قضايا وآراء

الجنرال بريك: تفجيرات البيجر لم تغير من خطورة الوضع الإسرائيلي

| تحسين حلبي

حين يقول الجنرال الإسرائيلي المتقاعد يتسحاق بريك في مقابلة مع راديو صحيفة «معاريف» في 19 أيلول الجاري إن «إسرائيل على طريق الانهيار» ويضيف إنها «ستواجه سيناريوهاً مرعبا مع استمرار الحرب»، ربما يكون قد عبر بشكل واضح عن رؤيته لهذه الحرب وحذر من مستقبلها المنظور.

وبريك كان في السابق قائداً لفرقة عسكرية وعمل مسؤولا أيضاً عن توزيع المجندين الجدد في اختصاصات الجيش وهو غالبا ما ينتقد بعض القادة العسكريين ويتهمهم بالتقصير وضيق الأفق، وكان موضوع المقابلة هو حول رأيه «بعملية تفجير أجهزة اتصال البيجر في لبنان واستمرار الحرب وإدارة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لها»، وقال في المقابلة التي نشرت صحيفة «معاريف» أجوبته فيها: «إن عملية تفجير البيجر في لبنان تعد عملية تكتيكية مذهلة وتثبت وجود درجة عالية من القدرة الاستخباراتية والتكنولوجية وبرغم أن إسرائيل لم تعلن مسؤوليتها عنها إلا أن حزب الله يتهم إسرائيل بتنفيذها ويتوعد بتوجيه رد قاس جدا عليها، لكن من سوء حظي الشديد لم تحقق هذه العملية أي تغيير في الواقع فادح الخطورة للوضع الإستراتيجي الذي تمر به إسرائيل»، وأضاف بريك: «إن قرار نتنياهو باستمرار هذه الحرب في غزة مع استمرار حرب الاستنزاف المستمر ضد إسرائيل لسنة أخرى، سيؤدي بشكل واضح جداً إلى انهيار إسرائيل في كل المجالات، وقد أدت عملية تفجير البيجر إلى زيادة تأكيد حقيقة أن استمرار حرب الاستنزاف هذه سينقلنا إلى خطر حقيقي نحو حرب إقليمية متعددة الجبهات ستكون إيران من المنخرطين فيها، وهذا ما سوف يؤدي إلى تسريع تدهور إسرائيل».

تشير الصحيفة إلى أن بريك وجه انتقادا لنتنياهو في أجوبته قائلا: «جلست معه ست مرات وهو اليوم لا تحركه دوافع عقلانية بل ذاتية هي الرغبة بالبقاء في الحكم مهما كلف ذلك من ثمن، فهو يصر على الاستمرار بحرب لا قدرة لإسرائيل على الانتصار فيها على العالم العربي كما أن المجموعات المسلحة بدأ يزداد دورها بالسيطرة بفضل دعم إيران وحزب الله»، واختتم أجوبته بالقول: «كان على نتنياهو القبول باتفاق لوقف هذا القتال العقيم الذي يسبب خسارة لنا أمام المجموعات المسلحة الفلسطينية، وكان عليه عدم اتخاذ قرار باستمرار الحرب ضد كل العالم العربي، وإسرائيل لا يمكنها المحافظة على بقائها من دون العالم الغربي لكنه عالم بعيد عنا».

هكذا شخّص جنرال إسرائيلي سابق الوضع وهو لم يختلف في هذه الاستنتاجات عما كان يحذر منه، ويتبين من تحليل أحداث ونتائج هذه الحرب الوحشية التي يشنها نتنياهو، أن حرب الاستنزاف التي تشنها المقاومة على جميع الجبهات لم تستطع كل القوة الإسرائيلية إيقاف مضاعفاته هذه الحرب عليها، برغم وحشية عملياتها وفداحة الدمار الذي وسعته في القطاع والضفة الغربية وجنوب لبنان، وهذه الحقيقة يرى فيها خبراء الحروب انتصاراً للضعيف على القوي وانتصاراً لحرب الاستنزاف التي فرضت على الكيان أحد خيارين لإيقافه: إما أن يقبل الكيان باتفاق مع المقاومة لوقف النار يلبي شروطها فتهدأ جبهات الاستنزاف، وإما أن يشن جيش الكيان حرباً شاملة على جبهة جنوب لبنان يبدو أنه يعمل على تجنبها هو والولايات المتحدة حتى الآن لأنها لن تكون مضمونة النتائج وسيطول مداها وتتسع رقعة مساحتها، وهذا ما لا ترغب به واشنطن في ظل الظروف الإقليمية والدولية بموجب تقديرات معظم الخبراء المختصين بأوضاع هذه المنطقة، وإذا كان الكيان يجد من مصلحته أن تنخرط الولايات المتحدة في حرب بقواتها العسكرية في المنطقة فإن الإدارة الأميركية لا تجد في هذا التوقيت بالذات ما يستدعي انخراطها وتفضل وضع حلول أخرى لا يبدو أنها تسر نتنياهو الذي أصبح يرى في استمرار الحرب ضمانة لبقائه في الحكم كما يوضح الجنرال بريك، وفي النهاية يصبح العامل الداخلي الإسرائيلي هو الذي يمكن المراهنة عليه في تغيير الموقف من مسألة القبول بوقف النار وبقاء أو عدم بقاء نتنياهو.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن