(اللَّعنة) يتحدث عن البَرَكَة!
| حسن م. يوسف
قاتل الأطفال النتن ياهو يعامل مندوبي الأمم (الملتحدة) كما لو أنهم زغاليل في روضة أطفال، ويرفع أمامهم خريطتين متناقضتين لمنطقتنا، كتب على الأولى (البَرَكَة) وقد رسم عليها خط الممر الاقتصادي الذي يبدأ من الهند ويمر بالخليج ومنه إلى البحر المتوسط فأوروبا، وهو مشروع أميركي يطمح لتحقيق هدفين أساسيين، الأول هو مواجهة دور الصين كقوة عظمى، والثاني هو تكريس التطبيع بين الدول العربية التي يعبرها الممر، وبين دولة الكيان السرطان. وسيشمل المشروع على حد قول جريدة «فايننشال تايمز» البريطانية، إنشاء بنية تحتية لنقل الطاقة وكابل اتصالات بحري جديد.
أما الخريطة الثانية التي حملها النتن ياهو أثناء كلمته في الأمم (الملتحدة) فقد عنونها بـ(اللعنة). صحيح أنه لم يكتب على الخريطة سوى أسماء ثلاث دول هي إيران والعراق وسورية، لكن المناطق التي طَلَسَها بالسواد تغطي مناطق من أفغانستان وباكستان وكل إيران كما تغطي جزءاً من السعودية وكامل اليمن!
والحق أنني دهشت من تطابق قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي مع حال النتن ياهو، خاصة قوله: بَرَزَ الثَعلَبُ يَوماً /في شِعارِ الواعِظينا/ فَمَشى في الأرض يهذي / وَيَسُبُّ الماكِرينا/… فردَّدتُ في سري ما قاله الديك في ختام قصيدة شوقي: «بَلِّغِ الثَعلَبَ عَنّي /عَن جدودي الصالِحينا/ عَن ذَوي التيجانِ مِمَّن/دَخَلَ البَطنَ اللَعينا/ أنهم قالوا وَخَيرُ الـ/ قَولِ قَولُ العارِفينا/ مُخطِئٌ مَن ظَنَّ يَوماً /أَنَّ لِلثَعلَبِ دينا».
بعض هواة الانبطاح يكررون بين وقت وآخر قول أرئيل شارون: «نحن نتحكم بأميركا». وهدفهم من ذلك تبرير انبطاحهم. إلا أن شارون نفسه قال بصريح العبارة: إن «… إسرائيل تمثل حاملة طائرات أميركية ثابتة»، وهذه العبارة تعاكس تلك، إذ من المعروف ماذا تفعل الدول بحاملات طائراتها عندما يتحول وجود تلك الحاملات إلى عبء عليها.
منذ نحو عام والكيان السرطان يعربد في غزة، وها هو ينقل عربدته إلى الدول المحيطة بفلسطين وعلى رأسها ست المدائن بيروت. صحيح أن قادة الصهاينة يعتقدون أن التحديات التي لا تحل بالعنف يمكن حلها بمزيد من العنف، لكن العنف له نقطة عجزه أيضاً، وهذا ما أكده شعبنا الجزائري، للجلادين الفرنسيين، كما أكده الفيتناميون الأصدقاء، لأميركا التي تتباهى بأنها أقوى قوة في العالم! وقد صدق القائد العسكري للثورة الفيتنامية الجنرال الاسطوري جياب، إذ قال أثناء زيارته للجزائر في منتصف السبعينيات:
«إن الأميركيين طلاب فاشلون في مدرسة التاريخ، يعيدون نفس الصفوف مرة تلو الأخرى».
سبق أن قلت غير مرة إن (إسرائيل) لا مستقبل لها هنا، وهي ستكون مجرد إثر جرح في تاريخ منطقتنا، لكنني لم أزعم أبداً أنها ستزول غداً من تلقاء نفسها، فالتاريخ ليس مجانياً ولا يحدث تلقائياً. لكن هناك مؤشرات تصدر من داخل الكيان لا يجوز تجاهلها أو الاستخفاف بها، مثل قول جدعون ليفي: «أعتقد أن النهاية قريبة جداً لنا كدولة» وقول وزير الحرب الأسبق، أفيغدور ليبرمان: «إن إسرائيل تشهد انهياراً كاملاً للردع والنظام والأمن والأنظمة الحكومية». لكنني لا أبني قناعتي على كلام الأعداء، بل على ما نقوم به نحن والأحرار من الأشقاء، وإن غداً لناظره قريب.