| منذر عيد
من الخيانة أن نأتي على ذكر حركات التحرر العالمية؛ وفصائل وقوى المقاومة العربية؛ وأن نتحدث عن حزب اللـه وما فعله من بطولات في دعم سورية في مواجهة الإرهاب؛ وفي إسناده لقطاع غزة والقضية الفلسطينية؛ دون الوقوف ولو بالقليل من الكلمات عند أمينه العام الشهيد حسن نصر الله؛ وبأن استشهاده وإن كان متوقعاً، إلا أنه كان زلزالاً أفقد الكثيرين حلاوة طعم أي انتصار على العدو الصهيوني في غيابه.
رحل السيد جسداً إلا أن إرثه وفكره ونهجه تجذر في عقول وقلوب جيل المقاومة الجديد، رحل إلا أن الرجال العظام الذين هم بحجم قضية عادلة لا يموتون بل يبقون أحياء في ضمائر الأحرار حول العالم؛ حال تشي غيفارا ونيلسون مانديلا، حيث تحولوا من أسطورة في حياتهم إلى حقيقة ونهج ومدرسة بعد رحيلهم، وليتحولوا كالنجوم حين تموت بانفجارها إلى كواكب وإجرام تنير سماء المريدين؛ وهكذا فإن السيد حسن بحجم قضية.. والقضايا العادلة لا تموت.
على طريق القدس، وإسناداً للمقاومة الفلسطينية وأهل غزة؛ أعلنها الشهيد نصر اللـه في اليوم التالي لعملية «طوفان الأقصى»، فكانت معركة نصرة للحق في وجه الظلم والاحتلال؛ وأعلنها مراراً وتكرراً بأن إسناد غزة لن يتوقف ما لم يتوقف العدوان الصهيوني على القطاع وسكانه؛ إعلان وتأكيد كانا بمنزلة الوصية وخريطة طريق للقادم من الأيام؛ وهو ما انعكس بشكل واضح في تأكيد نائب الأمين العام لحزب اللـه نعيم قاسم بقوله في كلمة له أول من أمس «على الرغم من فقدان عدد من القادة والاعتداءات على المدنيين والتضحيات الكبيرة، لن نتزحزح قيد أنملة عن مواقفنا، وستواصل المقاومة مساندة غزة وفلسطين ودفاعاً عن لبنان وشعبه»؛ مضيفاً «إننا واثقون بكم يا أهل التضحية؛ فنحن في مركب واحد، وسنفوز كما فزنا في العام 2006، وسنملأ القيادات والمراكز بشكل ثابت، ومنظومة القيادة مستمرة بكل ما أسّسه نصر اللـه فضلاً عن الخطط البديلة».
في أعقاب اغتيال العدو الصهيوني الأمين العام السابق للحزب عباس موسوي في السابع عشر من شباط عام 1992 عنونت بعض الصحف الإسرائيلية في تحليلاتها: «انتهى عهد الصراع مع حزب اللـه في الملعب المريح له»؛ واليوم يظن رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو أنه باغتيال نصر اللـه قد استطاع الإجهاز على الحزب؛ ولذلك أقدم بنشوة منتصر واهم على الدخول براً إلى جنوب لبنان معقل المقاومة، لتدمير بنيتها التحتية وإبعادها إلى ما خلف نهر الليطاني؛ متناسياً وادي حجير عام 2006 وما حل بفخر صناعة الكيان العسكرية «الميركافا»؛ وما أعلنه الشهيد في تموز الماضي بقوله: «إذا جاءت دباباتكم إلى لبنان وجنوبه فلن تعانوا نقصاً في الدبابات لأنه لن تبقى لكم دبابات»، ومن المؤكد أن السيد كان يتقصد ويعي ما يقول.
من المؤكد أن إقدام نتنياهو على شن عدوان بري على لبنان لم يكن اليوم إلا بضوء أميركي أخضر؛ وبمشاركة فعلية وعملياتية من الجيش الأميركي، إلا أن تلك الخطوة الإجرامية الإرعابية ليست سوى حماقة من كلا الطرفين؛ وبأن قرار نتنياهو يشبه كثيراً لاعب القمار الذي ينتشي من أول وثاني ربح يحصده من على طاولة المقامرة؛ والتي غالباً ما يكون ربحاً يجر به إلى المقامرة بكل ما يملك ليخسر في نهاية جلسة المقامرة.
أيام قاسية، والحدث برحيل السيد جلل لكن الفعل في الميدان، لم ينكسر كما يعتقد ويروج له الاحتلال الصهيوني؛ ويتمناه البعض المتصهين؛ وجميع ما يمني العدو به النفس مجرد وهم؛ والحقيقة أنك أيها السيد الشهيد يقين وهم سراب؛ وما قلته مراراً وتكرراً عن ثبات المقاومة؛ سوف نكون شهوداً على ترجمته في أرض الواقع، والساعات والميدان بيننا.