حفاوة أخوية
| ميشيل خياط
بدا مشهد آلاف اللبنانيين والسوريين وهم يجتازون الحدود اللبنانية السورية سيراً على الأقدام تحت الشمس الحارقة، يحملون أطفالهم الرضع أو الصغار وحقائبهم ومتاعهم، مؤثراً جداً صباح يوم الجمعة الماضي4 تشرين الأول الجاري، في أعقاب إغارة العدو الصهيوني على الطريق الدولي ما بين لبنان وسورية، على مقربة من المعبر الحدودي «المصنع» ضمن الأراضي اللبنانية، مضيفاً جريمة حرب جديدة إلى سلسلة جرائمه التي بدأها ضد قطاع غزة وجنوب لبنان منذ سنة، ووسع نطاقها وزاد من حدتها على جنوب لبنان بدءاً من 24 أيلول الماضي، وكانت سورية قد استقبلت حتى الثاني من هذا الشهر أكثر من ٨٢ ألف وافد لبناني وأكثر من ٢٢٦ ألف عائد سوري من معابرها الحدودية وأهمها معبر المصنع- جديدة يابوس- وقدر أحد المتابعين لحركة العبور عدد الوافدين من معبر المصنع يومياً بـ3953 وافداً «في المتوسط».
ويسعى عدونا من وراء فعلته تلك، إلى جانب إيذاء المواطنين العزل بحقد جنوني، أن يحاصر لبنان ويغلق في وجهه الشريان الكبير المغذي لحياته الاقتصادية والاجتماعية، ومنفذه البري الوحيد على العالم عبر سورية.
إن من تابع صور النازحين اللبنانيين، وهم يفترشون الحدائق العامة في بيروت، يدرك أن العدو الصهيوني يجعل من الناس المنكوبين بجرائمه، ورقة ضغط على الحكومة اللبنانية والمقاومة البطولية لحزب الله.
وهنا بالذات تتبدى الأهمية الفائقة للاحتضان السوري الأخوي للوافدين اللبنانيين، ويتعمق يوماً إثر يوم هذا المسار.
وما من شك أن الحفاوة السورية بالوافدين اللبنانيين تشكل مساهمة كبرى في الدعم المادي والمعنوي للمقاومة اللبنانية الباسلة، التي تنزل أفدح الخسائر بالعدو الإسرائيلي، على جبهة جنوب لبنان.
وثمة وقائع تفقأ عيون عملاء إسرائيل الذين يبثون إشاعات مغرضة لتضليل المواطنين الأبرياء وتأخير وصولهم إلى سورية.
فلقد جهزت المحافظات السورية أماكن إيواء جيدة للوافدين ويتم استقبالهم على الحدود بفرق صحية تعطي أطفالهم اللقاحات وتقدم العيادات الصحية المتنقلة التابعة لوزارة الصحة أو جمعية تنظيم الأسرة السورية، الخدمات الإسعافية للمتعبين والمأزومين صحياً.
وتقود عدة جمعيات خيرية أعمال الإطعام بوساطة مطابخ كبرى، ففي ريف دمشق تم تفعيل 12 مطبخاً للمؤسسات الأهلية، لتقديم وجبات ساخنة مجانية للمقيمين في مراكز الإيواء وافتتح خط ساخن مع مشفيين حكوميين للأمراض النفسية في دمشق وحلب لتقديم المشورة.
وانتشرت على «الفيس بوك» لافتة أمام بسطة فرن لخبز التنور كتب عليها: الخبز مجاناً للأشقاء اللبنانيين «علماً أن ثمن الرغيف من هذا النوع من الخبز المميز بحبة البركة 3 آلاف ليرة سورية».
وتقدم المشافي السورية العلاج المجاني للأشقاء اللبنانيين وتطوع 40 طبيباً سورياً مختصاً للعمل في المشافي اللبنانية لمساعدتها في أدائها الراهن.
وفد إلى سورية في العام 2006 في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على جنوب لبنان، ستمئة ألف لبناني وكان لاحتضانهم الأخوي أكبر الأثر، في انتصار المقاومة اللبنانية على العدو الإسرائيلي آنذاك.
واضح أن إسرائيل تتخبط بسبب الخسائر الفادحة التي منيت بها على يد المقاومة الفلسطينية في غزة والمقاومة اللبنانية في جنوب لبنان «استناداً إلى الإعلام الإسرائيلي أطلق حزب اللـه عشرة آلاف صاروخ وقذيفة على الكيان الصهيوني خلال عام، ومؤخراً أعطبت إيران قواعد جوية لإسرائيل.
وتشهد أرض جنوب لبنان بسالة نادرة وتوقع دماراً هائلاً في صفوف العدو.
أمطر حزب اللـه إسرائيل بـ250 صاروخاً في يوم واحد «2/10» وتتجاهل إسرائيل نتائج هذا القصف وكأنه ورد ينثر على قبور موتاها…!
إن هذا التكتم الشديد والاستبدادي على خسائرها يفسر كبر هذه الخسائر، وسر إصرارها على التحرش بسورية والتمادي في استفزازها لجرها إلى حرب تخدم عملاءها الإرهابيين.
إن أعظم خدمة قومية ووطنية تقدمها سورية انتصاراً للحق العربي وسنداً للمقاومة اللبنانية الباسلة، أن تعمق رسمياً وشعبياً نهج الحفاوة الرائع بالوافدين اللبنانيين والعائدين السوريين.