عنابة بالجزائر عام 1968. كما تقلدا عدداً من المناصب الإدارية.

الأم الكبرى

في أحد لقاءاته مع «ديوان العرب»، عرّف عن نفسه فقال: «غادرتُ فلسطين وعمري خمس سنوات، وبقي هذا معلقاً في الذاكرة، حيث إن الطفل في هذه المرحلة يستوعب الأشياء بطريقة رائعة جداً.. كيف هاجرنا من فلسطين إلى سورية، وكيف جئنا على الأقدام مشياً، كان يشعرنا هذا المشي بأننا ننتقل من عالم معلوم إلى عالم مجهول، ولكننا كنا ندرك تماماً بأن سورية هي الحضن الأساسي للجوء الفلسطيني لأن سورية هي الأم الكبرى لفلسطين.. حيث فلسطين هي الجزء الجنوبي لسورية، ولذلك، كان ما يمر بنا من أمل يشعرنا بأننا ننتقل إلى بلد ستحمينا وسترد لنا حقنا.. لأن الكفاح الفلسطيني كان يرفده الكفاح السوري، قبل أي منظومة عربية أخرى، وسورية تبنت القضية الفلسطينية ومازالت، لذلك إذا كانت سورية الآن تعيش مرحلة حرب عالمية ضدها، فلأنها تعتبر القضية الفلسطينية قضية داخلية، عندما وصلنا إلى سورية، استقبلتنا كأهلها وكأبنائها، وفتحت لنا بيوتها وصدورها وبقيت على ذلك، تجمعنا، على خندق التحرير وخندق المقاومة، وخندق التعليم، ففتحت المدارس السورية والبيوت السورية والأرض السورية لأهل فلسطين وكأننا جزء من هذه الأرض وهذه المنظومة السورية، ومازلنا نعيش خلال سبعين عاماً على فكرة أن سورية هي المقاوم الوحيد من أجل القضية الفلسطينية والحاضن الأكبر لها. لذلك حوربت وستحارب إلى ما لا نهاية حتى تتخلى عن قضية فلسطين، وهذا لن يحدث مطلقاً، مازلنا نعيش على الدم السوري الذي يبني خندقه الأول باتجاه تحرير سورية، من العناصر الخارجية التي تبغي خرابها ودمارها وإنهاء القضية الفلسطينية على أرضها، وكذلك موضوع المقاومة الفلسطينية، وإنهاء قصة سورية مع فلسطين تحريراً ومقاومةً».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن