القضايا العربية في قلب سورية ودراماها … مسلسلات سكنت الوجدان وحملت الهموم القومية
| وائل العدس
تعيش غزة في فلسطين المحتلة والضاحية الجنوبية في لبنان أياماً مصيرية وصعبة بسبب همجية وجرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين العزّل، في وقت ترد فيه المقاومة ردوداً اخترقت المستوطنات الصهيونية وجعلت المحتل يعيش حالة خوف ورعب، وأجبرت أزلامه المجرمين على النزول إلى الملاجئ وأردت منهم الكثير من القتلى.
أما سورية ورغم الحرب الإرهابية العالمية التي تتعرض لها ورغم كل الأثمان الباهظة التي دفعتها لصون عهد العروبة، إلا أن موقفها من القضايا العربية ما زال ثابتاً، فبقيت متمسكة بكل الحقوق العربية وعلى رأسها حقوق الشعب الفلسطيني، وظلت فلسطين في قلب سورية شعباً وقائداً وجيشاً.
على الصعيد الدرامي، لعبت الدراما السورية دوراً كبيراً في تناول القضايا العربية بمسلسلات سكنت الوجدان، فكانت الحامل الأول للوائها والأكثر دفاعاً عنها بأن كانت الوحيدة التي حملت على كاهلها إنتاج أعمال تحاكي هذه القضايا.
«الوطن» رصدت بعض الإضاءات الدرامية السورية التي جسدت حكايات القضايا العربية:
القضية الفلسطينية
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية المركزية فهي دائمة الحضور في أذهان الكتّاب، والدراما السورية قدمت ولا تزال تقدم العديد من الأعمال.
مسلسل «عز الدين القسام» كان من أوائل الأعمال السورية التي تناولت القضية الفلسطينية، ويعود إلى عام 1980، والمسلسل دراما وطنية تاريخية يصور حياة ونضالات المجاهد السوري الشهيد عز الدين القسام الذي غادر مدينة جبلة وتوجه إلى فلسطين للمشاركة في النضال ضد الاحتلال الإنكليزي وضد تهويد الأرض الفلسطينية.
وفي عام 1995 تم إنتاج مسلسل سوري بعنوان «نهارات الدفلي» من تأليف فواز عيد وإخراج محمد زاهر سليمان، والمسلسل تاريخي سياسي، يعرض تاريخ القضية الفلسطينية حتى قيام الكيان الصهيوني المحتل في فلسطين عام 1948.
وخلال عام 2004 أنتج أحد أبرز الأعمال «التغريبة الفلسطينية»، والعمل من تأليف وليد سيف وإخراج حاتم علي، ويلقي الضوء على القضية الفلسطينية من خلال قصة أسرة ريفية فلسطينية في الثلاثينيات من القرن الماضي، مروراً بالعديد من الأحداث المهمة، حتى نكسة حزيران عام 1967، وكيفية صمود أفراد الأسرة على الرغم مما واجهوه من أخطار الحرب في توثيق حقيقي لمعاناة الشعب الفلسطيني.
وفي عام 2004 أنتج مسلسل بارز أيضاً وهو «عائد إلى حيفا» عن قصة غسان كنفاني وإخراج باسل الخطيب، وقد أرّخ العمل يوميات سقوط حيفا عام 1948 من خلال رصده لمصير عائلة فلسطينية، حيث تشتتت وعانت التهجير والنزوح والتشريد في المخيمات.
وخلال عام 2005 أنجز المخرج باسل الخطيب أيضاً مسلسل «عياش» من تأليف ديانا جبور، ويحكي العمل قصة الشهيد الفلسطيني يحيى عياش في أثناء جهاده السري في الأراضي المحتلة.
وأنتج مسلسل «الاجتياح» عام 2007 وهو من تأليف رياض سيف وإخراج شوقي الماجري، وتناول الإرهاب الذي مارسه الكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني.
وفي عام 2009، قدّم المخرج نجدة أنزور والكاتب فايز بشير مسلسل «رجال الحسم» الذي تدور أحداثه عن نكسة حزيران وجرائم الكيان الصهيوني.
وفي العام نفسه أي 2009 تم إنتاج مسلسل «سفر الحجارة» من تأليف هاني السعدي وإخراج يوسف رزق، وقد تناول القضية الفلسطينية بكل جوانبها وأبعادها الإنسانية، إضافة إلى محور مهم ورئيس هو انتفاضة الأقصى، والعدوان الصهيوني على غزة.
خلال عام 2010 عُرض مسلسل «أنا القدس» من تأليف تليد وباسل الخطيب وإخراج باسل الخطيب، وتدور أحداث المسلسل حول رحلة زمنية عمرها 50 عاماً، من المقاومة الفلسطينية في تاريخ القدس من سنة 1917 إلى سنة 1967، كما يروي المسلسل حياة المقدسيين وتفاعلهم مع التغيرات السياسية والاجتماعية في ظل الانتداب البريطاني والاحتلال الصهيوني، ويسلط الضوء على الجانب الحضاري والتاريخي لمدينة القدس العربية، ببعديه الفكري والثقافي.
وتضم أحداث المسلسل أحداث الثورة الفلسطينية، والانتفاضة الكبرى من خلال رصد درامي لحياة المجاهدين عبد القادر الحسيني وعز الدين القسام.
مسلسل «حارس القدس» الذي أنتج العام الماضي كان آخر الأعمال التي لامست القضية الفلسطينية من خلال رصد حياة المطران هيلاريون كابوجي رجل الدين والمناضل الاستثنائي الذي كان شاهداً ومشاركاً في أهم الأحداث التي عصفت بالمنطقة، بدءاً من نكبة فلسطين عام 1948 وانتهاءً بالحرب على سورية.
المقاومة اللبنانية
وأنتجت الدراما السورية أعمالاً تطرقت للمقاومة اللبنانية والفلسطينية منها «رسائل الحب والحرب» عام 2007 من تأليف أمل حنا وإخراج باسل الخطيب، حيث كشف العمل قسوة رسائل الحرب من الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 وحصار بيروت ووحشية مجازر صبرا وشاتيلا وسقوط الضحايا الأبرياء، وصولاً للعدوان الصهيوني في تموز عام 2006.
وفي عام 2010 عرض مسلسل «البقعة السوداء» وهو من تأليف خلدون قتلان وإخراج رضوان المحاميد، وتطرق العمل للحياة الاجتماعية في دمشق في أثناء الحرب في لبنان عام 1982 ومساعدة الجيش العربي السوري للبنانيين في الدفاع عنهم.
ثورة الجزائر
ورصدت الدراما السورية أيضاً ثورة الجزائر، والبداية كانت مع أول تمثيلية درامية بعنوان «الغريب» عام 1960 التي قدمت على الهواء مباشرةً بالأبيض والأسود، وتحدثت عن الثورة الجزائرية وبطولاتها وأمجادها، وهي من إخراج سليم قطايا.
وتتالت الأعمال عن هذه القضية كمسلسل «تمر حنة» عام 2001 من تأليف أحمد حامد وإخراج محمد فردوس أتاسي، وقد تعمق العمل بتفاصيل ثورة الجزائر مبرزاً دور المرأة في الحياة الوطنية بصورة المناضلة جميلة بوحيرد.
وهنالك أيضاً مسلسل «ذاكرة الجسد» 2010 المأخوذ عن رواية تحمل العنوان نفسه للروائية الجزائرية أحلام مستنغانمي من إعداد سيناريو وحوار ريم حنا وإخراج نجدة إسماعيل أنزور، حيث يتحدث العمل عن رسام اسمه «خالد» فقد ذراعه في أثناء الحرب التحريرية الكبرى ضد الاستعمار الفرنسي، ويقع في غرام فتاة جميلة، هي ابنة مناضل جزائري.