دوامة أخطار ما بعد نصر اللـه أصبحت أكبر خطراً على إسرائيل
| تحسين حلبي
كان الكيان الصهيوني منذ التسعينيات، يرتعد خوفاً من وجود الأمين العام لحزب اللـه حسن نصر الله، وقيادته لعمليات المقاومة التي حقق فيها تحرير جنوب لبنان ودحر الاحتلال الإسرائيلي من لبنان بمشاركة قوى المقاومة الوطنية والإسلامية والفصائل الفلسطينية ودعم دمشق وطهران للمقاومة.
وفي يومنا هذا وبعد استشهاده ما زال العدو يعترف على لسان عدد من القادة والخبراء العسكريين في الكيان بأن خطر نصر اللـه أصبح أشد من الخطر الذي شكله لهم في حياته، لأن من سوف يحل محله ومحل الكوادر التي استشهدت قبل أيام، سيحمل دوراً مضاعفاً تحفزه عليه خبرته التي اكتسبها من الشهداء ورغبته بالانتقام لقائده ورفاقه القادة الذين استشهدوا، وهذا ما يحاول تسليط الضوء عليه أحد الخبراء العسكريين الإسرائيليين يتسحاق مانسدورف وهو أحد كبار المختصين في إسرائيل بالسايكولوجيا السياسية في «مركز أبحاث جيروزليم للأمن والسياسة الخارجية»، فيوم أمس نشر في صحيفة «معاريف» تحليلا بعنوان: «موت نصر اللـه سيشكل بداية خطر جديد على إسرائيل»، رأى فيه أن «إسرائيل تمكنت من توجيه ضربات ضد حزب اللـه جعلتها تعتقد أنه يترنح واقتربت الضربة القاضية له، لكن من المهم لإسرائيل أن تتذكر أن أيديولوجيته تمنعه من الاستسلام لعدوه، والحزب في وضعه الراهن أصيب بجراح ولهذا السبب سيعمل على استخدام أقصى الشدة في الرد، ولا يتعين نسيان أن إيران إلى جانبه مجروحة أيضاً»، ويضيف مانسدورف إن «كوادر الحزب وقادته يعرفون جيداً أن نصر اللـه تعهد بالرد على موت رفاقه وسوف يكرسون أنفسهم لتنفيذ وعده وللانتقام له ولجميع رفاقهم».
هذه التصورات التي يستمدها مانسدورف بهذا الشكل يرى أنها «سوف تؤدي إلى عمليات تصعيد من حزب اللـه بمجرد انتخاب رئيس جديد للحزب».
ولا شك بأن الحزب سيضع جدول عمليات متصاعدة في وتائر الرد على إسرائيل لكي يرفع درجة الردع التي تعتقد إسرائيل أنه فقد جزءاً منها فتجرأت على شن هذه العمليات الوحشية والاجرامية التي ارتكبتها ضد أهداف مدنية في لبنان من جنوبه حتى بيروت، وإضافة إلى ذلك يعتقد الكثيرون أن حرب الاستنزاف المستمرة التي ستتصاعد في عملياتها ستطول ولن تتوقف إلا حين تحقق قيادة الحزب كل الشروط التي ستتفق عليها مع فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، لأن مسألة إجبار إسرائيل على إيقاف عدوانها على القطاع وانسحاب قواتها منه هي الهدف المشترك الذي تبناه الشهيد نصر اللـه منذ 8 تشرين الأول الماضي لدعم الشعب الفلسطيني، وسوف يكون من البدهي أن تتشدد فصائل المقاومة في القطاع بالتمسك بهذا الموقف الذي سيحبط أي مؤامرة إسرائيلية- أميركية لفك ارتباط جبهة قطاع غزة بجبهة الجنوب اللبناني لتصبح الجبهتان جبهة واحدة باسم فلسطين ولبنان معاً ومعهما كل أطراف محور المقاومة، وبهذه النتيجة ستجد واشنطن وتل أبيب أن وضعهما سيتعرض للضعف أمام متانة وحدة صف الجبهتين وكذلك وحدة كل صفوف أطراف المقاومة معهما، وأن هوامش المناورة الأميركية أو الإسرائيلية ستتقلص كثيراً في الأسابيع والأشهر المقبلة، وهذا ما سوف يؤكد أن حرب الاستنزاف المتصاعدة التي يشنها محور المقاومة ستطول بشكل لم يتوقعه الجانبان الأميركي والإسرائيلي في منطقة مرشحة لتطورات ضاغطة وقابلة لتحقيق تغيرات عند أطراف عربية وإسلامية عديدة في المنطقة وهو ما تخشاه واشنطن قبل إسرائيل.