المقاومة لن تموت
| معتز خليل
لاحظت مع متابعتي للكثير من منصات التواصل الاجتماعي العربية وحساباتها، شعوراً عاماً بالإحباط والحزن عقب استشهاد الأمين العام لحزب اللـه حسن نصر اللـه، وذهب البعض للتأكيد والزعم أن المقاومة الآن تعيش آخر أيامها في ظل بعض التطورات الميدانية التي تصب جميعها في مصلحة الجانب الإسرائيلي.
غير أن هذه الأصوات، المحبطة والحزينة، ربما تناست أن الإلهام الأبرز في حياة الأمين العام لحزب اللـه حسن نصر اللـه، كانت فكرته عن المقاومة، فكرته عن محاربة إسرائيل، فكرته عن التصدي لأعداء بلاده والأمة العربية، ومجاهرته الصريحة بالعداء للكثير من كبار المسؤولين سواء في المنطقة أو العالم، في ظل سياساتهم العقيمة التي أودت بالمنطقة في غياهب الكثير من الأزمات.
إن استشهاد نصر اللـه ومن قبله، كبار قيادات حزب اللـه ومن قبله انفجارات البيجر، ستؤدي إلى ترسيخ بل خلود فكرة المقاومة وليس العكس، وستظل الفكرة التي لا تموت في عقول الكثيرين، بل الملايين من العرب وأنصار الحرية، فالتاريخ يقول ذلك، والحاضر أيضاً، وهناك العديد من الأمثلة السياسية التي تؤكد وتعترف بذلك، وسآخذ منها مثالاً واحداً، وهو فكرة جماعة الإخوان المسلمين في مصر، حيث تصدى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لهم، ووضعهم في المعتقلات وحاربهم وأعدم بعضهم، لكن ظل الإخوان مكوناً فكرياً رئيساً حاضراً في مصر، حتى أعادهم الرئيس محمد أنور السادات، وغازلهم الرئيس محمد حسني مبارك، وحتى الآن وفي عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، لا يمكن القول إن جماعة الإخوان قد انتهت أو لا يوجد لها حضور في الشارع المصري أو عبر منصات التواصل، والكثير من البيانات الرسمية المصرية لا تزال تتهم الجماعة بمحاولة العبث في الأمن القومي المصري والإساءة للسلطة الحاكمة.
عموماً، أعلم علم اليقين أن هناك اختلافاً جذرياً بين جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وبين نموذج حزب اللـه المقاوم في لبنان، لكنني هنا أتحدث عن الفكرة.
إن فكرة حزب اللـه العسكرية تظل واضحة وراسخة، وستظل تتواصل بل ستمتد، لأنها فكرة إنسانية لشعب يتعرض للاحتلال والقتل من جانب سلطة كيان محتل مغتصب للأرض كما يقولون، إنها فكرة الحرية التي يتمسك بها البعض، ولعل الكثير من العرب مثلاً لا يعرفون أن للحزب بصورة عامة، وأمينه العام بصورة خاصة، الكثير من المحبين والمؤيدين ليس فقط في لبنان لكن بالعالم، ولعل ما نقلته منصات التواصل الاجتماعي ومواقعه من شعور بالحزن وإعلان حداد في الكثير من الدول العربية عقب اغتيال نصر اللـه، هو خير دليل على التعليق بفكرة هذا المقاتل، وما قام به، وإجباره إسرائيل على الانسحاب من أراضي وطنه في عام 2000.
بالطبع يمكن الاختلاف مع الحزب سياسياً، وهو أمر طبيعي في مثل لبنان الذي تموج بالتيارات والمذاهب والاختلافات، لكن الحزب كـ«فصيل» وطني لبناني لا يمكن بأي حال من الأحوال الاختلاف عليه.
إضافة الى هذا، فإن الحالة العربية بصورة عامة، والفلسطينية بصورة خاصة، تموج الآن بالكثير من التحديات الدقيقة، غير أن أبرز سمات هذا التفاعل والتموج هو استمرار شعبية حركة حماس بين عموم الفلسطينيين، سواء في الضفة الغربية أم الشتات، وجميع الإحصاءات والاستطلاعات التي أجريت لقياس شعبية الحركة تصب في هذا الأمر، بداية من التمسك بما قامت به حماس في السابع من تشرين الأول، واعتباره خطوة في طريق التحرر، وحتى الإشادة بزعيم الحركة، يحيى السنوار، في ظل ما قام به من بطولات في هذا اليوم تحديداً.
عموماً، فإن استشهاد حسن نصر اللـه يتزامن مع تطورات درامية في المنطقة، وهي التطورات التي ستؤدي إلى تعمق فكرته، بل ترسيخها دوماً في القلوب، لتمثل الأمل في التحرر بين شعوب المنطقة.
صحفي مصري مقيم في لندن